أمي أصيبت بالنسيان، فهل تحتاج لعلاج نفسي أم لا؟ أفيدوني.

0 186

السؤال

السلام عليكم.

الدكتور الفاضل: محمد عبدالعليم، حفظك الله.

كلفت من صديق صيدلاني سوداني الجنسية بإرسال هذه الاستشارة، من عائلة سودانية حاولت التواصل معك أكثر من مرة دون جدوى.

نص الإستشارة: أمي سيدة كبيرة عمرها 65 سنة، كانت تعمل وتعول أسرتها، وتساند زوجها، وحياتها كلها مرتبطة بعملها في الخياطة، وكل صديقاتها من مجال عملها، تحب العمل جدا، علمتنا ودرستنا، طبعا أسرتنا مغتربة في دولة أخرى، وقبل سنتين ونصف توفي زوج أختي الكبيرة فجأة وأصيبت أمي بالصدمة، وخلال أسبوع سافرت لأختي وأمضيت معها شهرين، وقبل عودتها بأربعة أيام أصيب والدي بجلطة، ودخل العناية المركزة.

عادت من بلدنا، ولم تعرف إلا أنه مريض عندما وصلت للبيت، مر أسبوعان وأبي في العناية المركزة، وبعدها قررنا نحن وأعمامنا أن يرجع لبلدنا، لأن ظروف العلاج أفضل، وبالفعل خلال يومين سافرت أمي مع أبي وأخي، وكان حملا كبيرا، ومسؤولية ضخمة عليها، وخاصة أنها تركتنا أربع بنات في بلد فيها مشاكل سياسية، وخلال تلك الفترة تأزمت حالة والدي، وأصبح لا يستطيع قضاء حاجته بمفرده، وأصبحت لا تفارقه أبدا، وهي صابرة كانت دايما تقول حياتي هي شغلي.

قبل سنة توفيت جدتي، وكانت أمي مرتبطة بها جدا، ومنذ ذلك اليوم وحالتها متدهورة، تنسى كل شيء، تسأل عن هاتفها طوال اليوم، تكرر السؤال باستمرار، تتصل بنا وتسأل عن أشخاص ماتوا منذ مدة طويلة، حاليا لها أسبوعان في زيارة لنا، تقول أنها تريد سيارة لتذهب لأبي، مع العلم أنها استقلت طائرتين منفصلتين لتصل لنا، وتريد أن تزور جدتي لتنام عندها.

عائلة أمي لديها تاريخ بمرض الزهايمر، وجدتي كانت مصابة به قبل أن يتوفاها الله، لم نأخذها للطبيب لأن ذلك ليس بالأمر اليسير هنا، وهي لا تتناول أي أدوية، ولا تعاني من أي أمراض مزمنة، ولا تأكل إلا القليل، وقلقة باستمرار، والآن بعد أن اطمأنت علي أنا وأخواتي، تريد العودة لبلدنا، رغم انها لم تجلس معنا سوى اسبوع فقط، (أعطيتها أوميغا 3 خلال هذا الأسبوع)، فهل هي بحاجة للعلاج والأدوية؟ كلنا ثقة في استشارتك.

مع الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ السائل حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نرحب بك -أخي- في الشبكة الإسلامية، وجزاك الله خيرا على اهتمامك بأمر هذا الصديق الصيدلاني وعرض موضوع والدته، وبالفعل هذه السيدة عافاها الله وشفاها -كما تفضلت-، إن كانت إنسانة مثابرة ومنتجة، وفاعلة ومجتهدة كثيرا في الحياة، بعد ذلك تعرضت لأحداث حياتية متسلسلة، وقطعا كلها أحداث فيها شيء من الفقد والحزن، وهنالك دراسات عميقة جدا، وتجارب معملية تشير أن الأحداث الحياتية الشديدة حين تكون متوالية، قد تظهر أو تساعد على إبراز ضعف الذاكرة لدى بعض الأشخاص الذين أصلا لديهم القابلية للإصابة بمتلازمة الزهايمر.

فيا -أخي الكريم- هذه السيدة حفظها الله، من الواضح أن تراكم الأحداث الحياتية السلبية، قد عجل بظهور حالة الضعف الوجداني المعرفي الذي حدث لها، ومن المعروف أيضا أنه في بعض الحالات قد تؤدي الأحداث الحياتية السلبية المتتالية لظهور اكتئاب نفسي، خاصة لدى كبار السن، والاكتئاب النفسي يؤدي أيضا إلى ضعف في الذاكرة، لكنه ضعف من نوع معين، مثلا: إذا سأل الإنسان أي اليوم من أيام الأسبوع؟ لن يجيبك الإنسان الذي يعاني من الزهايمر، ولن يعطيك اسم يوم معين، أما الذي يعاني من الخرف الكاذب -كما نسميه-، والمصاحب للاكتئاب يقول لك لا أعرف، حتى وإن كان السؤال يسيرا، وهكذا، وتوجد فوارق كثيرة بين النوعين من اضطراب الذاكرة.

أيها الفاضل الكريم، طبعا الشيء المثالي لهذه السيدة أن تفحص وتقابل الطبيب إن كان ذلك ممكنا، وتجرى لها صورة مقطعية للدماغ، لأن الزهايمر له مؤشرات بسيطة نشاهدها في الدماغ، وفي الوقت ذاته قد تحتاج لفحص الدم، لتحديد مستوى فيتامين ب 12، فيتامين (د)، ومستوى هرمون الغدة الدرقية، لأن اضطراب هرمون الغدة الدرقية، وفيتامين ب 12 على وجه الخصوص، قد يؤدي لضعف الذاكرة.

الذي أنصح به، إذا كان بالإمكان تقديم هذه السيدة للأطباء طبيب أعصاب، أو طبيب نفسي هذا أفضل، وإن لم يكن ذلك ممكنا أعتقد أنه من الواجب أن تعطى فرصة لتناول أحد محسنات الذاكرة مثل: عقار إيبكسيا، والذي يعرف باسم ميماتيل، وهذا الأخصائي يعرف هذا الدواء، ويمكن أن تعطى أحد محسنات المزاج، لأنك ذكرت أنها أصبحت قلقة، وبهذا نكون -إن شاء الله تعالى- قد وجهنا النصيحة المطلوبة، وقطعا التعجيل بالعلاج قد يساعد حتى مرضى الزهايمر.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات