السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة جامعية، أدرس في جامعة مختلطة، أرغب في ارتداء النقاب بشدة، ولكن أهلي يرفضون هذا تماما، والله ثم والله إن رفضهم يحزنني جدا، والله إني قد صرت أبكي كثيرا بسبب هذا المنع.
لقد تغيرت بعد منعهم لي للأسوأ، صرت أكره أشياء كثيرا، وأكون جل وقتي غاضبة، صرت سيئة الخلق جدا، توقفت عن إلقاء السلام على الناس، لم أعد أصلي كما كنت، فقد صرت أتكاسل عن الصلاة وأتهاون في أدائها، صرت لا أبر والداي وﻻ أساعدهما؛ لأن رفضهما لي يحزنني، باختصار لقد صرت سيئة جدا.
والله إني أريد أن أرتدي النقاب؛ ﻷني والله أحبه، ولا أدري ماذا أفعل؟
لا تقولوا لي اجتهدي في إقناعهم، إني والله قد فعلت، والله لم أترك شيئا، والله إني قد أخبرتهم بكل الأدلة التي أعرفها، وتحايلت بكل الحيل الممكنة، وبكيت وبكيت ولم يزدهم بكائي إلا منعا، وﻻ تقولوا لي تزوجي حتى تخرجي من طاعتهم إلى طاعة زوجك؛ لأنهم يرفضون زواجي قبل أن أكمل دراستي.
والله إني بسبب هذا الأمر فقدت الرغبة في الدراسة، وﻻ أدري ماذا أفعل؟ أرجوكم انصحوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ألاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إنني أقدر ما تعانينه من منع والديك ارتدائك للنقاب، وأسأل الله أن يكتب لك الأجر، ولكن لا ينبغي أن يغير منعهم حياتك ويقلبها رأسا على عقب، فإذا كنت تريدين بلبس النقاب التعبد لله تعالى، فإن المحافظة على الصلاة، وبرك بوالديك، وحسن خلقك مع الناس أهم من ذلك بكثير.
ثم اعلمي أن الحياة قائمة على الموازنة بين المصالح والمفاسد، والشرع أتى لتحقيق المصالح وتكميلها ودرء المفاسد وتقليلها، وأنت الآن بين مفسدتين الأولى ترك النقاب، والثانية عصيان والديك.
وارتداء النقاب مختلف في حكمه بين أهل العلم، فمنهم من يرى جواز كشف الوجه إن كان ليس عليه أيا من مساحيق الزينة، أما طاعة الوالدين وبرهما، فواجبة باتفاق، ثم إنك لما لم تحققي المصلحة الصغرى ارتكبت مفاسد جمة فصرت متهاونة في أداء الصلاة، وساء خلقك مع الناس.
ولذلك أنصحك أن تطيعي أمر والديك وأن تبري بهما وتلتزمي بصلاتك، وتتعاملي مع الناس بشكل اعتيادي، مع الاجتهاد في الدعاء وأنت ساجدة وتحين أوقات الإجابة فتسألين الله أن يلين قلبي والديك، مع الاقتراب منهما أكثر ومحاولة استعطافهما بالكلمات التي تحرك مشاعر الأبوة عندهما، وتنويع أساليب الطرح لهما وسوف يأتي الوقت الذي تلين فيه قلوبهما.
وكوني حكيمة وحليمة متأنية واحذري من العجلة، فإن التأني من الله والعجلة من الشيطان، وأنت مأجورة على حرصك على ارتداء النقاب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة)، كما أني أنصحك أن تشحذي همتك لتحصيل العلم، ولا تجعلي هذه القضية تؤثر على مستواك.
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يكتب لك الأجر والمثوبة كما لو كنت ملتزمة بالنقاب، وأن يوفقك لما فيه الخير، ويلين قلبي والديك إنه سميع مجيب.