السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة عمري 19 سنة، أعاني من الرهاب الاجتماعي منذ خمس سنوات، منذ بداية مراهقتي إلى الآن, كانت بداية المشكلة سببها عدم الثقة بالنفس والشعور بالدونية وعدم الكفاءة، كانت فترة صعبة جدا في حياتي، ولم أكن واعية بما فيه الكفاية حتى أتصرف مع هذه المشكلة بالشكل الصحيح، فبدلا من أن أواجهها قررت الاختفاء عن الأنظار، فلم أعد أحضر المناسبات مع عائلتي ولا أسلم على الضيوف، بل قطعت علاقتي مع كل صديقاتي في المدرسة.
ومع مرور الأيام يزداد الوضع سوءا، فهذه الفترة التي أمر بها حاليا في حياتي تشبه الموت, كرهت كل شيء, أمر بمرحلة من التبلد والحزن الشديد، وأبكي كل يوم بحرقة وألم على الحال الذي وصلت إليه, ليس لدي صديقات، وأخاف من الناس، ولا أستطيع التعامل معهم, أكره الجامعة والتخصص والناس, لا أشعر بأي شيء ممتع في الحياة, لا أشعر بالراحة في أي شيء أفعله، ولا حتى في صلاتي, أشعر بنفور من القرآن والعبادة والدعاء، ووساوس النفاق والكفر تقتلني، حتى أنني أصبحت مدركة ومتأكدة أنني منافقة، وأن الله يكرهني وإلا فلن يحصل لي هذا النفور من طاعته وأتذكر دائما قوله تعالى:( سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ۚ ذٰلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين)، وآيات أخرى كثيرة، أشعر أنها موجهة لي.
نحن الآن في شهر رمضان، والناس تتسابق للطاعات، ولا أستطيع أن أكمل حتى صفحة واحدة من القرآن, يضيق صدري مباشرة عندما أبدأ في القراءة، وخاصة سورة البقرة, صدري يكاد يتفجر من الحزن كل ليلة حتى أنني أتمنى الموت.
أرجوكم أخبروني هل أنا مصابة بالاكتئاب؟ وهل هذه الظروف النفسية التي أمر بها تسبب النفور من الطاعة أم أن هذا فسوق بي والله يعاقبني بهذا الضيق الشديد في صدري؟
أرجوكم ساعدوني، كيف أخرج من هذا الجحيم؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Misk حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
هوني عليك، أنت تعانين معاناة واضحة من اضطراب الهلع الاجتماعي والوسواس القهري، وهي أمراض نفسية - يا أختي الكريمة - وليست نفاقا، ولا تعتبر ضعفا في الإيمان، هي أمراض نفسية أصبت بها - أختي الكريمة - وتحتاجين إلى مساعدة.
يجب عليك الذهاب لأقرب طبيب نفسي ليقوم بمعاينتك، وإجراء المقابلة اللازمة، ومن ثم معرفة التاريخ المرضي بالتفصيل، ومن ثم وضع خطة علاجية لمساعدتك، والخطة العلاجية إما أن تكون علاجا دوائيا، أو علاجا نفسيا، أو الاثنين معا، والآن هناك علاجات فعالة للوسواس القهري والرهاب الاجتماعي لا تسبب الإدمان، وآثارها الجانبية قليلة.
وأيضا هناك علاجات نفسية مثل العلاج السلوكي المعرفي يعطى عدة جلسات، ويمكن أن يجتمع العلاج الدوائي والعلاج السلوكي المعرفي، وهنا تكون الفائدة أقوى وأشمل.
وفقك الله وسدد خطاك.
---------------------------------------------
انتهت إجابة: د. عبدالعزيز عمر أحمد -استشاري الطب النفسي وطب الإدمان-، وتليها إجابة: د. حسن شبالة -مستشار شؤوون أسرية وتربوية-.
---------------------------------------------
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك مما فيك.
أنت بحاجة إلى قوة الصبر والتحمل والرضا بقضاء الله وقدره وقوة التوكل والاعتماد على الله سبحانه، لأن التعلق بغير الله يزيد العبد وهنا وضعفا .
وما تعانين منه احتمال كبير يكون ناتجا عن مرض نفسي أو إصابة بالمس الشيطاني، لأن بعض الأعراض التي لديك تشبه من به مس، ولذا قبل الذهاب إلى مختص في العلاج النفسي، أنصحك بالذهاب إلى راق شرعي موثوق يرقيك ويشخص حالتك، فربما ظهر له أنك مصابه بمس شيطاني، فيعالجك بالرقية الشرعية وربما يفيدك بسلامتك من ذلك، فإن تبين له سلامتك من ذلك فاذهبي إلى طبيب نفسي كما أرشدك إلى ذلك المستشار النفسي.
ومع هذا ننصحك بالآتي:
1. بالمحافظة على الفرائض والواجبات والبعد عن المعاصي والمحرمات والإقبال على الله بالدعاء والتضرع وقراءة القرآن الكريم وكثرة التسبيح، فإن لهذه الأعمال أثر عظيم في استقرار النفس وذهاب ما فيها من هم وحزن وضيق، قال سبحانه:﴿ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون﴾، ﴿فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين﴾، ﴿واعبد ربك حتى يأتيك اليقين﴾[٩٩،٩٨،٩٧].
2. كما ننصحك بالبحث عن رفقة صااحة تعينك على الطاعة والخروج من الانزواء والانطواء الذي يؤثر كثيرا على نفسيتك، كما ننصحك بقطع التفكير السلبي كلما جاءك ولا تسترسلي معه أبدا فإن قطعه أنجح علاج له.
3. ثقي بالله تعالى أنك على دينه ومن المؤمنين به سبحانه، ولا تسمحي لهذه الخواطر أن تخرجك عن ذلك، فالنفاق بعيد عنك وكذا الكفر وإنما هي خواطر سيئة من الشيطان، فلا تسترسلي معها بل اقطعيها بالذكر والتسبيح، وقول كلمة التوحيد (لا إله إلا الله وحده لا شريك له) دائما.
4. حاولي أن ترتبطي برفقة صالحة من الأخوات أو التسجيل في مركز لتحفيظ القرآن لتخرجي من عزلتك وانطوائك، ومارسي حياتك الطبيعية بالتدريج.
5. ما أنت فيه ابتلاء واختبار من الله لك، فعليك بالصبر والرضا بقضاء الله تعالى وقدره، ولست مؤاخذة عليه لأنه ليس باختيارك، بل أنت مأجورة على ذلك إن صبرت.
6. عليك بالتضرع إلى الله والصدقة والاستغفار لعل الله يكشف ما بك من مرض فالأمر بيده سبحانه.
7. عليك بالتفكير الإيجابي بالحياة والتفاؤل بالمستقبل حتى يدخل بصيص النور إلى نفسك وتشعرين بالانشراح، فإن الشيطان حريص على تقنيط العبد من رحمة ربه سبحانه.
8. استغلي شهر رمضان ببرنامج إيماني مكثف، فالنفوس فيه مهيئة للطاعة والعبادة والأجواء المناسبة، فقط تحتاجين إلى صدق العزيمة وقوة الإرادة في الإقبال على الله والالتجاء إليه، واستغلي السحر، وعند الإفطار بالدعاء.
عسى الله أن يستجيب لك ويشفيك مما فيك، فهو كريم عظيم رحيم بخلقه سبحانه.