تعبت كثيراً من الوسواس والشك، فهل علاجي يكون بالرقية أم بالأدوية؟

0 249

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب ملتزم جدا، وأصلي الفروض في المسجد، أقرأ القرآن، وأستمع للرقية الشرعية، أعاني من الوسواس والشك بنسبة صغيرة، حيث أكون متأكدا من غلق الباب أو الغاز أو الكهرباء مرتين أو ثلاث مرات، ولكنني أشك في إغلاقهه، ولكنني منذ شهرين أصبحت أعاني من مشكلة حقيقية، فلدي ابنتان، ولكنني أحب الصغيرة أكثر، فأصبحت أراها جميلة جدا، وبدأت أشك أنها ابنتي، وأنها قد بدلت في المستشفى، رغم أنني -ولله الحمد- لا أشك بزوجتي، وصارحتها بذلك فاستغربت.

بدأ الموضوع عندي يأخذ منحنيات خطيرة، حتى نزل وزني أكثر من 11 كيلو، ولا أنام أكثر من 4 أو 5 ساعات، وبدأت أسأل كل شخص أعرفة ما رأيك في صورة ابنتي هل تشبهني؟ فيقولون نعم تشبهك، فأرتاح كثيرا، وبعدها بساعة أو ساعتين أضطرب فأرجع بالسؤال لشخص آخر، وهكذا، ثم دخلت على الإنترنت، ووجدت أن فصيلة دمي ودم زوجتي لا يمكن أن تنتج أطفالا من فصيلة دم أطفالنا، فقلت ذلك لزوجتي، وذهبنا إلى المستشفى، وبعدها اكتشفت أنني أخطات بفصلية دمي، وبكيت كثيرا، وقلت لزوجتي لن أفتح هذا الموضوع مرة ثانية، رغم أنها كانت متوترة للغاية.

في اليوم التالي شككت أن يكون المستشفى قد أخطأ في فصيلة دمي، أو لم يرغبوا بأن تكون هناك مشكلة، فجعلوا الفصائل متطابقة، فذهبت مرة أخرى إلى مستشفى وعملت تحليلا آخر، وكانت النتيجة ذاتها، وبعدها ارتحت كثيرا، ولكن الوسواس عاودني مرة أخرى؛ لأنني لم أعمل تحليل dna لكي أطمئن أكثر.

تشاجرت مع زوجتي عندما علمت أنني أفكر في هذا الموضوع مرة أخرى، وجلست لمدة شهر وأنا أريد أن أفعل هذا التحليل في هذه الفترة، وأنا أنام من 6 مساء حتى 6 صباحا، أهرب بالنوم من الخوف والتفكير، والمهم، عملت هذا التحليل وطلعت النتيجة مطابقة، ولكنني بدأت أشك أن المستشفى قد عمل التحليل بطريقة مهنية، علمية ومطابقة، ودخلت على الإنترنت لكي أتأكد من الطريقة التي تم بها التحليل، وأصبح الصداع لا يفارقني، فماذا أفعل؟ وهل علاجي بالرقية أم بالأدوية؟

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فلقد قمت بشرح مشكلة الوسواس الذي تعاني منه بدقة متناهية، ونسأل الله بمثل هذه الدقة المتناهية أن ييسر لك العلاج، والتخلص من الوسواس.

هذا ما يحصل -يا أخي الكريم- في الوسواس، عندما تستجيب للوسواس فإنه لا ينتهي، بل يأتي بصورة أخرى، ما هو كنه الوسواس؟ كنه الوسواس هو الفكرة التي تتسلل إلى دماغ الشخص، تتكرر، لا يستطيع الشخص مقاومتها فيحدث عنده قلق وتوتر، يستجيب لها فيرتاح لفترة، ثم ما أن تلبث أن تعود وتتكرر، وهذا ما حصل معك، فكرة الشك هي الفكرة الوسواسية التي تتسلل إليك وتتكرر، ويحدث عندك القلق والتوتر، فتستجيب للشك وتحاول أن تثبت أن هذا الشك غير موجود بفعل ما تفعله، ترتاح لفترة مؤقتة، ولكن الفكرة ما تلبث أن تعاود الكرة مرة أخرى، لأن هذا هو المشكلة الرئيسية، وهذه هي العلة، تكرار فكرة الشك أو الفكرة الوسواسية بمعنى عام وفضفاض.

فلسفة العلاج السلوكي المعرفي للوسواس القهري يطلب من المرضى عدم الاستجابة للوسواس، وعدم تنفيذ ما يطلبه الوسواس القهري، وهذا طبعا يؤدي إلى زيادة القلق والتوتر في المرحلة الأولى، ولكن المعالج النفسي يستطيع أن يتحكم في هذا القلق والتوتر، وتدريجيا تبدأ الفكرة في الاضمحلال والعد التنازلي.

الاستجابة للفكرة هو الماء الذي يروي الوسواس ويغذيه ويؤدي إلى استدامته.

فإذا ما عليك -يا أخي الكريم- إلا باللجوء إلى معالج نفسي ليقوم بوضع برنامج محدد -كما ذكرته لك- يتبنى فلسفة عدم الاستجابة للوسواس، وأيضا هناك علاجات دوائية مختلفة تساعد في القضاء على الوسواس القهري، ويستحسن أن تكون مع العلاج السلوكي المعرفي، ودواء مثل الفافرين فعال جدا ضد الوسواس، ابدأ بنصف حبة (خمسة وعشرين مليجراما) ليلا لمدة أسبوع، ثم حبة كاملة، سوف تحدث تأثيرها بعد مرور ستة أسابيع أو شهرين، وإذا كان التحسن جزئيا فيمكن رفع الجرعة إلى حبة ونصف (خمسة وسبعين مليجراما) بعد أسبوعين، ثم مائة مليجرام (حبتين) بعد أسبوعين آخرين، أي بعد ثلاثة أشهر، وبعد ذلك تستمر عليها مع العلاج السلوكي المعرفي حتى تنتهي جلسات العلاج السلوكي المعرفي، ويتوقف الفافرين بعد ستة أشهر أو تسعة أشهر، وفي حالتك يفضل أن تستعملها لتسعة أشهر، وإذا اختفت الأعراض نهائيا فيمكنك أن تخفض ربع الحبة كل أسبوع حتى تتوقف عنه نهائيا.

وفقك الله، وسدد خطاك.

مواد ذات صلة

الاستشارات