السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
توفي صديقي المقرب قبل أسبوع في حادث سير, وهو بمثابة أخي, عزيز على قلبي جدا, لم أقو على فراقه, الحزن لم يفارقني منذ وفاته, دموعي جفت, أشعر بأني أحمل هموم الدنيا كلها, صدري ثقيل لا أقوى على حمله, حياتي أصبحت كئيبة ومعتمة, أشعر بضيق شديد يقتلني, لم أعد أرغب بشيء, جميع أحلامي وأهدافي لم أعد أريدها, أشعر بأني تائه وضائع , لا أعلم ماذا أفعل؟
أرجو مساعدتكم, وشكرا لكم سلفا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الكريم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكرك على تواصلك معنا، ونسأل الله أن يتولاك بحفظه، ونسأل الله أن يرحم صديقك ويغفر له، وأما ما جرى لك عند موت صديقك فهذه صدمة نفسية بسبب فراق صديقك للدنيا، ولتجاوز هذه الصدمة عليك بالآتي:
بداية عليك أن تعلم ما تشعر فيه من ضيق شديد، ولم تعد ترغب في تحقيق أحلامك وأهدافك، فهذا مرده بسبب موت صديقك، وحصول الصدمة في نفسك، ولكن هذا سيذهب عنك إذا أكثرت من ذكر الله تعالى، وقرأت القرآن، وأكثرت من الاستغفار، وأن تقول -لا حول ولا قوة إلا بالله-، وأن تحاول نسيان ما حدث من موت صديقك، وأن تحتسب وفاته عند الله وتصبر، فلك أجر عظيم على صبرك وتحملك، قال تعالى: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}، [الزمر: 10].
ثم عليك أن تعلم أن الموت حق، وأن كل نفس مخلوقة سيدركها الموت، قال تعالى: {كل نفس ذائقة الموت ۖ ثم إلينا ترجعون}، [سورة العنكبوت: آية ٥٧]، وصديقك العزيز قد جاءه ما يأتي على كل نفس، وقد رحل إلى الله تعالى، وهو أرحم الراحمين، وأرحم به من والديه، ومن جميع من يحبه.
عليك أن تقول -كلما تذكرت صديقك المتوفى- أن تقول: (إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلفني خيرا منها)، وكلما كررت هذا الدعاء خف عنك الحزن وما تجده في نفسك.
وعليك أن تدعو لصديقك بالرحمة والمغفرة، وإن كان له أولاد، فيمكن أن تعينهم على أعباء الحياة بعد رحيل أبيهم عن الدنيا، ويمكن أن تتصدق عنه، أو توقف وقفا خيريا على نيته، فهذا ما يمكن فعله نحو صديقك، ولك أجر عظيم.
أخيرا -أخي الكريم- أنت ما زلت حيا وتعطل حياتك، وترك تحقيق أهدافك هذا يعد من اليأس والقنوط من رحمة الله، وهذا لا يجوز شرعا، بل المسلم عليه أن يتفاءل بالخير ولا ييأس، وكل وقت يمضي عليك من غير عمل مهم فأنت محاسب عليه بين يدي الله، ثم إلى متى ستبقى هكذا حزينا كئيبا، والحياة أمامك، والحزن على صديقك بما يعطل حياتك ليس مطلوب شرعا، وصديقك ليس أول من رحل الدنيا، بل قد رحل منها من هو خير منه، رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-، الذي أوصانا عند المصائب بقوله: إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر مصيبته بي فإنها من أعظم المصائب، [رواه البيهقي، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 347].
وفقك الله لمرضاته.