السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
متزوج منذ أربع سنوات، وزوجتي لا تحبني، وصارحتني بذلك، وأثناء حديثي معها قالت بأنها لا تكرهني، ولا تعيب علي في خلق أو خلقة أو دين، لكنها لا تحبني الحب الذي يجب أن يكون بين الزوجين، وتشعر بالضيق الشديد عند الجماع، لأنها لا تحب الجماع مع شخص لا تبادله الحب، وتتضايق حينما أطلب منها وآمرها بأي شيء من أمور الحياة، كأن أطلب منها أن لا تكلم فلانة أو فلانا، وأن لا تتصرف بهذه الطريقة.
تغضب من هذه الأمور، وتقول بأنها تعودت فعلها وليست جديدة، وأنا لا أعلم، مثال حينما أطلب منها عدم الركوب بسيارة التاكسي بمفردها، ولكنها تفعل، أريد أن أعرف، هل زوجتي تعاني من المس أو السحر أو العين، أم أن لديها حالة نفسية وشيء آخر؟
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
من رحمة الله تعالى بعباده وآياته العظيمة أنه بمجرد حصول عقد الزواج، ولو لم يكن الزوجان قد عرفا بعضهما قبل ذلك، أن يوجد في قلبيهما المودة والرحمة، ومن أعظم مقاصد الزواج حصول السكن النفسي لكلا الزوجين، كما قال تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ۚ إن في ذٰلك لآيات لقوم يتفكرون}، وهذه الآية لا يمكن أن تتخلف إلا إن وجد سبب آخر جرى وفق قضاء الله تعالى وقدره، كالسحر والحسد وما شابه ذلك.
حرص الزوج على زوجته وغيرته عليها مما يفرح الزوجة لأن ذلك دليل على حبه لها وخوفه عليها، وكون ذلك يضايق زوجتك يعطينا مؤشر أن ثمة سبب هو الذي يؤدي إلى ضيق صدرها، وعدم سرورها بذلك.
أتمنى أن تستمر بالحوار الهادئ والهادف معها للتوصل إلى معرفة ما إذا كان ثمة أسباب حقيقية لما تجده في صدرها، لأنه إن عرف السبب بطل العجب كما يقال، وأمكن -بإذن الله- إصلاح العطب.
ليكن صدرك واسعا ولتتفهم الأمور بطريقة صحيحة، وعليك بالصبر فإن عاقبته حسنة.
عليك بالتأني واحذر من التعجل، ففي التأني السلامة، وفي العجلة الندامة، ونبينا -عليه الصلاة والسلام- يقول: (التأني من الله والعجلة من الشيطان).
الرقية نافعة مما نزل، ومما لم ينزل فعليك برقية زوجتك بما تيسر من القرآن الكريم والأدعية المأثورة، أو عرضها على راق أمين وثقة ليرقيها بحضورك، ومن ثم يمكن أن تشخص الحالة، فإن تبين شيء فاستمر بالرقية حتى تشفى -بإذن الله-.
عليك بالتضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، أن يؤلف بين قلبيكما، وأن يذهب ما تجده في صدرها، فأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، وتحر أوقات الإجابة، كما بين الأذان والإقامة والثلث الأخير من الليل.
لا شك أن وقع مصارحتها فيه شيء من الألم النفسي لك، وقد يجلب لك بعض الهموم، ولذا فأنصحك أن تكثر من الاستغفار والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم، يقول نبينا -عليه الصلاة والسلام-: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكف همك ويغفر ذنبك).
مرها بالاستغفار، فقد يحل بالعبد بلاء بسبب ذنوب لم يتب منها، وما أكثر ذنوبنا التي نراها صغارا، وهي عند الله كبيرة، كالغيبة والنميمة والعقوق وما شابه ذلك، ومن سنن الله أنه ما تواد اثنان فافترقا إلا كان ذلك بسبب ذنب يرتكبه أحدهما، وما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة.
عليكما أن تكثرا من ذكر الله، وأن تحافظا على أذكار اليوم والليلة، ففي ذلك طمأنينة للقلوب، كما قال تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ۗ ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.
للهدية دور كبير في سل سخيمة الصدر، وتجلب المحبة، وتقوي الأواصر، فقدم لها بعض الهدايا الرمزية، يقول نبينا -عليه الصلاة والسلام-: (تهادوا تحابوا).
لعل الله أن يجعل من جملة الأسباب في ذهاب ما في صدرها، الحمل فالولد يقوي أواصر المحبة والترابط بين الأبوين.
يسعدنا تواصلك في حال أن استجد أي جديد في قضيتك، فلا تتردد في ذلك، ونسأل الله تعالى أن يؤلف بين قلبيكما ويقذف في قلب زوجتك محبتك، وأن يسعدكما إنه سميع مجيب.