السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولا أود أن أشكركم على جهودكم بالموقع.
أنا فتاة أبلغ من العمر 20 سنة، طفولتي صعبة ومليئة بالعنف والخوف، كنت شخصية عنيفة خارج المنزل، أتشاجر كثيرا، وذلك حتى عمر 14 سنة، تغيرت كثيرا بعدها لأصبح فتاة لطيفة، ولكنني أعاني من المشاكل النفسية، كفقدان الثقة بالنفس، والخجل، والارتعاش كلما رأيت غريبا أو توترت قليلا، على الرغم من أنني أفكر بأن لا شيء يستدعي كل هذا الخوف، لكن جسدي يظل يرتعش بشكل لا إرادي وملحوظ، بالإضافة إلى المشاكل الأخرى.
تطورت حالتي مع الوقت، وصرت لا أستطيع النظر في عيون الناس، فأنا أشعر بأن عيني تغمز، وأخاف من فهم ذلك بشكل خاطئ، فأتكلم معهم وأتجنب النظر بأعينهم. تدهورت حالتي بعد وفاة والدي، لم أستطع نسيانه، أفكر فيه دائما، وأندم على كل لحظة فقدت فيها أعصابي، أحببت العزلة والجلوس وحيدة في غرفتي، أحب الظلام وأشعر بالراحة قليلا فيه، لا أزور أهلي، وأفقد السيطرة وأغضب بسهولة في المنزل، وأحيانا أبالغ بردة فعلي وبعد بضع دقائق من الغضب أهدأ وأطلب السماح.
علما أنني أشعر بالحزن والضيق، وأبكي بسهولة، وأشعر بأنني سلبية، وأنفر من كل شيء حتى أسرتي، وأعاني من التعب دون سبب، وفي الليل لا أنام بسهولة، أحيانا أستيقظ بمنتصف الليل وأنا مذعورة، وأشعر بالضيق في قلبي ولكن دون ألم، كأن الأمر متعلق بالروح، وأنها ستخرج، أشعر باقتراب الموت، وبعد بضع دقائق من التنفس أعود لطبيعتي.
آسفة جدا إذا لم أستطع أن أشرح لكم مشكلتي جيدا، لكنني حقا أتمنى أن تساعدوني فأنا حائرة، لا أدري هل أحتاج إلى راق شرعي أم إلى طبيب نفسي؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ آية حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، رسالتك واضحة جدا، ونسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لوالدك ولجميع موتى المسلمين.
أيتها الفاضلة الكريمة: حالتك بدأت كما تفضلت بشيء من الخجل، وما يمكن أن أسميه بالخوف الاجتماعي من الدرجة البسيطة، وبعد ذلك أصبحت تأتيك ما نسميه بالتأويلات الوسواسيه، وتعبيرك واضح في هذا السياق حين ذكرت أنك حين تنظرين في أعين الأشخاص تتجنبين ذلك؛ لأنك تشعرين أن عينك تغمز وتخافين أن يفسر ذلك خطأ، قطعا هذا نوع من التفسير والخوف الوسواسي، فأرجو أن تطمئني.
أصابك قطعا شيئا من الكآبة والكدر، لكنه -الحمد لله- تعالى ليس عميقا، فإذا من الناحية التشخيصية حالتك هي أنك لديك في الأصل مخاوف وسواسية وحدث لك ما نسميه بالاكتئاب النفسي الثانوي، هذا الحالات -إن شاء الله تعالى- تعالج معالجة ممتازة عن طريق أحد الأدوية الجيدة، الأدوية المحسنة للمزاج، وكذلك المضاد للخوف الوسواسي، وأنا أنصحك إلى أن تذهبي إلى طبيب نفسي هنالك عدة أدوية فاعلة في هذا السياق، منها دواء يسمى سبرالكس، واسمه العلمي استالبرام، ودواء آخر يسمى يسمى زيروكسات، واسمه العلمي باروكستين، ودواء ثالث يسمى زوالفت واسمه العلمي سيرترالين، كلها أدوية ممتازة فاعلة سليمة غير إدمانية.
وأنت قد تحتاجي إلى العلاج الدوائي من 3 إلى 6 أشهر، أنت قطعا تحتاجين لدواء واحد وليس لكل هذه الأدوية وهي مقترح مني، والطبيب سوف يقرر ما هو الدواء الأنسب بالنسبة لك، فإذا اذهبي إلى الطبيب النفسي هذا في المقام الأول. وأيضا إذا كان هنالك راق شرعي يوثق به فهذا قطعا أمر مطلوب، وإن لم يوجد من تثقين به ارقي نفسك أو استفيدي من الرقية الموجودة على الإنترنت، على اليوتيوب توجد -الحمد لله- تعالى تسجيلات رائعة جدا مثل الرقية التي سجلها الشيخ محمد جبريل، فالأمر -إن شاء الله تعالى- بسيط.
من جانبك تجاهلي هذه الأعراض وكوني أكثر ثقة في نفسك، و-إن شاء الله تعالى- بعد تناول العلاج الدوائي سوف تحسين أن تغيرا كبيرا إيجابيا قد حدث في حياتك، ولا بد أن تنظري للمستقبل برؤية إيجابية ثاقبة، ومن أهم ما ننصح به هو أن يوظف الإنسان حياته، أن يجعلها قوية أن يجعلها إيجابية، أن يكتسب المهارات مهما كانت الأعراض النفسية الموجودة فمن خلال تطوير المهارات وتطوير الذات يتغلب الإنسان على أعراضه، وفي نفس الوقت يعيش حياة إيجابية طيبة نافعة لنفسه ولغيره.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا.