السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة في العشرينيات من العمر، تخرجت منذ ثمانية شهور، ولم أرزق بالوظيفة بعد، أعاني من الاكتئاب والقلق والحزن الشديد، فأنا لم أعتد على الجلوس في المنزل طيلة هذا الوقت، أشعر بالفراغ، وأنا -الحمد لله- ملتزمة في ديني وطاعة ربي، وأحاول تجنب المعاصي والذنوب قدر المستطاع، كنت أدعو الله بأن يفرج همي ويرزقني الوظيفة، ولكنني أصبحت أخشى الدعاء، وأشعر بأنه لا يستجاب، أعلم أن هذا التفكير غير جائز.
ابتعدت عن صديقاتي لظني بأنهم أفضل مني، فمنهم من تزوجت، ومنهم من توظفت، وحالي كما هو، أشعر بالقنوط من رحمه الله، وأخاف على نفسي من هذا التفكير، كنت متفائلة جدا في أي وقت وتحت أي ظرف لا أنكسر، وأردد -الحمد لله- هذا اختبار من الله عز وجل، أريد الرجوع لحالي السابق، أريد التقرب أكثر من الله، والتفكير في الآخرة بدلا من أمور الدنيا، أريد حلا لهذا الفراغ والاكتئاب.
أفيدوني، ولا تنسوني من الدعاء، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نهى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على التواصل معنا والكتابة إلينا، ومعذرة على التأخر بالإجابة بسبب الأسفار، أعانك الله وخفف عنك، ورزقك راحة البال.
نعم، من الصعب على الإنسان النشيط والإيجابي والذي يحب العمل أن يجلس في البيت وينتظر فرصة للعمل، فقد يطول هذا الانتظار، وتتدهور الحالة النفسية لهذا الشاب أو الشابة.
أرجو أن تذكري بأن ما تشعرين به من الإحباط والاكتئاب والفراغ إنما هي ردة فعل إنسانية نفسية طبيعية تجاه ظروف غير طبيعية، وليس العكس، فغير الطبيعي ليس مشاعرك هذه، وإنما أن لا تتاح لك فرصة للعمل مع أنك راغبة وقادرة على العمل، ومرة أخرى أقول، وليس العكس، ويمكن لأي إنسان في مكانك أن يشعر بما تشعرين به الآن.
لا أعتقد بأنك تشكين في حكمة الله وابتلائه لنا، وإنما هي شكوك تأتيك بسبب المعاناة، والقرآن يحدثنا أحيانا حتى عند الأنبياء عندما تأتي بعض لحظات الألم والمعاناة، {حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا...}، [يوسف 110].
وسأذكر هنا ملاحظتين:
الأولى: أن أفضل طريقة للانتظار هي العمل والانشغال بشيء ما، وإلا فالوقت يمر ببطء شديد، ويشعر الإنسان أن الانتظار يطول ويطول، فحاولي في هذا الوقت الذي تنتظرين فيه نتائج تقديمك لطلبات العمل والتوظيف أن تشغلي نفسك مثلا بتعلم بعض المهارات الإدارية أو اللغوية، أو ما له علاقة بدراستك وتخصصك، فهذا ليس فقط يخفف عنك صعوبة الانتظار، وإنما يحسن أيضا من سيرتك الذاتية، وبالتالي تحسن ظروف الحصول على عمل ووظيفة مناسبة.
الثانية: أنه لا يتحتم عليك اختيار الدنيا أو الآخرة، حيث يمكنك العمل والعيش وأنت تتطلعين لكليهما، وإن كان بنسب متفاوتة حيث نقدم الآخرة، ولكن لا نلغي الدنيا، {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك}.
وها نحن في أول رمضان شهر الخير، ولعل الله يجعل لك فيه مخرجا، وفقك الله وبانتظار سماع أخبارك الطيبة -بإذن الله-.