السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله كل خير على ما تقدمونه في هذا الموقع.
أنا شاب طولي 156 سم، علما أن إخوتي الذكور أطول مني قامة، وخطبت فتاة طولها 150 سم، وإخوتها أطول منها بمتوسط 170 سم، فهل بزواجي حكمت على أبنائي بقصر القامة؟
الفتاة التي خطبتها ذات دين وخلق وتربية وتعليم، لكن قصر القامة يؤرقني، لأني عانيت منه، وسبب لي الإحراج، خاصة في عملي، ولدرجة أني راجعت طبيبا نفسيا.
أعلم أن الشخص ليس بشكله، لكن لا أريد أن يعاني أبنائي من هذه المشكلة، وأعلم أن صفات خطيبتي نادرة في بيئتنا، ولا أريد أن أظلمها، فإنه خطئي وليس خطؤها أني تقدمت لها.
أرجو منكم النصح لأني في صراع داخلي ومحبط.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
صفة الطول صفة وراثية تنتقل من الآباء والأجداد إلى الأبناء والأحفاد، وكثيرا ما نجد طفرات في صفة الطول، أي أن الصفة تنتقل من الجد إلى الابن وتتخطى طول الأب، وعموما لا يعيب الشخص قصر طوله أو سمرة بشرته، ولا يميزه عن غيره طوله وبياض بشرته ونعومة شعره، ولكن يعيبه التصرفات والأعمال، وفي الحديث روى مسلم في صحيحه (عن أبى هريرة قال، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم .
ولذلك قد يتنوع طول الأبناء، وقد يزيد طول الذكور أكثر من متوسط طول الأب والأم بحوالي 13 سم، أي أكثر من 165 سم، والعبرة في الزواج الخلق الحسن والنبت الطيب، وليس الطول والقصر، فلا تجعل للفضوليين والمتطفلين من البشر تأثيرا على حياتك، وثق أن عطاء الله لك هو خير.
عموما زواجك من فتاة أقصر منك قليلا أفضل ألف مرة من فتاة أطول منك، وقد تجد ساعتها من يسخر منك ثانية حين تمشون سويا في الأماكن العامة، بخلاف أنك قد لا تجد كل الفضائل الطيبة فيمن ترغب من الفتيات الطوال، فلا تغدر بمن أحبتك وقبلت الزواج بك حتى لا تندم بعد ذلك.
وفقك الله لما فيه الخير.
-----------------------------------------
انتهت إجابة: د. عطية إبراهيم محمد -استشاري طب عام وجراحة وأطفال-،
وتليها إجابة: د. عقيل المقطري - مستشار العلاقات الأسرية والتربوية-.
----------------------------------------
مرحبا بك -أخي الكريم- في الشبكة الإسلامية، وردا على استشارتك أقول:
لا يلزم أن يكون جميع أفراد العائلة بنفس اللون أو نفس الطول، بل تجد تفاوتا بين الإخوة والأخوات في ذلك، فبعضهم يطلع لأبيه، وبعضهم لأمه، والبعض الآخر ينزعه عرق لأخواله، وآخرون ينزعهم عرق لأبعد جد في لونه أو طوله وهكذا، وكل ذلك جار وفق تقدير الله تعالى، وما على المؤمن إلا التسليم والرضا بقضاء الله وقدره.
كونك خطبت فتاة أقصر منك بستة سنتيمترات لا يلزم منه أن يكون أبناؤك قصار القامة، وليس لطول الزوجة كبير تدخل في الأمر، فقد تكون طويلة وينزع الأبناء إليك، والعكس فقد تكون الزوجة قصيرة فينزعون إلى أخوالهم أو أعمامهم وجدهم، وهلم جرا، ثم إن الفارق بينكما قليل وليس كثيرا.
أعرف رجلا طوله 165 وزوجته كذلك، غير أن أبناءه نزعوا لأخوالهم فبعضهم بلغ طوله 190 وبعضهم 185 وبعضهم 175 بخلاف البنات، فإنهن بنفس طول أمهن وأبيهن، فالمسألة ليست بالضرورة أن ينزع الأبناء لأبيهم أو أمهم.
ما ذنب هذه الفتاة أن تنجرح مشاعرها بمثل هذا السبب، فمثلها يحرص عليها ولا يفرط فيها، فأنصحك أن تتوكل على الله، وعليك أن تعمل بالأسباب التي تساعد أطفالك على النمو الجيد قبل ولادتهم، وبعدها ولن يكون إلا ما قدره الله تعالى.
الإنسان لا يعاب بطول قامته ولا بقصرها، لأن المعيار هو السلوك والإيمان والتقوى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، ولأن قيمة كل إنسان ما يتقنه ويحسنه، كما قال علي -رضي الله عنه- (قيمة كل امرئ ما يحسن).
احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وكن متوكلا على الله في كل أمورك.
صل صلاة الاستخارة وادع بالدعاء المأثور، وتوكل على ربك، فإن تمت أمورك بخير فهذا دليل أن الله اختار هذه الفتاة لتكون زوجة لك، وإن تعسرت فهذا يعني أن الله صرفها عنك وصرفك عنها، وكن على يقين أن اختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه.
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يوفقك لما يحبه ويرضاه، وأن يرزقك الذرية الصالحة التي تقر بها عينك.