السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على جهودكم.
متزوجة منذ سنتين ونصف، عمري 26 سنة، وعمر زوجي 39 سنة، في بداية زواجنا كنت لا أعلم أي شيء عن العلاقة الزوجية وطبيعتها، وكنت أخاف، وذلك الخوف أثر بالسلب على زوجي، ولكنني بحسب ما أذكر من السنة الأولى فنحن لم نكن نعاني من مشكلة، غير أن انتصاب زوجي لا يكمل دقيقة بعد الإيلاج.
بعد ولادتي الأولى عانينا من ظرف مادي، وأصبح زوجي لا يطيقني، وعلمت بعد فترة طويلة بأنه كان يعاني من مشكلة صحية، لا أعلم ما هي، ولكنني علمت بعد أن وجدت أقراص الفياجرا.
استقرت حالتنا المادية، وكنت أظن بأنها مرحلة وانتهت، ولكن زوجي يختلق الأعذار ليبتعد، وكنت أفسر ذلك دائما بأنه لا يحبني، وليس لديه رغبة في، كنت دائما أحمل نفسي الخطأ إلى أن حصلت بيننا مشادة كلامية، وقلت له أنني لم أعد أحس بأنوثتي، غضب مني ونام وهو غضبان في تلك الليلة.
في اليوم التالي اكتشفت حبوب في ملابسه قبل غسلها، بحثت عنها، اسمها vardenafil، حزنت كثيرا لأنني ضايقته وضغطت عليه، وعرفت بأن المشكلة ما زالت قائمة.
أرجو منكم إرشادي للحل، وكيف أتعامل مع زوجي، وكيف أخفف عنه دون أن أجرحه؟ علما بأننا لا نتفاهم في هذه النقطة أبدا، ولا يحب الحديث فيها لا من قريب أو بعيد، ولو فتحت الموضوع يغضب، وكيف لي أن أصبر وأنا صغيرة، أحتاج زوجي، وبعده يقتلني، وبالفترة الأخيرة بت أشعر بأنه يعاني اكتئابا، لا يهتم لمذاكرته أو مظهره.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ما دمت تعلمين ظروف زوجك الصحية والنفسية, فإنني أوصيك بتفهمه وحسن ومعاملته، وعدم جرح مشاعره، واحتساب أجر الصبر عليه وتحمله، ومصارحته بالأمر، وتهوين المشكلة عليه، كون البلاء من الله تعالى الذي لا معقب لحكمه، ولا راد لأمره، وأن كل شخص عرضة للمرض والضعف والعجز والنقص والعيب إن حالا أو مآلا، شريطة أن يحرص على بذل الجهد في التداوي؛ لأن الإنسان مسؤول عن نفسه وعن أهله؛ ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: (تداووا عباد الله، فإن الله ما أنزل الداء إلا جعل له دواء، علمه من علمه وجهله من جهله)، [رواه البخاري].
وذلك يشمل علاجه من المرض العضوي والجنسي والنفسي, ومعلوم أنه كثيرا ما يكون للمرض النفسي كالقلق والاكتئاب والظروف المادية والاجتماعية وغيرها آثارها السلبية والسيئة على الجانب العضوي، والجنسي خاصة.
لا أجمل من التحلي بالصبر والرضا بأمر الله وقضائه وقدره، والتحلي بالحزم والعزم والإرادة والتصميم والإقبال على الله تعالى, وعدم إعطاء المشكلات أكبر من حجمها، باستحضار أنها مهما عظمت في نظرنا المشكلات والهموم، فإن فضل الله علينا أكبر، وعطاؤه أوسع، وثوابه أعظم، وهو القادر سبحانه على الشفاء، وأن يبدل البلواء نعماء، قال سبحانه وتعالى: {وما كان الله ليعجزه من شيء في السموات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا}.
كوني له نعم الزوجة في الاهتمام بالمظهر، والتدلل، والتطيب، والخدمة، والطاعة، ومحاولة الخروج معه للتنزه والرياضة، ومتابعة البرامج الدينية والعلمية والترفيهية.
دعيه يشاركك الحياة الهادئة والمطمئنة، حيث لا مبالغة في النقد والعتب والشكوى، مع ضرورة الستر وحفظ السر، كما لا يخفى عليك، وأحسنوا إدارة أموركم ومشكلاتكم بالحوار والنقد الهادئ الهادف المثقف والمتزن العاقل.
لا مشكلة صحية أو أخلاقية في استعمال أقراص الفياجرا، لاسيما عند ضعف الانتصاب, أو لتوفر مرض السكر مثلا، شريطة أن يكون تحت استشارة طبيب، كما لا محذور من استعمال أدوية الاكتئاب أو نحوها، لعموم أدلة التداوي، والرقية أيضا، قال -صلى الله عليه وسلم- :(لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا)، [رواه مسلم].
ولا خير من أن أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله تعالى، والتوكل عليه طريقا إلى نيل مرضاته ودخول جناته، وتفريج الهم، وكشف الغم، كما قال سبحانه: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا}.
ثقي بالله تعالى، وأحسني الظن به، واستحضري حكمته من وراء بلائه: (واعلم بأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك, وما أصابك لم يكن ليخطئك، رفعت الأقلام وجفت الصحف)، [رواه الترمذي وحسنه الألباني], وفي رواية عند أحمد: (واعلم بأن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا).
احذري أن تفكري بالضغط عليه بطلب الطلاق؛ إذ لا موجب إلا عند الضرورة, ومرجع تقديرها إليك وحدك، كما لو خشيت على نفسك الوقوع في العنت والحرام، هذا وأوصيك بالدعاء والأكثار من الذكر وقراءة القرآن، أسال الله أن يفرج همك، ويلهمك الصبر والرشد والصواب، وأن يجزل لك الأجر والثواب.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.