السؤال
السلام عليكم
أنا شاب، ألاحظ الفرق بين الإناث والذكور مرفلوجيا وسلوكيا، وهذا أمر طبيعي ومسلم به، ومن خلال متابعتي وملاحظتي للأولاد والبنات، فمشاكل الأولاد صعبة حتى في صغرهم، وتتطلب الصرامة والحزم، والمراقبة اللصيقة واللطيفة، والتي تتماشى مع هذا العصر، وهناك عدة ظواهر اجتماعية في غالب الأحيان تكون دخيلة على مجتمعنا الإسلامي، وتتنافى مع أخلاقنا وعاداتنا، ناهيك عن التكنولوجيا المتطورة جدا، وسوء استخدامها، فهي هدامة وفتاكة في الوقت ذاته.
أي غفلة من الجميع في هذا الأمر تؤدي للفشل الدراسي، وتكون العواقب وخيمة نتيجة ذلك التسيب, فالمسؤولية عظيمة علينا نحن الآباء بالدرجة الأولى, وقد أخطأ كل من اعتقد أن المدرسة وحدها كفيلة بحماية فلذة أكبادنا.
لا أعرف كيف أنصحهم بالشكل العلمي الذي نراعي به كل الجوانب النفسية والعمرية لأولادنا وبناتنا, وما هي الطرق السليمة والناجحة لتحسين سلوكهم ومستواهم الدراسي، لتحقيق النجاح -بإذن الله-؟ وأبحث دائما وأجتهد في إيجاد الحلول، فما هي الإرشادات الهادفة والقيمة التي تنصحون بها؟
أفيدوني مع الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعيد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
- لا أخفي مدى إعجابي بك -أخي الفاضل- وبسؤالك المهم والحساس، والمفصلي ليس في حياة أبنائنا، بل ومستقبل أجيالنا أيضا, حيث والمؤامرة التربوية والإعلامية وغيرها عليهم كبيرة.
- أبناؤنا هم فلذات أكبادنا، وأمانة في أعناقنا، وهم أمانة لا يجوز التفريط فيها وخيانتها, ونحن مسئولون عنها بين يدي الله يوم القيامة، كما قال تعالى: (قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة).
- التربية هي الرعاية والإصلاح, وتبدأ قبل مرحلة الطفولة باختيار الزوجة الصالحة والعاقلة، كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (فاظفر بذات الدين تربت يداك).
قد ينفع الأدب الأحداث في صغر ** وليس ينفع بعد الشيبة الأدب.
إن الغصون إذا قومتها اعتدلت ** ولا يلين إذا قومته الخشب.
- والهدف من التربية مساعدة الطفل على النمو السليم، وبناء شخصية تتمتع بالإحساس والالتزام، وتتبوأ مكانها في المجتمع, وقادرة على المساهمة في بنائه علميا وتربويا وفق حضارة إنسانية وتقنية متطورة، كذلك فإن صلاح الأبناء صلاح للأسرة، وهي النوات الأولى في بناء المجتمع، فالشعب، فالدولة، فالأمة, وهي عملية شاقة وشاملة للتربية العلمية والعملية، والعقلية والنفسية والعاطفية وغيرها, وتحتاج إلى أن يعنيها المربون أولوية في حياتهم، لا سيما مع ما ذكرت من مزاحمة وسائل الإعلام والتكنولوجيا، ولا يخفى أن لكل زمان خطابه وتحدياته، كما وأن التربية مكتسبة بالاجتهاد والمثابرة, فهي أيضا (ملكة) أي سجية وفطرة يوفق الله من شاء من عباده، وهي تخضع لعوامل الوراثة والحكمة، والطبيعة الإنسانية والبيئة.
- ويمكن بيان أهم الأسس التي نبهت عليها كتب التربية، وعلم نفس الأطفال والبرمجة اللغوية العصبية والتنمية البشرية بالتالي:
- إظهار الحب والاهتمام بهم، وحسن الاستماع لهم، والتحفيز الإيجابي، والحزم والصرامة، والمصاحبة لهم والاعتدال والعدل في المعاملة.
- توفير القدوة الحسنة من الوالدين، فكما صح في الحديث: (كل مولود يولد على الفطرة, فأبواه يهودانه, أو ينصرانه, أو يمجسانه).
وينشأ ناشئ الفتيان منا ** على ما كان عوده أبوه.
وما دان الفتى بحجى ولكن ** يعوده التدين أقربوه.
- غرس العقيدة والإيمان بالله ومراقبته, ومحبة الله ورسوله على الانضباط، واحترام النظام والطاعة.
- غرس الأخلاق الحميدة كالصدق والأمانة في نفوسهم، ومراعاة حقوق الآخرين، والتزام الآداب الاجتماعية.
- تهيئة المدرسة الصالحة، والرفقة الصالحة، وعلى الثقة بالنفس وضبطها عند الغضب، وتعويدهم حسن اتخاذ القرارات.
- الاهتمام بالوقت، والحرص على دراسة العلوم الشرعية، والعلوم العصرية والإنسانية.
- تحصينهم من وسائل الإعلام المشجعة على الميوعة والرذيلة وفق سياسة (المناعة الإيمانية والأخلاقية والعقلية)، حيث والمناعة أعظم أثرا من مجرد المنع أو الامتناع، لا سيما مع توفر الفضاء الإعلامي المفتوح.
- هذه مجرد ملامح عامة، حيث والموضوع واسـع كما لا يخفى عليك, فينبغي الرجوع إلى مظانه العلمية، وسؤال الله تعالى العون والتوفيق (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما).
أسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والهدى، والخير والرشاد وصلاح النية والذرية، وسعادة الدنيا والآخرة.