السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في المرحلة الثانوية أحببت معلمة لي، وكانت تعاملني بالجميل دائما، وطلبت منها أن ألتزم معها وكان ردها بعد انتهاء العام الدراسي وانتظرت بعد ذلك، ولم يكن وقتها ملكا لها فهي إنسانة مثقفة، وكاتبة وداعية، والمشكلة بحد ذاتها أنني أقتنع بأي كلمة تنطقها وأفعلها وأنا بكامل عقلي وقناعتي ولم أعد أطيق الانتظار، فالوقت بدأ يداهمني وأريد التقرب من الله جل وعلا، وتحدثت معها آخر مرة واعتذرت لي والتزمت مع غيرها بمرضاتها.
ولكن المشكلة تكمن أولا بي بإني لا أستطيع فعل كل شيء ولست مرتاحة نوعا ما، وثانيا أنه بعد انقطاعي عنها عملت بوظيفتي وساعات عملي بين 6 - 8 ساعات، وبدأت المسئولية في المنزل تقل ـأمي صحتها ليست بخيرـ بعد أن كنت أتحمل كل أعباء المنزل وحدي، وكانت تلك المعلمة تحثني دائما على مرضاة أمي، وهكذا نفهم الموضوع بشكل خاطئ عندي وعند عائلتي بأنني أيام تلك المعلمة كنت أفضل معهم، وأنا لا زلت حتى الآن أحبها لله وأشتاق لها وأبكي مرارا لغيابها عني!
وجزاكم الله ألف خير.
والسلام عليكم.
أريد حلا أرجوكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ صفية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!
فإن المسلمة مطالبة بأن تجالس الصالحات، وتبحث عن المؤمنات، فالإنسان ضعيف بنفسه قوي – بعد توفيق الله – بإخوانه، وقد أمر الله نبيه بمجالسة أهل الخير والطاعة، فقال سبحانه: ((واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم)) [الكهف:28].
والصداقة الحقيقية تبنى على الإيمان وطاعة الرحمن والمرأة تحب أختها أو معلمتها أو جارتها لدينها وصلاتها وطاعتها لله، لا لأجل مظاهر الدنيا أو جمال الأجساد أو الحسب والنسب أو الرشاقة والأناقة، وكل أخوة وصداقة لا تبنى على أساس الإيمان وتقوى الله تنقلب في الآخرة إلى عداوة، قال تعالى: ((الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين)) [الزخرف:67]، أما في الدنيا فلا يجني صاحبها إلا الشقاء؛ لأنها لم تكن لله وفي سبيل مرضاته، ومن تعلق بشيء وكل إليه.
ولا شك أن مجالسة أهل الخير عون على طاعة الله، وإذا شعر الإنسان أن غيره يشاركه في الطاعة وجد في نفسه مزيدا من النشاط، فإن التكاليف إذا عمت سهلت، فاحرصي على رفقة من تعينك على طاعة الله، وتذكرك بالله إذا نسيت، واعلمي أن يد الله مع الجماعة ومن شذ شذ في النار والشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد.
واعلمي أن بر الإنسان لوالديه لا يرتبط بزمن دون آخر، ولا بظرف دون آخر، ووالدونا أحوج ما يكونون لبرنا ومساعدتنا لهم عند بلوغ سن الشيخوخة؛ ولذا قال سبحانه: ((إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا)) [الإسراء:23-24].
وأرجو أن تحرصي على خدمة الوالدة والشفقة عليها، وتقديم راحتها على راحتك وبهذا سوف تنالين التوفيق والخير في الدنيا والآخرة، وسوف تشعرين بالراحة والسعادة، واجتهدي في التوجه إلى الله سبحانه، فإنه يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، واحرصي على الدعاء لتلك المعلمة، ولكل صاحبة فضل عليك، وهكذا أهل الإيمان كما وصفهم الله: ((والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا)) [الحشر:10].
وحاولي التوفيق بين متطلبات العمل وحاجات الوالدة، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وتجنبي مواطن الرجال واجعلي همك طاعة الكبير المتعال، واشرحي للوالدة ظروفك الجديدة، وأشعريها بالاهتمام بها والشفقة عليها.
والله ولي التوفيق والسداد!