لم أتفاهم مع فتاة وتزوجت غيرها والآن أشعر بتأنيب الضمير!

0 25

السؤال

السلام عليكم.

كنت في علاقة هاتفية مع فتاة بقصد الزواج، فلم نتفاهم، وبعد مدة تعرفت على فتاة أخرى، وتزوجنا منذ 8 أشهر، وهي تحبني وأنا كذلك.

أشعر أني ظلمت الفتاة الأولى، وأعاني من أزمة نفسية، علما أنني لم أخرج معها قط، وكانت العلاقة هاتفية فقط، أرجوكم ساعدوني، أشعر بتأنيب الضمير، فهل هذه عقدة أم وسواس؟

شكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

من الطيب والمؤثر أن يؤنبك ضميرك -أخي الفاضل العزيز- وهو دليل رقيك المدني والأخلاقي وعلى جميل ما حظيت عليه من حسن التربية الدينية والأسرية في جرحك لمشاعر الفتاة التي تواصلت معها هاتفيا ووعدتها بالزواج؛ ذلك أن المرأة عادة -لا سيما الشابات منهن- غزيرات وسريعات ومرهفات العواطف والمشاعر والأحاسيس، الأمر الذي يجعل إخلاف وعدهن بالزواج أمرا محرجا ومزعجا، بل ومؤلما مهينا لمشاعرهن الصادقة وكرامتهن النفسية المهانة في تقديرهن، لا سيما إذا كانت المرأة قد منت نفسها وحدثت من حولها بهذه العلاقة ووعد الزواج، ولا سيما أيضا إذا جرى بينكما من تبادل إبداء مشاعر الحب ونحوها من المخالفات الشرعية.

ومن هنا فقد كان للحب والصداقات والعلاقات بين الجنسين حدودا وقيودا وضوابط شرعية وأخلاقية لا يجوز تعديها لما فيها من نحو ما ذكرت من مفاسد وآثار سيئة على الطرفين وعلى المجتمع، قال تعالى: (ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه)، فيشمل ظلمها في الأمور الدينية والدنيوية والأخروية، وعلى مستوى النفس والغير والمجتمع.

ومع تفهمي ومشاركتي لك -أخي الفاضل- مشاعرك الطيبة والصادقة، إلا أنني لا أوافقك على المبالغة في الشعور بالورطة الكبيرة وعمق تأنيب الضمير؛ لما ذكرت -حفظك الله وغفر لك- من كونك لم تمسها بسوء ولم تخرج معها، ولكونها تشاركك أيضا هذا الخطأ.

وأما ما فعلته من الزواج من امرأة أخرى رأيت فيها الأوصاف المناسبة هو الواجب والأفضل، ذلك أنه لو تم الزواج بالأولى قد تكون مفسدته أكبر من جرح مشاعرها، وهو أمر آني مؤقت لا يلبث أن يزول -بإذن الله- لعامل الزمن كغيره من المشكلات والمتاعب، فلا تبالغ في القلق، فلربما تجد زوجا أفضل منك كما وجدت زوجة أفضل منها، كما قال تعالى في الطلاق حين تكون مفسدته أقل والمصلحة فيه أكبر لدى الزوجين: (وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما)، فتأمل سياق ودلالة الترغيب في الآية الكريمة حيث جعل الله تعالى في الفراق بين الزوجين متسعا لا تضييق ولا حرج فيه، وإذا كان هذا في الزوجين الذين جمعتهما علاقة أكبر سماها الله تعالى (ميثاقا غليظا)، وما قد يتفرع عن هذه العلاقة الشرعية (الزواج) من أسرة وأولاد، فكيف بعلاقة هاتفية عابرة مهما تضمنتها من مشاعر الحب والإعجاب!

والحمد لله أن انتهت عاقبة الاتصال والعلاقة مع الأخرى بالزواج الشرعي، ولم يتكرر الحرج، بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير.

تجاوز مشاعر القلق وتأنيب الضمير، وأقبل على الله بالدعاء والذكر وقراءة القرآن والاستغفار، والانشغال بالنافع المفيد لك في دينك ودنياك، والاهتمام بأسرتك، والرضا بالقضاء والقدر، وفي الحديث: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان) رواه مسلم، وقل كما قيل:

ما مضى فات والمؤمل غيب** ولك الساعة التي أنت فيها

هذا وأسأل الله تعالى أن يفرج همك، ويشرح صدرك، وييسر أمرك، ويلهمك الرشد والصواب، ويرزقنا وإياك سعادة الدنيا والآخرة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مواد ذات صلة

الاستشارات