السؤال
السلام عليكم.
إخواني وأخواتي في موقع إسلام ويب: أضع بين أيديكم مشكلتي راجيا من الله أن أجد حدا لمشكلتي اللتين أخرتا الكثير من تقدمي نحو مستقبلي، وأضاعتا علي الكثير من الفرص، فأنا شاب عمري 28 عاما، أعاني من مشكلتين:
أولا: أشعر بأنني إنسان ممل, فلا أجد ما أتحدث عنه إذا كنت جالسا مع شخص ما, وحتى إن فتح الشخص المقابل موضوعا فبسببي يكون موضوعا مختصرا، وتعود الجلسة بيني وبينه هادئة, فأشعر أن الشخص الجالس أمامي بدأ يشعر أنني إنسان ممل, والغريب في الأمر أن هذا لا يحدث إذا كانت الجلسة يتواجد بها 3 أشخاص فما فوق, حينها يكون الأمر أسهل علي، وأسترسل في الكلام، وحتى أبدأ بمناقشة موضوع ما.
ثانيا: أنني لا أستطيع النظر في عين شخص ما أثناء حديثي معه، حيث أشعر وكأنني أحدق في عينيه، وأبدأ بصرف نظري إلى جهة أو الانشغال بأي شيء آخر، وهذا يحدث حتى في حالة وجود أكثر من شخص.
ولا يخفى عليكم أن الناس أيضا تتجنب النظر إلي كذلك بسبب هذا الموضوع، وأريد ان أكون محور اهتمام الآخرين، ولكن هاتين المشكلتين تمنعانني من بناء علاقات حتى مع زملائي في العمل.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ yasser حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على التواصل معنا والكتابة إلينا.
كثيرا ما يسجن الواحد منا نفسه في أفكار ومعتقدات عن نفسه بأنه مثلا: ممل، أو أنه يتحلى بصفات معينة، أو أنه ضعيف الثقة في نفسه، أو أنه شديد الحساسية، وتأتي عادة هذه الأفكار من مواقف الناس منا، ومن كلامهم عنا، وخاصة في طفولتنا، فقد يقولون عنا مثلا: أن عندنا خجلا، أو مللا، أو ترددا، أو حساسية، أو ضعف الثقة في النفس، فإذا بنا نحمل هذه الأفكار والمعتقدات على أنها مسلمات غير قابلة للتغيير أو التعديل، وقد تمر سنوات وسنوات قبل أن نكتشف بأننا ظلمنا أنفسنا بتقبل وحمل هذه الأفكار كل هذه السنين، والمؤسف أن الإنسان قد يعيش كل حياته ولا يحرر نفسه من هذه الأفكار!
لابد لك أيها الشاب السائل، وقبل أي شيء آخر أن تبدأ "بحب" هذه النفس التي بين جنبيك، وأن تتقبلها كما هي، فإذا لم تتقبلها أنت فكيف للآخرين أن يتقبلوها؟!
إن ما وصفت من قلة الكلام عندما تكون مع العدد القليل من الناس، وصعوبة النظر في عيني من تحدث، كلاهما من أعراض حالة من الارتباك أو الرهاب الاجتماعي، ولذلك فأنت تتجنب الحديث أو اللقاء بالناس، وهنا لب المشكلة، فالتجنب لا يحل هذه الصعوبة وإنما يزيدها ويقويها.
هل تعرضت في طفولتك لحدث أو بعض الأحداث الصادمة، مما يجعلك تشعر بالحساسية والارتباك بعض الشيء؟
مارس عملك بهمة ونشاط، وارع نفسك بكل جوانبها، وخاصة نمط الحياة من: التغذية والنوم والأنشطة الرياضية، وغيرها مما له علاقة بنمط الحياة، وأعط نفسك بعض الوقت لتبدأ بتقدير نفسك وشخصيتك، وبذلك ستشعر بأنك أصبحت أكثر إيجابية مع نفسك وشخصيتك وحياتك.
وبدل التجنب أو الهروب والانسحاب أقبل على الناس وتحدث معهم إذا شعرت بالحاجة للحديث، ولكن لا تجبر نفسك على الحديث، فالرسول الكريم يعلمنا أن يقول الواحد منا خيرا أو ليصمت، فالحديث وسيلة وليس غاية بحد ذاته.
لا أعتقد أنك تحتاج لمراجعة طبيب نفسي في هذه المرحلة، ومن المحتمل أن تخف عندك مثل هذه الحساسية وهذا الارتباك من تلقاء نفسه، وخاصة من خلال اقتحام المواقف التي ترتبك فيها كالحديث مع الناس والنظر في عيونهم، ولكن إذا طال الحال أو اشتدت أعراض ما تشعر به من أعراض فقد يفيد مراجعة أخصائي أو طبيب نفسي، من الممكن أن يقدم لك الإرشاد النفسي المطلوب.
وفقك الله ويسر أمرك.