السؤال
كنت أقرأ على موقعكم كثيرا من الاستشارات، وأبحث عن أقرب استشارة تشابه موضوعي، ولكن لا يمكن قياس مشاكل الناس مع مشكلتي، ولذلك كتبت موضوعي هذا، ونأمل منكم إرشادي للطريق الصحيح.
ملخص موضوعي، أنا شاب في عمر 34 سنة، كنت متزوج قبل زوجتي الحالية بزوجة، ولدي منها ابن، ولم أتوفق معها وطلقتها وتزوجت بعد ذلك من زوجتي الحالية عمرها الآن 21 سنة، تدرس في الجامعة، أحبها كثيرا.
مختصر مشكلتي معها أنه بعد زواجي بسنة اكتشفت بالصدفة، وتأكدت أن زوجتي تحادث ابن خالتها عبر الهاتف، وقد خرجت من البيت وركبت معه بالسيارة دون علمي، وعندما علمت بذلك واجهتها واعترفت بذلك، كانت صدمة مؤلمة، والأيام اسودت بوجهي، خصوصا بعد فشل زواجي الأول! ولم يمض سوى سنة، ولم أتوقع ذلك منها، خصوصا أنها تحبني! وأنا كذلك، ويشهد الله علي أني لم أقصر معها في شيء، وكانت نيتي هو كيف أسعدها؛ لأنها هي كذلك لم تقصر معي بشيء كزوجة إلا شيء واحد وهو خيانتي!
وفي نفس اليوم الذي علمت بذلك طلبت منها أن تتوضأ وتأتي بالمصحف، وأقسمت أنه لم يحصل بينهم شيء، وخرجت معه مكرهة، وتحت تهديد منه أنه إن لم تجيب على اتصالاته وطلبه بالخروج معه سوف يخبرني ويخرب بيتها، وعند سؤالها ما هو سر خوفك من تهديده، قالت أنه أخبرها بأنه لديه صور لها قد أخذها من أخته من الهاتف الجوال، وفي وقتها لم أخبر أهلها بشيء، ولكن الشك ملأ قلبي، خصوصا أنني أحسست أنها لا تقول ما حصل بالضبط، ولم أصدقها أنها كانت تحت التهديد، وقالت لي: أنه يحبها ويريد التخريب بيننا وتفرقتنا ليتزوجها هو، وبعد عدة أيام أخبرت أخاها ووالدتها -كون أبيها متوفى- بما حصل، وتركتها يوما ببيت أهلها، وأتاني أخاها وقال أنها حلفت بالمصحف الشريف أنها تحت التهديد.
وأعدتها للبيت، ونويت أن أمنحها فرصة، ولكن هناك أمور حصلت بعد ذلك أزعجتني كثيرا، وهو أنها لم تذكر لي أنها هي من قامت بإرسال صورها له، ولاحظت كذلك أنها تحتفظ بصور لها كثير بالهاتف المحمول، ونصحتها أن هذا خطأ، وأن الهاتف قد يسرق وتنتشر صورها، قالت أنها سوف تحذفها ولم تفعل، وأخبرت أخاها بذلك ومسحت صورها، رغم أنها لم تقتنع بمسحها، ولم تسمع بنصيحتي إلا بعد أن أخبرت أهلها، وكذلك مما زاد غضبي هو حفظها لصور مشاهير أتراك بهاتفها، والتعليق عليها بالغزل في برنامج الانستقرام، ومنذ ذلك الوقت لم تعد تحفظ صورا لها أو للمشاهير بهاتفها، وقد حذفت برنامج الانستقرام.
هي إنسانة تهتم بي كثيرا وتحبني، ولكن بسبب كذبها وتصرفاتها واستهتارها بحفظ صورها، خصوصا أن وقع صدمة الخيانة صعب، وكان من المفترض أن تصحح خطأها وتسعى لعودة الثقة ولم تفعل! وللأمانة هي لم تقصر معي بأمور بيتها، وتهتم بي كثيرا، وتحبني كثيرا، ولكن الشك ملأ قلبي ولم أستطع حتى أن ننجب أبناء خوفا من تمردها علي مستقبلا، ومن ثم الطلاق وشتات الأبناء، ولا أريد تجربة الطلاق أن يتكرر بوجود الأبناء.
تعبت نفسيا! أرجوكم أن ترشدوني للطريق الصواب، ولا أريد أن أتسرع بأي قرار ربما أندم عليه مستقبلا.
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ adil حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك أخي الكريم في الشبكة الإسلامية، وردا على استشارتك أقول:
إنني أقدر غيرتك على عرضك، وأحس بحرقة قلبك من تصرف زوجتك، وذلك أمر طبيعي جدا، بل محمود شرعا.
المرأة ضعيفة ولا تحسن التدبير، وقد لا تفكر مليا بالعواقب، ومن حب زوجتك لك وخوفها أن تفقدك بسبب تهديدات ابن خالتها خضعت لتهديداته ولبت طلبه بالخروج معه.
الأصل أنه لم يحصل شيء سوى ركوبها معه في السيارة، فهذا أمر متيقن وما سوى ذلك ظن وتخمين، وقد يدخل في طائلة القذف، والحمد لله أنك لم تصل إلى هذه المرحلة.
الشيطان يحاول أن يضخم القضية في نفسك، ويجتهد في أن يفرق بينكما بكل الوسائل والسبل، فإياك أن تصغي له، وعليك أن تحاور زوجتك بالحسنى، وتطلب منها أن تجتهد في إعادة الثقة فيما بينك وبينها، والذي أراه أنها إلى الآن لم تفعل ما يوجب الشك والريبة، إذ لم يتكرر منها الخروج معه، وتسعى جاهدة في خدمتك وإسعادك.
الأصل الثقة بين الزوجين، وطالما قد حلفت أنه لم يحصل شيء سوى مجرد الخروج، فالأصل أنها تصدق وإلا لم طلبت منها اليمين.
على إخوانها أن يوقفوا ابن خالتهم عند حده، ويطلبوا منه أن يترك أختهم وشأنها، ويحذروه من مغبة أخذ صورها من أخواته وتهديدها بها.
زوجتك تحمل صفات حسنة بشهادتك فلا تخسرها لمجرد الشك الذي لا يبنى عليه أي عمل.
اجتهد في تقوية إيمانها وتوثيق علاقتها مع ربها، فذلك كفيل بتحسين سلوكياتها وتركها لبعض الصفات السلبية كالكذب.
حصر الشخص في زاوية ضيقة أثناء استجوابه، وشعوره بالخوف الشديد، وعدم إعطائه فرصة للاعتذار قد يضطر أي شخص للكذب، وأنا هنا لا أبرر للكذب، ولكن هذه طبيعة البشر.
أنا لا أقرها على فعلتها، ولكن الشخص قد تعتريه ساعة ضعف لإيمانه فيقع في الخطأ، وكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.
من سلوكيات بعض الناس أنه لا يقدر على الاعتذار باللفظ، ولكنه يعبر عن اعتذاره بالفعل، ولعل زوجتك من هذا الصنف، فتعامل معها بناء على ذلك.
اجتهد في تغيير صفاتها السلبية بحكمة مع الصبر والرفق واللين، فما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه، فتغيير السلوكيات لن يكون ما بين عشية وضحاها؛ لأنها اكتسبت تلك السلوكيات خلال سنين عمرها فصارت عندها طباعا.
أنت صاحب أخلاق رفيعة وعالية، فعندك حلم وتؤدة وأنأه وصبر وعفة لسان، وهذا من فضل الله عليك، فامنح زوجتك فرصة، فلعلها أن تستفيد من خطئها دروسا وعبرا، ولعل الله أن يقر عينيك باستقامتها، وعسى كرهك لما فعلته يكون من ورائه خير كثير، كما قال تعالى: (وعاشروهن بالمعروف ۚفإن كرهتموهن فعسىٰ أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا).
لا تجعل الشكوك والوساوس الشيطانية تفسد حياتك، واقترب من زوجتك أكثر، وأشعرها بالأمان، وبأنك سندها ولن تصدق أي كلام في عرضها وشرفها، فذلك يجعلها تأوي إلى ركن شديد.
لا تبق تذكر زوجتك بما فعلته كلما اختلفت معها، فذلك أسلوب خاطئ في التربية، بل تناسى الأمر وكأنه لم يحصل، فالتغاضي خلق رفيع، وهو من أخلاق الأنبياء عليهم السلام، فهذا نبينا -صلى الله عليه وسلم- قال الله عنه حين أسر إلى بعض أزواجه حديثا فأفشت سره: (وإذ أسر النبي إلىٰ بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض ۖ)، وقال تعالى في يوسف: (فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم ۚ)، ويقول الشاعر:
ليس الغبي بسيد في قومه ** لكن سيد قومه المتغابي.
لا بأس أن تعظها وتذكرها بالله تعالى ما بين الحين والآخر شريطة أن يكون تذكيرا عاما دون التعرض لحادثة معينة.
الزم الاستغفار، وأكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم، فذلك من أسباب ذهاب الهموم والغموم، كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكف همك ويغفر ذنبك).
اجتهد في تقوية إيمانك بالله ،وكثر من الأعمال الصالحة توهب لك الحياة الطيبة، كما قال تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ۖ ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
نسعد بتواصلك في حال أن استجد أي جديد في حياتك، ونسأل الله تعالى أن يقر عينيك باستقامة حال زوجتك، ويسعدك إنه سميع مجيب.