أحببت فتاة فقيرة ولها أخ مسجون وأهلي يعارضون زواجنا.

0 176

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تعرفت على فتاة بقصد الزواج، هي يتيمة الأب ومن عائلة فقيرة، ولديها أخ في السجن، تعلقت بها لأنها على دين وأخلاقها طيبة، لم تخف عني بأنها فقيرة، وقصة أخيها المسجون، تكلمت الفتاة بصراحة وأنا قبلت كل هذه الأمور، لأنني كنت أنظر إلى أخلاقها ودينها، وأردت أن أسترها لأنها يتيمة.

بعد مرور بضعة أشهر، أخبرت عائلتي أنني أريد الزواج من تلك الفتاة، لكنهم رفضوا رفضا قاطعا، والسبب هو سجن أخيها والفقر.

عندما صارحت الفتاة بالقرار بكت كثيرا؛ لأنها كانت تثق بي، وكنت بالنسبة لها الزوج المستقبلي والأب والأخ، أنا في حيرة من أمري، ماذا أفعل؟ لأنني أحس بالذنب نحو هذه الفتاة، وأريد أن أجد حلا مناسبا، هل أتزوجها رغم فقرها وأخيها المسجون، أم أسير خلف رأي عائلتي لأرضيهم؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ayoub حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا يخفاك أن معيار اختيار الزوجين ينبني على الدين والخلق في كلا الزوجين, كما قال -صلى الله عليه وسلم- في شأن الرجل: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه -وفي رواية-: وأمانته فزوجوه, إلا تفعلوا تكن فتنة وفساد كبير).

وقال في شأن المرأة: (تنكح المرأة لأربع : لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها, فاظفر بذات الدين تربت يداك)، وقال تعالى: {فالصالحات قانتات حافظات الغيب بما حفظ الله}.

فإذا أنست واطمأننت إلى رضاك عن خلقها، وأدبها، وعفتها، وأمانتها، وصلاحيتها لأن تكون زوجة لك وأما لأولادك بعد التحري والتثبت، من خلال الحوار العفيف معها، والسؤال عنها, فلا مانع شرعي من التقدم لخطبتها والزواج منها, بل إنها خير ساقه الله إليك، فاحرص على الاقتران بها ما أمكن، شريطة الاطمئنان إلى أمرين:

- السؤال عن سبب سجن أخيها، بأدب ولطف، ما أمكن لدفع شبهة أهلك من جهة, وطلبا لمساعدة أخت السجين التي ترغب خطبتها والزواج منها، حيث ومن المحتمل ولو قليلا أن يكون السبب له علاقة تؤثر على سمعة أهلها الأخلاقية، مما يؤثر سلبا أيضا على سمعتك وسمعة أسرتك وأولادك، لا سيما مع ما ذكرت من سجن أخيها, وهذا لا يستلزم كما هو معلوم الإساءة إلى سمعتها وسمعة عائلتها؛ للاحتمال الكبير الوارد في عدم تعلقه بالشرف والعرض والكرامة.

- وأما الفقر، فصحيح أن عادة الناس جرت على كراهيته في الزوجة، بدليل ما ورد في الحديث السابق: (تنكح المرأة لأربع ... ولمالها)، إلا أن تأثيره الإيجابي في الزوجة خاصة، ليس بالمهم ولا بالكبير كما هو معلوم, بل ربما أغراها مالها بالطغيان, وإن كان هذا خلاف الأصل، فلا يبنى عليه الحكم، فالعبرة بالشائع الغالب, والنادر لا حكم له.

يبقى من المهم الحوار مع والديك وإقناعهما، حرصا على حفظ حقوق الوالدين والأرحام، وعلى عدم خلخلة روح المودة والوئام, وقطعا لسبل التفرق والعداوة والخصام, الأمر الذي قد يأخذ مدة ليست بالقليلة كما لا يخفى.

نعم, لا يجوز للوالدين منعك من الاقتران بزوجة من غير مبرر شرعي وواقعي، لقوله -عليه الصلاة والسلام-: (إنما الطاعة بالمعروف)، [رواه مسلم]، وليس من المعروف حرمانك بعد اطمئنانك إلى اقترانك بمن تعينك على صلاح وسعادة دينك ودنياك، في تحصيل السكن النفسي والمودة والرحمة والعفة، قال تعالى:{خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة...}، مما يجيز لك الزواج منها إذا سلمت من العيوب المؤثرة، ولو بغير إذن الوالدين إذا تعلق بالفتاة قلبك وشق عليك نفسيا وأخلاقيا الانصراف عنها.

إلا أنه يتأكد الاستحباب، تحقيقا لكمال بر الوالدين، وصلة الأرحام، وتحقيق مقاصد الزواج على الصورة الأكمل, طاعة والديك في ترك الاقتران بها ومحاولة السعي للبحث عن الزواج بامرأة يرضى عنها والداك, وتتوفر بها صفات الدين والخلق والحسب والمال ما أمكن لما سبق في الحديث: (تنكح المرأة لأربع ...)، وذكر المال والجمال والحسب والدين, والمعنى أن توفر هذه الصفات الأربع هو المستحسن عادة، والأكمل في صفات الزوجة, وأما قوله في آخر الحديث: (فاظفر بذات الدين تربت يداك)، يعني تقديم مزية الدين على سائر المزايا الأخرى من المال والجمال والحسب عند التزاحم والتعرض بينها، والله الموفق ويكفي في ثبوت الدين لديها التزامها بطاعة الله والزوج والعفة ونحوها.

أوصيك -أخي الحبيب- باللجوء إلى الله تعالى بالاستخارة، والدعاء، والذكر، وقراءة القرآن، وتنمية الإيمان بالطاعة، والصحبة الصالحة، وطلب العلم النافع، والعمل الصالح.

وفقك الله لكل خير، ويسر أمرك، وشرح صدرك، وفرج همك، ورزقك الزوجة الصالحة وسعادة الدنيا والآخرة.

مواد ذات صلة

الاستشارات