الصديقة كثيرة الشكوى والتذمر من كل شيء وكيفية التعامل معها

0 508

السؤال

السلام عليكم.
أرجو الإجابة على الاستشارة سريعا.

بدأت مشكلتي عندما كونت علاقة صداقة مع طالبة في الجامعة خلال سنة، المشكلة هي أنها أصبحت تشكل لي ضيقا نفسيا كلما سمعت صوتها أو رأيتها، وذلك بسبب أنها إنسانة تتشكى كثيرا، تتشكى من المواد والدراسة ومن حالها! وكل مرة تكرر جملة: (أريد أن أكون مثلك) في البداية لم أشعر بعمق المشكلة، بالعكس أحاول أن أحسن من نفسيتها وأن أجعلها إنسانة إيجابية، هي لا تنظر إلى ما تمتلك من مزايا، بل تنظر إلى ما أملك، وهكذا دائما، بالإضافة إلى أنها في العطلة الرسمية لا تتصل ولا تسأل! وبمجرد ما تبدأ الدراسة تنهال علي مكالماتها: (مها، أريد دفترك)، (مها، أريد حل الواجب)، تقول لي دائما: (أنت ذكية في كل شيء).

في أحلامي أرى نفسي أهرب منها، والآن بدأت أتهرب بالكذب، إذا اتصلت بالبيت يقال لها أني غير موجودة، والجوال 24 ساعة مغلق، هل أواجهها وأصارحها أنني لا أريدها لا زميلة ولا صديقة. أريد أن أبتعد عنها وتبتعد عني بدون أن أجرحها، أنا في حيرة! الأسبوع القادم يمكن أراها أمامي، ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ مها حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!

فإن وجود الإنسان في جماعة له ثمن، ولابد من الاحتمال والصبر، والحياة مدرسة يتعلم فيها الإنسان الكثير ويقابل أشكالا وألوانا من البشر يختلفون في طريقة التفكير وفي أسلوب الحياة، ومن واجبنا أن ننمي الجوانب الإيجابية ونجتهد في نصح الآخرين حتى يتخلصوا من سلبياتهم، والعاقل يبدأ مشوار الإصلاح بنفسه، وقد أحسن من قال:
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها *** فإذا انتهت عنه فأنت حكيم

ولا شك أن هناك أسسا لاختيار الصديقة، ولست أدري هل هذه الأخت مواظبة على صلاتها وحريصة على طاعة الله؟ وهل هي في نفس عمرك؟ وهل أنت على معرفة بأسرتها وأحوالها؟ ولعل الإجابة على هذه الأسئلة تساعدك في تحديد مستقبل هذه العلاقة، والتي نتمنى أن يبقى منها ولو حدها الأدنى.

والصواب أن تقدمي لها نصائحك وملاحظاتك على تصرفاتها قبل فراقها حتى تنتفع بهذه الأشياء مستقبلا، وإذا كنت تتضررين من الاستمرار، فلا مانع من فض هذه العلاقة، وأرجو أن يكون ذلك بأسلوب مقبول ومتدرج حتى لا يؤثر ذلك عليها، وقولي لها في لطف لا تكثري الشكوى فإن فيها لونا من الاعتراض على حكم الله، والذي يكثر الشكوى للناس كأنما يشكو الرحيم لمن لا يرحم.

وقد أحسنت عندما حاولت التخفيف عليها، وهذا هو دور المسلمة تجاه أخواتها، ومن نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، والله في عون البعد ما كان العبد في عون أخيه.

والسعيد هو الذي ينظر إلى النعم التي يتقلب فيها ليؤدي شكرها، ومما يعين الإنسان على ذلك أن ينظر إلى من هم أقل منه في العافية والمال والولد، وهذا هو توجيه رسولنا صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: (انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم كيلا تزدروا نعمة الله عليكم)، والإنسان إذا نظر إلى ما عند الناس أتعبته المناظر وامتلأت نفسه بالحسد والحسرات، ومن هنا كان التوجيه القرآني: ((لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين))[الحجر:88].

وأرجو أن تكتمي عنها بعض النعم، وتحرصي على قضاء بعض حوائجك بالكتمان، وقيدي هذه النعم بالشكر والطاعة لله، وواظبي على قراءة أذكار الصباح والمساء، وخاصة المعوذتين وخواتيم البقرة وآية الكرسي. ولاشك أن عدم التشكي والجزع من صفات الكرام، والغنى لا يكون بكثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس.

ولا داعي للكذب، فالصواب أن تشعريها بلطف بهذه الأشياء التي تضايقك، وحاولي أن تغيري طريقتك في التعامل، وابحثي عن صديقات صالحات واشتركي معهن في تلاوة القرآن والطاعات، وعندها سوف تنصرف عنك أو تذوب في مجموعة الصالحات، ولا أظن أن الإنسان يمكن أن يعيش بدون صداقة، ولكن النجاح يكون بحسن الاختيار، واعرفي الحق تعرفي أهله، واعلمي أنك مثل السوق تحمل إليه البضائع الرابحة، فاجعلي الصدق والإخلاص والطاعة بضاعة لك، وعندها سوف تقترب منك الصالحات.

والله ولي التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات