أعاني من الاكتئاب، والخوف من النزول للشارع فما العلاج؟

0 191

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب أرسلت لكم استشارة سابقة منذ 4 سنوات، حيث كنت أعاني من التوتر والقلق والمخاوف الشديدة، فذهبت للطبيب النفسي، وأخذت سيدو برام لمدة أسبوع، وتحسنت عندما أخذته أكثر من أسبوع.

تحسنت مع الوقت دون أخذ الأدوية، ولكن المشكلة حاليا بعد أن توفقت عن الدراسة، حدثت مشاجرة بيني وبين أخواتي، حيث غضبت بشدة في ذلك الوقت، وبعدها شعرت بالاكتئاب، وما زالت تلك الحالة معي منذ أسبوع.

أشعر بتعب وكسل، وعدم تركيز، ورغبة دائمة في النوم، وسرعة في دقات القلب، وأشعر كأنني آلة دون إحساس ولا مشاعر، والخوف من النزول للشارع بعض الشيء، والرغبة الشديدة لشرب الماء الكثير، وأشعر بصعوبة بلع الريق، وتلعثم في الكلام، فما تفسيركم لتلك الأعراض؟ وهل عادت لي الحالة السابقة؟ حيث كنت في صحة جيدة جدا، ولكنني الآن أشعر بالأعراض التي كنت أمر بها قبل أربع سنوات، فلا أتحدث مع أي شخص، ففي السابق كان لدي حماس كبير، وأتحدث بطلاقة.

قرأت في إحدى المرات أن الغضب الشديد قد يؤثر جدا على الهرمونات داخل الجسم، فما مدى صحة ذلك؟ وهل ما أشعر به الآن من أعراض شيء عارض أم سيستمر؟ وهل ستزول حالة الخوف للنزول للشارع؟ وهل من الممكن أن يكون ذلك نوعا من الحسد، أم حالة نفسية؟

أفيدوني، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mohmed حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

اطلعت على رسالتك، وفي البداية أقول لك: الأمر لا علاقة له بالحسد، ونحن نؤمن أن الحسد موجود، والمؤمن يجب أن يحصن نفسه بتقوى الله، ونؤمن أن للإنسان معقبات من بين يديه، ومن خلفه يحفظونه من أمر الله، وأن لكل نفس عليها حافظ، وأن العين حق، ولو سبق شيء القدر لسبقته العين، وكل ذلك لا يحدث إلا -بإذن الله-، {وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله}، ويجب علينا أن نلتزم بالمعوذات الثلاث، وغيرها من الآيات والأدعية التي تعصمنا من ذلك.

أيها -الفاضل الكريم-: حالتك هي حالة نفسية بحتة، أعتقد أنه في الأصل لديك شخصية لا أقول هشة، لكن تحمل بعض الجوانب القلقية والتوترية، وهي جزء من البناء النفسي التكويني، وربما الوراثي لك، وهذه -أخي- ليست حالة مرضية، هذه مجرد ظواهر أو صفات أو سمات تميز شخصيتك، -وإن شاء الله تعالى- الإنسان يتطور بمرور الأيام والسنين، ويتخلص من كل نواقصه النفسية، لأن النضوج النفسي يجعل الإنسان أكثر تكيفا مع وضعه.

نوبة الاكتئاب البسيطة التي أتتك، يظهر أنها كانت بسيطة جدا، لأن العلاج بالأدوية لمدة أسبوع، أو حتى لمدة شهر لا يكفي أبدا لعلاج حالة الاكتئاب الحقيقي، وبالنسبة لانفعالاتك وتشاجرك مع إخوتك: هذا طبعا أمر مرفوض، وأنا أعتقد أن ما أتاك من تعب وشعور بالاكتئاب كان نوعا من الشعور بالذنب، وهذا أمر طيب أنك قد حاسبت نفسك، وأن هذا الذي حدث يجب ألا يحدث، حتى وإن كانوا هم المبادرين بالخطأ في حقك، والغضب قطعا يشعل فورات داخل الإنسان، بعضها كيميائي، بعضها فسيولوجي، تجعل الإنسان يفتقد تركيزه، ويفتقد الكثير من السمات الإنسانية الطيبة، والغضب يجب ألا يكون منهجك -أخي الكريم- الإنسان يجب أن يكون صابرا، يجب أن يكون أريحيا، يجب أن يكون دائما يتعامل بمكارم الأخلاق، وأن يضع نفسه مكان الآخرين إذ هم غضبوا في وجهه، أو حصل منهم انفعال لا يقبله منهم، والتعبير عن النفس يساعد في علاج الغضب، أن لا يكتم الإنسان، وأن تكثر من الاستغفار، وأن تطبق ما ورد في السنة النبوية المطهرة حول الغضب، هذا -أخي الكريم- يفيدك.

وبالنسبة للتركيز: قطعا التوتر والقلق يزيد منه، وأعتقد أنك محتاج لتنظيم حياتك بصورة أفضل: أن تنظم وقتك، أن يكون لك أهداف، تسعى لتحقيقها، يجب أن تسخر كل طاقاتك النفسية في هذا الاتجاه، والغضب نفسه يمكن أن يحول إلى غضب إيجابي، القلق يمكن أن يحول إلى قلق إيجابي، وهذا ممكن جدا، وعليك بالتواصل الاجتماعي المفيد والجيد، الرياضة يجب أن تمارسها باستمرار، فكل أعراضك هي أعراض نفسو جسدية قلقية، خاصة التي ذكرتها في ختام رسالتك.

ويا -أخي الكريم-: من الأفضل أيضا أن تجري فحوصات طبية عامة، أنا لا أعتقد أن لديك مرض عضوي، لكن دائما الفحص الطبي مهم، للتأكد من مستوى السكر، مستوى الهيموجلوبين، وظائف الغدة الدرقية، ووظائف الكبد، والكلى، الدهنيات، فيتامين (د)، فيتامين (ب12)، هذه أساسيات فحصية نقول للناس يجب أن تجروها، حتى وإن كانت حالتكم هي حالة نفسية مائة بالمائة.

أخي الكريم: بعد أن تكمل الفحوصات هنالك دواء بسيط جدا مضاد للقلق التوتري اسمه (دوجماتيل)، ويسمى علميا (سلبرايد)، وهو متوفر في مصر وزهيد الثمن، هذا الدواء تستعمله بجرعة خمسين مليجراما صباحا ومساء لمدة شهرين، ثم خمسين مليجراما صباحا لمدة شهرين، ثم تتوقف عنه، -إن شاء الله تعالى- سوف يساعدك في الغضب وفي التوترات، لكن لا بد أن تطبق ما ذكرته لك من إرشاد وتوجيه، فهو أساس التأهيل والتغيير النفسي الإيجابي -إن شاء الله تعالى-.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات