السؤال
السلام عليكم
لدي مشكلة معقدة، حيث إني رجل في الثلاثينات من العمر، وصاحب شهوة جنسية عالية، ويعتبر هذا الجانب نقطة ضعفي الوحيدة في شخصيتي وتديني.
لله الحمد، أصلي كل فروضي، ولي ورد من القرآن، وأحافظ على أذكار الصباح والمساء، ودائم الذكر والاستغفار، وأقوم بكل ما أستطيع لأرضي الله سبحانه وتعالى، وأصل إلى الجنة وأنجو من النار.
أنعم الله علي وحقق لي رغبتي في أن أسافر للعمل خارج بلدي، فسافرت إلى المملكة العربية السعودية، لكن سرعان ما آلمتني شهوتي، وألحت علي كثيرا.
لقد فعلت كل شيء لكي أسيطر عليها، فقللت طعامي، ومارست الرياضة، وابتعدت عن كل أنواع الفتن من تلفزيون وإنترنت، لكنها ما زالت تلح علي، فصمت واستغفرت، وتوددت إلى ربي لكي يساعدني ويأخذ بيدي، لكنها تهدأ وتعاودني مرة أخرى، وقد مر علي العام الأول، فلا أجد سبيلا لحل هذه المشكلة، حيث إن الموضوع تطور، لدرجة أني قد أرى يد امرأة أو أسمع صوت امرأة بالتليفون، (بحكم أن عملي بمطعم) فتتحرك مشاعري وأستثار.
أشيروا علي، هل أرجع لبلدي وأصون نفسي مع زوجتي أم أحاول الزواج بأخرى في هذا البلد، أم ماذا؟
وشكرا، وجزاكم الله عنا خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Gabr حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول: من فضل الله عليك أن رزقك الاستقامة على دينه، ولعلك ما اغتربت عن بلدك إلا للحاجة الملحة لطلب الرزق، أو لتحقيق هدف معين، ومن ثم العودة إلى بلدك.
لقد ركبت الشهوة في الإنسان من باب الابتلاء والاختبار، وجعل الله أسبابا لكبح تلك الشهوة، منها الصوم، كما قال عليه الصلاة والسلام: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)، ومنها غض البصر (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ۚ ذٰلك أزكىٰ لهم ۗ إن الله خبير بما يصنعون).
كذلك منها تذكر إثم النظر إلى مفاتن المرأة، كما قال عليه الصلاة والسلام: (يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإن الأولى لك والثانية عليك)، ومنها تذكر مراقبة الله تعالى للعبد، (الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين)، وتذكر أن الملكين لا يفارقان الإنسان، يكتبان جميع تصرفاته، كما قال تعالى: (وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون).
للشيطان النصيب الأكبر في تزيين مفاتن المرأة واستثارة الشهوة في الإنسان، وطرده يكون بالاستعاذة بالله منه، حين توارد الخواطر، والإكثار من ذكر الله.
عليك بتوثيق صلتك بالله والاجتهاد في تقوية إيمانك، من خلال أداء ما افترض الله عليك، والإكثار من النوافل مع التضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى أن يعصمك من الفتن، وعليك بدعاء (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك).
عود نفسك على صيام بعض الأيام كالاثنين والخميس، وابتعد عن تناول الأطعمة المهيجة للشهوة، وابتعد عن التعامل مع النساء قدر الإمكان.
إن كنت تستطيع استقدام أهلك فذلك خير من أن تتزوج بأخرى، لأنك لن تستطيع أن توفق في الإنفاق على أسرتين، ولن تحقق الطموح الذي جئت من أجل تحقيقه.
إن لم تستطع استقدام أهلك وكانت فرص العمل في بلدك متوفرة بحيث تستطيع العيش مع أهلك، ولو بالحد الأدنى فعد إلى بلدك إن كنت تخشى الوقوع في المعصية.
الذي أتمناه أن تتصبر وتتجلد وتحرص على جمع ما تيسر من المال، ومن ثم تعود لبلدك لتقيم لنفسك مشروعا يدر عليك وعلى أسرتك بالمال الذي يجعلكم تعيشون عيشة لائقة.
بإمكانك ألا تطيل فترة الاغتراب عن أهلك، بحيث ترجع إلى بلدك نهاية كل عام، وأقول لك: احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، ولتكن صاحب عزيمة قوية في التحكم بنفسك.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لما يحبه ويرضاه، وأن يعصمك من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، إنه سميع مجيب.