السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لا أعرف لمن أشكو مشكلتي، أحس أن الدين الإسلامي ظلم المرأة بشكل كبير.
أنا مسلمة لكني بدأت أشك بصحة الإسلام، حيث أشعر أن الإسلام سلب من المرأة ميراثها، فلماذا الرجل ضعفها؟ فالمرأة أحيانا قد تكون أشد حاجة منهم، لماذا لم ينصفها الإسلام؟
الأرملة التي تصرف على أولادها تأخذ نصف ورث أخيها التي شركاته جدا كبيرة أليس هذا ظلما؟ أليس ظلما أن ورثها يذهب لأخيها وزوجته، وهي أحق من زوجته باللبس وغيره، فالمفروض العدل في الميراث، أليس هذا تقليل كبير من شأن المرأة واحتقارا لها! وأيضا ألا يجلب العداوة والكراهية بين الإخوة!
أيضا أليس الشرع حلل للرجل الزواج بأربع، أليس هذا ظلم للمرأة أن زوجها الذي أحبته وصانته ينام مع غيرها؟ ليس هناك امرأة في الكون ترضى بهذا الشيء!
كثيرا ما سمعنا عن التي انتحرت، والتي قتلت ضرتها، أو بنت ضرتها! من أوصلها لهذه الدرجة؟ أليس من حقها كامرأة أن يكون لها مثل ما هي تكون له.
كثير من النساء مهمومات ومعذبات بسبب التعدد، أليس هذا ظلما؟ أليس هذا يدعو المرأة على الانحراف؟ لأنها تريد رجلا لها ولأولادها فقط لا يشاركها غيرها، وينقل الأمراض أيضا إليها من الزوجة الأخرى.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن التحصن بالإيمان هو السد المانع والواقي من شبه أعداء الإسلام والمسلمين، فهم الذين أوجدوا مثل هذه الشبه اللعينة طعنا منهم في ديننا وليحدثوا من بعض أصحاب القلوب المريضة من أبناء هذه الأمة تمردا على الدين والقيم.
القبول بحكم الله تعالى شرط من شروط صحة الإيمان، يقول تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما}، وليس للمؤمن أي اختيار بعد حكم الله تعالى سواء تبينت له الحكمة من ذلك الحكم أم لم تتبين يقول تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم}.
الله تعالى أعلم بمصالح العباد من أنفسهم، وهو سبحانه حكم عدل، يقول تعالى: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}.
لقد كان كفار قريش في الجاهلية لا يورثون المرأة شيئا، فجاء الإسلام لإنصافها من ذلك الظلم، ولما جعل لها النصف من ميراث الذكر كان ذلك لحكم جليلة منها:
أن الرجل المسلم هو المكلف شرعا بدفع المهر، فإذا تزوج أخوها مثلا دفع من الإرث الذي حصل عليه مهر زوجته، بخلاف المرأة، فإنها تأخذ مهرها من زوجها وتحتفظ بميراثها.
الرجل المسلم هو المكلف بكامل نفقة زوجته وأولاده ولو كانت زوجته غنية.
على الرجل تكاليف مالية تجاه المجتمع والمصالح العامة ما ليس على المرأة.
حين ترددين هذه الشبهة التي حبكها أعداء الإسلام هل ترين أن اليهود أو النصارى أو غيرهم أنصفوا المرأة؟
هل تريدين أن تمتهن المرأة وتصبح كالمرأة الغربية يتلذذ بها ويعبث بشرفها أصحاب الشهوات؛ لأن ذلك من ضمن ما يراه الغرب أنه حرية وحق للمرأة.
هل تريدين أن تصبح المرأة تنافس الرجل في الأعمال والمهن في كل ميدان وتعرض نفسها للتحرش والاغتصاب؛ لأن ذلك هو ما يريده من يزعم مناصرة المرأة وينادي بمساواتها بالرجل.
هل تريدين أن يصبح للمرأة بجوار زوجها أكثر من عشيق؛ لأن ذلك مكفول لدى الغربيات؟
هذه قوانينهم: وتلك أحكامنا، ولا يجوز لنا أن نأخذ ببعض الأحكام ونترك البعض، يقول تعالى: {أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ۚ فما جزاء من يفعل ذٰلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ۖ ويوم القيامة يردون إلىٰ أشد العذاب ۗ وما الله بغافل عما تعملون}.
لقد رد بعض أهل العلم على الشبه التي وضعها أعداء الإسلام فاقرئي كتاب شبهات حول الإسلام لمحمد عمارة أو لمحمد قطب تجدين الأجوبة الشافية الكافية بإذن الله تعالى.
قولك: (أليس من الظلم أن الأرملة التي تصرف على أولادها تأخذ نصف ميراث أخيها الذي عنده شركات كبيرة) هذه حالة نادرة، والشرع لا يحكم بالنادر، وإنما يحكم بالأغلب، ثم إن بعض الأرامل خلف لهن أزواجهن أموالا كثيرة.
من طبيعة المرأة الغيرة؛ ولذلك فهي لا ترغب في أن يشاركها أحد من النساء في زوجها، لكن هذه مصلحة خاصة بها، فمن يقوم ببقية النساء اللاتي لم يجدن أزواجا؛ حيث إن النساء أكثر من الرجال في جميع المجتمعات؛ ولذلك شرع الله تعدد الزوجات لهذه الغاية النبيلة، وهي مصلحة عامة والمصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة.
إذا كنت ترين أن التعدد ظلم للزوجة، وتريدين أن تمنعي من ذلك كما ينادي أعداء الإسلام والمسلمين، فالسؤال الذي يطرح نفسه ويحتاج منك إجابة واضحة أليس من الظلم أن تبقى المطلقة دون زوج؟ أليس من الظلم أن تبقى من مات زوجها بدون زوج؟ أليس من الظلم أن تبقى الكثير من الفتيات بدون أزواج كل ذلك سيكون إن لم يكن التعدد؟
في بلاد الغرب والدول المتأثرة بقوانينهم يمنع الرجل من التعدد، لكن يجور أن تكون له علاقات محرمة مع عدد غير متناه من النساء، فهل هذا هو العدل؟!
هنالك أخطاء ارتكبها بعض المعددين هم المسئولون عنها وليس الشرع، فالشرع وضع ضوابط عادلة في هذا المجال، ولك أن تقرئيها في كتب الفقه لتعرفي كيف شدد الشرع على العدل بين النساء في كل شيء حتى لقد كان بعض المعددين من سلفنا من يعدل في القبل.
انظري إلى حال المرأة في بلاد الغرب حيث يزعمون أنهم أعطوها حقها كيف هي محتقرة يقطف أهل الشهوات ثمرة شبابها، ثم يرمونها لا يعرف الابن للأم حقا، يلهث وراء شهواته يوصي بماله لكلبه أو لمستشفى الكلاب، وأمه في دار العجزة لا يزورها إلا في عيد الأم، وإن كان مشغولا أرسل لها وردة مع كلبه، وقارني ذلك بما أعطى الإسلام للمرأة أما وبنتا وأختا وزوجة، واحمدي الله على نعمة الإسلام.
أختنا الكريمة: أنت امرأة مؤمنة تؤمنين بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فاحذري من مغبة هذا الكلام، فإنه يؤثر على إيمانك، وارضي بما حكم الله تطمئن نفسك ويسلم صدرك.
أنصحك أن توثقي صلتك بالله تعالى، وأن تجتهدي في تقوية إيمانك، وتكثري من الاستغفار والذكر وتلاوة القرآن الكريم، وأن تبتعدي عن قراءة الكتب التي تبث الشبه أو مجالسة من يبثها.
نسعد بتواصلك، ونسأل الله لك التوفيق.