أعاني من التردد والتشاؤم طيلة حياتي، فكيف أتخلص من ذلك؟

0 181

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب حديث التخرج، أعاني طوال حياتي من التردد في اتخاذ القرار، والتشاؤم والقلق المستمر، وأغلب حياتي في عزلة.

وبالرغم من ذلك، فأنا مجتهد في دراستي، وإيجابي، ونشيط جدا مع الآخرين، أخطط لهم، وأنصحهم، وأساعدهم في اتخاذ قرارتهم وأهتم بهم.

التردد الذي أعاني منه، كنت أستطيع السيطرة عليه خلال المراحل الدراسية، لكن بعد التخرج فشلت تماما في السيطرة عليه، وضاعت مني عدة فرص مهمة في حياتي، كالدراسات العليا، أو الحصول على وظيفة، وأريد التخلص من تلك المتلازمة لكي أعيش بقية حياتي في توازن.

أرجو منكم المساعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ كريم حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا بما في نفسك، ومعذرة على التأخر بسبب الأسفار وأمور أخرى.

لا شك أن التردد أمر متعب، وكما ورد في رسالتك قد يفوت الفرص الكثيرة على الإنسان، فلابد من العمل على التخلص منه، أو التخفيف منه قدر الإمكان.

ولكن في الوقت ذاته، وقد يبدو هذا تناقضا، بأن التردد ليس كله سلبي، فكثير منه له فوائد كثيرة، وبحيث يصرف عنا أمرا سيئا ربما لم ندرك حقيقته في حينها، ولهذا الموضوع علاقة وثيقة بما نسميه الذكاء العاطفي، حيث يشعر الإنسان في أعماق نفسه، ولسبب غير واضح، يشعر بشيء ما يجعله ينفر من أمر معين، ويتردد ولا يدري سبب هذا النفور، ويقال عادة في تفسير هذا الأمر، أن الإنسان الذي يعرض عليه أمر ما، فإنه يستخدم ومن حيث لا يدري، وبشكل لا شعوري كل تجاربه السابقة، ومعلوماته كلها، في سبيل القيام بالاختيار الصحيح واتخاذ القرار، حيث تخدمه كل هذه التجارب والمعلومات السابقة، وبشكل سريع في اتخاذ قرار يشعر به في أعماقه، وإن لم يستطع تفسيره.

نعم، مما هو مطلوب منا أيضا أن نتعلم من تجاربنا السابقة، وبحيث نتعلم الإيجابيات والسلبيات، فنعزز الأولى ونبتعد، قدر الإمكان، عن الثانية، ومن الطبيعي أن تنزعج مما قد يحصل من فشل محاولات تجاوز التردد، فهذا أحيانا خارج سيطرة الإنسان.

طبعا قد لا يوجد شيء 100%، فملا من المستحيل أن نجد إنسانا لا يتردد أبدا، أو أن نجد إنسانا يتردد في كل شيء، ولكن يحاول الإنسان، وقدر المستطاع، اتخاذ القرار الأقرب للصواب.

ومما يمكن أن يعين على اتخاذ القرار وقلة التردد الأمور التالية:

الاستعانة بوجهة نظرة والديك، وأسرتك، ومن حولك، فهذا مفيد في كثير من الحالات، ولكن في النهاية أنت من سيقرر، وأحيانا يفيد تحديد وقت محدد لاتخاذ القرا، ومهما كان هذا القرار، وأن كان ما يقال أحيانا من أن لا قرار أفضل من قرار خاطىء، وهذا يتوقف على طبيعة الموقف الذي أمامنا.

إن ما يمكن أن تتخذيه من قرارات، سواء خاطئة أو صحيحة، إنما هي من اختيارنا، ففي الإسلام الإنسان مخير وليس مسير، وإنما ما يحدث في الحياة إنما هو بتوفيق الله تعالى لنا، ومن هنا كان الدعاء وكانت الاستخارة، وما صرفه الله عنك إنما هو لخير، وإن كنا قد لا نرى هذا في حينها، وأمر المؤمن كله خير، فإن أصابه السراء شكرر، وإن أصابه الضراء، صبر.

فهيا ثق بنفسك، ولا تجعل نتائج التجارب السابقة تضعف من ثقتك بنفسك، فلا شك أن عندك الكثير من الصفات الطبيبة والإيجابية، وربما واجهتك في الفترة الماضية ظروف خاصة، جعلتك تردد بينما انتفت الآن هذه الظروف.

وفقك الله، ويسر لك الخير، ورزقك الثقة بالنفس والجرأة، وكما تحب وتتمنى.

مواد ذات صلة

الاستشارات