السؤال
السلام عليكم..
إلى الدكتور الفاضل ـ حفظه الله ـ عندما فتحت هذا الموقع لم يخطر ببالي ولو للحظة أن أحدا سيعبأ بكلماتي التي كتبتها لكم، وكم كنت سعيدة حين تلقيت هذا الرد! حماك الله وأسكنك الجنة على هذا النصح الغالي، والله لو تعرف كم غير رأيك في مسار حياتي ـ يا سيدي ـ والله لقد دعوت لك في ظهر الغيب أن يرحمك الله ويدخلك الجنة.
أحب أن أضيف إليك بعض التفاصيل البسيطة؛ علك تسمعني:
أنا من فلسطين، وبالتحديد من حدود فلسطين، من غزة، من حي الشجاعية، علك سمعت عنه أو حتى عن المجازر التي تحدث به، أنا ـ يا والدي، واسمح لي أن أناديك بها ـ تربيت يتيمة الأب منذ أن وعيت على هذه الدنيا، وبالطبع أمي المسكينة حملت على عاتقها تربية عشرة أبناء، أخي الأكبر -بعون الله- جعلته محاسبا، وهو الآن متوظف وناجح في عمله، والآخر يعمل سائقا، والأصغر مهندس، وأختاي: مدرسة علوم، ومحاسبة، ومن ثم أنا.
ولا أريد أن أكون أنا فاشلة؛ لذلك هي من جهة لا تريد أن تضغط علي، ومن جهة أخرى تريدني أن أنجح؛ لذلك لم أرد أن أكون أنا من يخيب أملها؛ لذلك -يا والدي- أريد حقا نصحك لحياتي؛ لأني حقا أريد أن أدرس أعلى الكليات لأرفع رأسها أولا، ولأني أحب لقب (باش مهندسة)، وأخيرا لأن كبريائي يمنعني أن أتخلى عن أعلى الكليات، خاصة وأني في الثانوية حصلت على امتياز وبتفوق، حقا لا أدري ماذا أفعل؟؟ أشر علي -يا والدي- بنصحك، والله كأني أتخيل أبي من هناك ينصحني ويدلني إلى الطريق، بارك الله فيك، أرجوك لا تطل علي بالرد.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ مها حفظها الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.
فشكرا لك على ثقتك في هذا الموقع وفي القائمين عليه، وتأكدي بأننا نستمع لأنين إخواننا ونتألم لجراحهم ونضع أنفسنا في مكان الآباء والإخوان، ولا عجب فإن المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.
وأرجو أن تبلغي تحياتي وإعجابي ودعائي لهذه الأم التي صبرت وصابرت وربت فأحسنت، وأحيي عبرها المرأة الفلسطينية على صمودها وصبرها، وهكذا يفعل الإيمان حين تخالج بشاشته القلوب، والمرأة المسلمة هي نصف المجتمع، وعلى يدها يتربى النصف الآخر، وهي التي تخرج على يدها البخاري والنووي والشافعي والأوزاعي الذي قيل عن أمه: (لقد عجز الملوك والحكماء أن يربوا أولادهم مثل تربيتها للأوزاعي).
ولن تفشلي – بإذن الله – لأنك تنتسبين لهذا التاريخ العظيم، وتعيشين مع هذه الأم العظيمة المصابرة، وحتى يستمر كل النجاح والتوفيق نوصيك بما يلي:-
1- تقوى الله وطاعته؛ فإنه من يتق الله يجعل له من أمره يسرا.
2- الإخلاص في الدعاء والتوجه إلى من بيده ملكوت كل شيء.
3- تجنبي المعاصي؛ فإنها سبب كل خذلان وشر، وأحسن من قال:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي *** فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقال أعلم بأن العلم نور *** ونور الله لا يهدى لعاصي
4- احرصي على طاعة هذه الوالدة وأرجو أن تفوزي بخالص دعواتها.
5- تذكري أن شكر النعمة يضمن بقائها ويتسبب في زيادتها.
6- لا مانع من طلب المعالي دون غرور أو عجب، ولا رفعة بدون التقوى والخوف من الله.
ولو كان في العلم دون التقى شرف *** لكان أشرف خلق الله إبليس.
7- تذكري أن الله في عون العبد ما دام العبد في عون إخوانه، فكوني عونا للضعيف واشغلي نفسك بقضاء حاجة المحتاج ثم استبشري بتوفيق الكريم الفتاح سبحانه.
والله ولي التوفيق والسداد.