السؤال
السلام عليكم
كنت أتكلم مع فتاة أكبر مني بشهرين، وتعلقت بها وأحببتها، وتقدم لها شاب، لكنها رفضته، أفكر فيها ولكن أعلم أن أسرتي لن تقبل بالأمر، وقد أغلقت الحساب حتى أفكر في الموضوع بشكل جيد.
صليت الاستخارة، ولم أشعر بشيء، وما زلت مترددا، صليت الاستخارة مرة أخرى، وقد كان لنا شقة عند مقاول، وطال الوقت في بنائها، وصباح اليوم الثاني بعد الاستخارة حدثتني أمي أنه قد أتم البناء، علما أن يجب أن أنتظر حتى تنخطب أختي أولا.
أنا متردد، أحيانا أشعر أن الفتاة تناسبني، وأحيانا أحس أنها غير مناسبة، علما أنها تعمل معي في نفس المكان.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بداية - أخي العزيز - لا ينبغي للشباب - الذكور والإناث وغيرهم خاصة - أن يتواصلوا فيما بينهم عن طريق الإيميل والرسائل العاطفية بما تتضمنها، ولا بد من عبارات المحبة والإعجاب وربما النظر المحرم والخضوع في القول ونحوه؛ كونهما في الشرع أجانب عن بعضهما كما هو معلوم.
وللحب والعلاقات في الإسلام ضوابط وحدود شرعية لا يجوز الاستهانة بها وتعديها، قال الله تعالى: (ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه). فكم جرت هذه الرسائل والوسائل غير المنضبطة بضوابط الشرع والحياء والعفة من بلاء وفتن لا تخفى.
لذا فعلى العاقل مثلك -حفظك الله- التوصل إلى الزواج الشرعي عبر وسائله الشرعية؛ منعا من ذريعة الوقوع في الفاحشة التي قد تجر إليها هذه الوسائل، ولذلك ربط تعالى بين النظر إلى المرأة الأجنبية بشهوة وفاحشة الزنا، بقوله تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون)، وقال تعالى: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض).
ولنحذر من خطوات الشيطان التي تغري صاحبها بالنية الحسنة، والتي ما تلبث حتى تفضي ببعضهم إلى نوايا سيئة، لا سيما مع انتشار الجهل والشهوات عبر وسائل الإعلام، وضعف الوازع الديني، والله المستعان.
واعلم أن العاطفة من الطرفين تجاه بعضهما البعض لا تستلزم المحبة الحقيقية؛ لأنها كثيرا ما تكون من باب الإعجاب بالصوت أو الصورة أو الانبهار المؤقت الذي يزول بعامل الوقت، ثم تتبعه متاعب نفسية لتعلق كليهما أو بعضهما بالآخر، ثم تتبعه قطيعة أو لا يتبعه زواج، كما أن من المعلوم أن المحبة – لو وجدت حقا – لا تستلزم أن تتبعها إرادة الزواج عند الكثيرين، لصعوبته كثيرا بل تعذره أحيانا بسبب عدم المعرفة التامة بينهما، اللازمة لتوثيق الصلة بينهما بروابط الزواج؛ كون الصلة بينهما عبر الرسائل والإيميل لا يفي في التعرف على دينها وأخلاقها وطباعها، ومن لهم صلة بها من أهل وأقارب، أو لصعوبة الظروف المادية، حيث لم تكتمل الدراسة، أو لم تتهيأ الوظيفة أو البيت أو المهر، أو القدرة على النفقة، أو بعد المسافة ونحوها من العوائق المعروفة.
أما وقد تم بينكما بعض التعارف، فإن رأيت انضباطها بالشرع والعفة، فإني أوصيك بالتأني والتريث في اتخاذ قرار الزواج منها، أو تعليقها بك، وإعاقتها عن قبول الأزواج، إلا بعد الاطمئنان الكامل والتعرف التام على دينها وأخلاقها، وتهيؤ ظروفك المادية والمعنوية كاملة، وبعد الدعاء والاستخارة والاستشارة حتى يشرح الله صدرك، وتطمئن أن فيه الخير والمصلحة والصواب، ثم مصارحتها من غير تأخير بموقفك الأخير في الزواج منها؛ منعا من زيادة لحوق الإضرار بها، والله الموفـق والمستعان.
أسأل الله تعالى أن يفرج همك، وينير عقلك ويشرح صدرك، ويطهر قلبك ويزكي نفسك، ويعينك على استقامة دينك وعفاف نفسك، وأن يلهمك الرشد والصواب في سـائر أمورك.