السؤال
السلام عليكم.
أنا من عائلة فقيرة جدا، وليس لدي معيل، بحثت عن عمل كثيرا حتى وجدت عمل كمهنة مدرسة في إحدى المدارس الخاصة، ولكن مديري بالمدرسة يتحرش بي بالكلام كثيرا.
سؤالي: هل وجودي محرم؟ مع العلم أنني لا أجد مكانا آخرا للعمل به، وإن تحرشه لفظي مع تبادل بعض النظرات المخيفة، وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ malo حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فبخصوص سؤالك - أختي الفاضلة - حفظك الله من كل سوء ومكروه فالواجب عليك القيام بالخطوات التالية:
1) أن تستعيني بالله أولا وتعتصمي بالثقة به سبحانه ثم بنفسك في قدرتك على حفظ شرفك وكرامتك من أن يطالها أهل السوء؛ بإدراكك بقيمة نفسك حتى تترجمي هذه الثقة في كل حركاتك وسكناتك، وتتصرفي بشكل طبيعي دون أي قلق أو رهبة؛ حتى لا يظهر منك أي علامة للخوف أو الضعف, ومما يعزز الثقة بالنفس: الاعتزاز بمبادئ الشريعة وتعاليم وأخلاق الإسلام، والتزام ذكر الله تعالى على الدوام (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
2) أن تدركي أن المتحرش في غالب الأحيان يكون جبانا, لذلك فهو يتراجع عند أول بادرة رفض أو تهديد أو كلمة رادعة، واقطعي الطريق عن المدير المتحرش بالتزام الحجاب الشرعي كما قال تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين)، وأبعدي عن كل ما قد يكون فيه إغراء أو إثارة جنسية سواء بالقول أو بالفعل أو اللباس (المرأة عورة, فإذا خرجت استشرفها الشيطان) رواه الترمذي وصححه الألباني.
3) أن تحذري من الاختلاء معه في غرفة واحدة أو في مكان بعيد عن أعين وتواجد الناس, ويلزم أن تتعرفي على المدرسة جيدا لتبتعدي عن الأماكن المهجورة أو الأوقات المتأخرة التي تقل فيها حركة الناس (ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما).
4) أن تحذري من فتح أي مجال للمناقشة معه إلا بقدر الضرورة ومن غير أدنى تلطف العبارة أو خضوع بالقول (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض)، ولتكن كلماتك قليلة ومحددة بالمعروف (وقلن قولا معروفا)، ولتكن نظرتك بعيدة عنه فإن كان ولا بد فتكن نظراتك غاضبة وحازمة ورافضة.
والنفس تعرف من عيني محدثها ** إن كان من حزبها أو من أعاديها
5) أن تحذري من رفع صوتك أو استخدام كلمات جارحة؛ كونها تحدث ضجة وفضيحة لا تحبذها المرأة غالبا؛ مراعاة لعرف الناس في اتهامهم للمرأة بذلك بعدم الحياء والحشمة والعفة، إلا في حالة الضرورات التي تبيح المحظورات.
6) الاستعانة بالآخرين عند عجزك عن ردع المتحرش بمفردك بإخبار من تثقين بدينه وأمانته وعقله وحكمته ومروءته من الإداريين أو المدرسين أو من الأهل والأقارب؛ ليقوم هو بدوره بقطع الطريق عن المدير المتحرش سواء بالنصيحة والتذكير المباشر أو غير المباشر، كالمرور للسلام عليه وإخباره بقرابته منك، أو بالنظر إليه بحدة، أو إهدائه شريطا أو كتابا يتضمن التحذير من الفواحش وبيان أهمية حفظ أعراض الناس؛ وكل ذلك يحقق واجب النصيحة والحماية, وفي الحديث: (الدين النصيحة) رواه مسلم، أو بشكواه إلى الجهات المسئولة إن لزم الأمر، وضمنا حماية القانون لك وردعه وزجره عن التعرض للتحرش لك أو لأي أحد بإذن الله.
7) توفير بعض وسائل الدفاع عن النفس بحيث يكون لديك بعض وسائل الدفاع عن النفس لتعزيز الثقة والحماية وصد المتحرش -إن لزم الأمر- بأن تضعي في حقيبتك -كما جرت به عادة النساء في بعض الدول- بخاخا مخدرا، أو البخاخ المصنوع في المنزل والمكون من خلطة الفلفل الأسود والشطة والماء.
8) أن تسعي للبحث عن عمل في مكان آخر -إن أمكن- يكون أبعد عن الأذى والضرر المادي والمعنوي (فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه, ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام) متفق عليه، وفي الحديث الآخر: (دع ما يريبك إلى مالا يريبك) رواه الترمذي وصححه الألباني.
هذا وأسأل أن يحفظنا ويوفقنا ويسلمنا جميعا من كل سوء ومكروه, وأن يبارك لنا في العلم والعمر والعمل, ويرزقنا جميعا سعادة الدنيا والآخرة، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.