وسواس الموت يلازم تفكيري دائما، فكيف أتخلص منه؟

0 300

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عمري 19 سنة، وأعاني من وسواس الموت، بدأت مشكلتي قبل سنتين وبشكل مفاجئ، عندما شعرت بالضيق والاكتئاب، وبدأت في البكاء وأنا أشعر بالخوف والفزع، وفي الليل أتخيل بأنني سأموت، أو أن أبي أو أمي سيموتون -أطال الله في أعمارهم وحفظهم-، ثم تطورت الحالة وصرت أعاني من الهلع عند الخروج من المنزل، وأحدث نفسي بإمكانية حدوث أي شيء سيء، وظلت حالتي كما هي.

اقرأ القرآن والأذكار، وأواظب على الصلاة، وبالفعل قلت الأعراض قليلا، وحينما رجعت إلى الدراسة أهملت الأذكار والقرآن، فعادت الأعراض بشكل أقوى من الماضي، فقدت شهيتي تماما، وسيطر علي الخوف، وأشعر بأن الوسواس يحدثني ويقول بأن الإنسان يشعر إذا اقترب الأجل فأخاف، والحالة الهستيرية تعاودني، فلا أتناول الطعام ولا أشرب وأستفرغ.

أعلم بأن كل هذه الأوهام مدخل من مداخل الشيطان للإنسان، لكنني لا أستطيع السيطرة على نفسي، مشاعر الخوف تحيط بي دائما، فلو تحدث مع أحد الناس حول أسباب مخاوفي، أشعر فعلا بأن هناك أمر ما سيحدث، وبعد وقوع الحدث يتكلم من أخبرته ويقول: (كأنها كانت حاسة).

أحاول إقناع نفسي بأنها مجرد أوهام ووساوس من الشيطان، لكن الوسواس في كل مرة يوسوس لي ويقول: ما أدراك لعل هذه المرة الوساوس صحيحة؟ ولدي تفسير لكل كلمة، أو فعل، أو أي شيء صغير، هذه الأمور صغيرة مقابل معاناتي، أعلم أنني تكلمت كثيرا، لكنني تعبت، وأريد حلا لهذه الوساوس، وهل يجوز الدعاء بطول العمر؟

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وتقبل الله صيامكم وطاعاتكم في هذه الأيام الطيبة.

رسالتك واضحة، أنت بالفعل تعانين من قلق المخاوف الوسواسي، ويتمركز قلقك ومخاوفك حول الموت، وهذا قلق ووسواس شائع جدا.

أرجو أن يكون لك العزم التام في أن هذه الحالة يمكن أن تعالج، وبالفعل الذي أعجبني أنه لديك محاولات علاجية جيدة.

العلاج يتكون من أربعة محاور أو مكونات: أولها العلاج الدوائي، ثانيا: العلاج السلوكي، ثالثا: العلاج الإسلامي، رابعا: العلاج الاجتماعي، هذه المكونات الأربعة في العلاج إذا طبقها الإنسان وصقلت تماما تؤدي إلى نتائج علاجية رائعة.

أرجو أن تكون هذه هي النقطة المركزية التي نعتمد عليها في علاج حالتك، وأرجو أن أضيف أنه إذا كان بالإمكان أن تذهبي إلى طبيب نفسي فهذا سوف يكون أمرا جيدا.

بالنسبة للعلاج الدوائي: يعتبر الـ (بروزاك)، من الأدوية الممتازة والفاعلة والسليمة، غير إدماني، لا يزيد الوزن، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية.

جرعة البروزاك -والذي يعرف علميا باسم فلوكستين-، تبدئي بكبسولة واحدة في اليوم بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم تجعليها كبسولتين في اليوم، يمكنك أن تتناوليها كجرعة واحدة صباحا أو مساء، تستمري على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، بعد ذلك تخفض إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجعليها كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقفي عن تناول الدواء.

العلاج الدوائي مهم جدا، لأنه قد أثبت وبما لا يدع مجالا للشك أن هنالك مكونات بيولوجية، وتغيرات تحدث على نطاق خلايا الدماغ، أو ما يعرف بالموصلات العصبية، مادة السيروتونين هي التي تتأثر، والبروزاك يضعها في مسارها الصحيح، هذا تفسير مهم جدا للوسواس، ويجب أن تطبقي ما أقوله لك حتى تستفيدين، ولا تسمعي ما يشاع من بعض الناس أن الأدوية خطيرة وأنها إدمانيه، هذا غير صحيح، نحن في إسلام ويب نحرص جدا على سلامة الناس، ونضع سلامة الأدوية قبل فعاليتها في أسبقياتنا.

العلاج الثاني وهو مهم أيضا هو العلاج السلوكي: يجب أن يحقر الوسواس، يجب ألا يناقش الوسواس، ويجب أن يتم التجاهل التام للوسواس، إذا دخلت في حوارات وسواسية سوف يتشابك الوسواس ويستحوذ عليك أكثر.

حين تأتيك هذه الفكرة قولي لها: (أنت فكرة سخيفة، أنا لن أناقشك، أنت تحت قدمي، أنت فكرة حقيرة)، وهكذا.

وابدئي قناعاتك في أمر الموت، نعم يجب أن نخاف من الموت خوفا شرعيا، لكن لا نخاف منه سلوكيا أو وسواسيا، نخاف منه شرعيا بأن نعمل كل ما أمر الله به، ونسأله تعالى أن يحسن خواتيمنا، وأن نعلم أن أجل الله لكل حي آت، وهذا لا شك فيه، {كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة}.

بهذه الكيفية، الخوف الغير طبيعي أو الخوف الوسواسي يقل تماما عن الإنسان.

العلاج السلوكي أيضا يجب أن يشمل استبدال الفكر، حين يطبق الوسواس عليك استبدلي الفكرة بفكرة أخرى، إذا التجاهل، التحقير، أو استبدال الفكرة.

العلاج الاجتماعي مهم، وهو: أن تكثري من التواصل الاجتماعي، على مستوى أسرتك، على مستوى صديقاتك، الذهاب إلى عمل كورسات، والاجتهاد في دراستك، والانضمام لأحد حلق أو مراكز تحفيظ القرآن، هذا كله فيه تنشيط كبير من الناحية الاجتماعية لديك، وهذه تقلص تماما الزمن الذي يقضيه الإنسان ويضيعه مع الوسواس.

وممارسة الرياضة أيضا مفيدة، فابحثي عن أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة.

بالنسبة لعلاج الوسواس من الناحية الدينية: اعلمي أن هذه الوساوس أتت حتى لأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهي ليست دليلا على ضعف إيمان الشخص أو ضعف شخصيته أبدا، فقد أتى بعض أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- واشتكوا له من مثل ما تعانين منه من وساوس، اشتكوا له وقال أحدهم: (والله يا رسول الله لزوال السموات والأرض خير لي من أن أتحدث عما يأتي في نفسي)، أو قال آخر: (لأن أصير حممة خير لي من أن أتكلم به)، وهذا الصحابي كان يقصد الوسواس، لكن الرسول -صلى الله عليه وسلم- طمأنهم، وأمر ألا يكترث لهذه الوساوس، وقال: (فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته)، وقال: (من وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله)، وأن يتم تجاهل الوسواس، وألا يحاور الوسواس.

و-الحمد لله- أنت شابة حريصة على تلاوة كتاب الله، والذكر والدعاء، ومن كان هذا دأبه كان الشيطان منه أبعد، ولا تنسي المعوذات الثلاثة الإخلاص، والفلق، والناس، وآية الكرسي، فإنه لا يزال عليك من الله حافظ يومك حتى تسمي، وليلك حتى تصبحي.

إذا هذا هو الحل بالنسبة للوسواس القهري، الحلول هذه تقوم على أسس علمية وعملية سلوكية وتطبيقية، فأرجو الالتزام بها حتى تتحصلي على أعلى درجات الفائدة العلاجية والشفاء التام -بإذن الله تعالى- من هذه الوساوس.

بخصوص الأسئلة الشرعية حول الجواز وعدمه يرجى مراسلة مركز الفتوى؛ لأنه المختص بمثل هذه الأمور، وذلك على الرابط التالي:
https://www.islamweb.net/ar/fatwa/

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات