السؤال
السلام عليكم
عمري 17 سنة، أحفظ القرآن كاملا، وأشعر أن الحياة لم تعد تهمني، ولم أعد أضحك كثيرا حتى مع أصدقائي، وأجد صعوبة في التعامل مع الناس، أشعر وكأن الجميع ينظرون إلي، ولا أستطيع الكلام مع والدي والمدرسين، وأشعر بضيق عند الذهاب إلى حلقة التحفيظ أو المدرسة، وأفكر فيما سأفعله.
لم أعد أتكلم مع أصدقائي كما كنت، ربما يكون هذا بسبب صديق لي ملتزم ويحبه الناس كثيرا، ويجيد التعامل معهم، لكني تخطيت هذه المرحلة.
لا أعلم ماذا أفعل حتى في وقت فراغي؟ بل كل وقتي فراغ، لا أفعل فيه شيئا، و-الحمد لله- أنا محافظ على الصلاة وكذلك السنن الرواتب، ولكن تبقى مشكلتي مع نفسي ومع الناس.
كنت قد قرأت عن الوسواس القهري، وظننت أني مصاب به، وفكرت ربما أني لا أثق في نفسي، وربما أني مصاب بمرض نفسي، أو عندي بعض المفاهيم الخاطئة منذ الصغر ولم أقدر على التخلص منها.
تغيرت حياتي وتفكيري منذ أن نقلت من المدرسة، ربما يكون بسبب تفكيري السلبي، لكن ما هو الحل؟ في بعض الأحيان أسأل نفسي ما هو هدفي في الحياة؟
أعطوني حلا يريحني ويريح قلبي، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ المقري حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على التواصل معنا والكتابة إلينا بما في نفسك، ومن الواضح أنك تعاني من كل هذا، أعانك الله وشرح صدرك، وكم يسرنا أن نتلقى سؤالا من شاب بعمرك ممن أنعم الله عليه بحفظ كتاب الله، وبالتزامه بالصلاة وغيرها من العبادات.
أنت في السابعة عشر من العمر، أي في المراحل المتقدمة من فترة المراهقة، وتتسم هذه الفترة بشكل عام بأنها الفترة الثالثة وهي الفترة الاجتماعية، فالمرحلة الأولى كانت مرحلة النمو الجسمي أو البدني، ومن ثم الثانية كانت مرحلة النمو النفسي، والآن أنت في المرحلة الثالثة للنمو الاجتماعي. وهنا في هذا المرحلة يبدأ الشاب يبحث عن موطن قدم له بين الناس، ويبدأ يسأل نفسه الأسئلة الفلسفية الكبيرة عن معنى الحياة وهدفها، ويبدأ الشاب اليافع يبحث له عن هدف ما لحياته، وبذلك قد يشعر بما تشعر به الآن.
فإذا وكما تلاحظ أن ما تمر به، ولحد كبير، إنما هي مرحلة عابرة وطبيعية، وإن كانت ملامحها ومدتها تختلف من شاب لآخر ولاعتبارات متعددة، وكما خرج الكثير من الشباب من قبلك من هذه المرحلة فأنت أيضا ستخرج -بإذن الله- من هذه المرحلة، وتدخل في المرحلة التالية حيث تشعر بمكانتك ودورك في المجتمع.
ونصيحتي عادة للشباب هنا، ألا يبالغ الواحد منهم في البحث عن إجابات هذه الأسئلة، فكثير منها ستأتي إليه وبشكل طبيعي متقبل، ولكن في حينها وعندما يهتدي الشاب للأجوبة التي يرتاح لها.
ومما سيعينك كثيرا أن تعيد النظر في نمط حياتك اليومي، فأنت -ما شاء الله- محافظ على صلاتك والتزامك، فهذا شيء طيب، ولكن حاول أن تتأكد من أن الجوانب الأخرى من حياتك أيضا طيبة، كساعات النوم المناسبة، والتغذية الصحية، وممارسة الأنشطة الرياضية والترفيهية التي ترتاح لها، ولا ننس الدور الكبير للصداقات والعلاقات الاجتماعية، فكل هذا يعطيك غير قليل من الدافعية والحماس نحو نفسك والناس والحياة عموما.
وفقك الله، وشرح صدرك للحماس والعطاء.