السؤال
السلام عليكم..
أرسل هذه الرسالة آملة أن أجد عندكم الرأي السديد، وأن يوفقكم الله لكل خير.
أنا فتاة تخرجت العام الماضي بفضل الله، ويسر الله لي التعيين داخل الجامعة، ولا أخفي عليكم تعلقت (حتى من قبل تعييني) بأحد المعيدين هناك، وهو على خلق ودين، وكثيرا ما أستشيره في أمور خاصة بالعمل، فهو يحب مساعدة الغير كثيرا، ووجدت نفسي أزداد ثقة به، لا أعلم حقيقة مشاعره تجاهي، وأظن أنه لا توجد، فأنا لست جميلة مثلا حتى يعجب بي، وكثيرا ما قررت أن أقطع تماما أي تواصل بيني وبينه ولا أفلح، فتظهر لي مشكلة عارضة أضطر أن ألجأ له فيها ليساعدني، فمعارفي ليسوا كثيرين، ولا أعرف كيف سيكون حالي إذا خطب هذا الشاب غيري؟ ولا أدري كيف ستكون خيبة أملي!
أخبركم مبدئيا أني لا أصل لدرجة العشق لهذا الرجل، ولكن أظنه إعجابا به، وتمنيته زوجا، وخائفة من أن يخطب لأني سأحيل هذا على عدم جمالي وأنه لا أحد يريدني.
انصحوني بالله عليكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هديل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فجميل أن يكون إعجابك بأستاذك في الجامعة لم يجاوز حدود الشرع في تبادل عبارات الإعجاب ونحوه من مخالفات الخلوة والخضوع في القول والتوسع في الكلام, كما ومن الجميل أن يكون هذا الإعجاب الداخلي لم تصبه لوثة العشق والتعلق الزائد؛ كونه قد يضر بصحتك النفسية ومصالحك الحياتية, ومن الجميل ثالثا أن يكون إعجابك مبنيا على معايير كون الأستاذ على خلق ودين وحبه المساعدة للآخرين, فبارك الله فيك –أختي الفاضلة– ووفقك ورزقك الزوج الصالح والنجاح في أمورك كلها.
تنبهي –أختي الكريمة– أنه كثيرا ما يكون الإعجاب في الشباب مجرد خاطرة أو فكرة عابرة تحتاج إلى تمهل وروية وضرورة اطمئنانك إلى الاستعداد الكامل في الزواج به من غير معارضة الأهل, ومع ضرورة تنبهك إلى أن فارق السن الكبير يؤكد هذا التأني والتثبت, على أنه لا عيب أو حرج في ذلك شرعا فقد تزوجت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها برسول الله وبينهما فارق في السن كبير, وكانت أبرك زوجة لأعظم زوج عرفه التأريخ والدنيا, وفي الزوج كبير السن مزايا في العقل والحكمة لا تخفى.
- وعليه, فلا مانع إذا كنت معجبة بمزاياه الطيبة أن تشيري لمن تثقين بدينه وخلقه ومروءته وحفظه للسر وحكمته إلى أن يشير إلى أستاذك بك من غير ذكر تكليفك له, هذا إذا كنت يغلب على ظنك موافقته على الزواج بك, وهو أمر محل شك لديك كما ذكرت.
- وأذكرك بالإيمان بالقضاء والقدر, والرضا بقسمة الله واختياره لعباده فيما إذا تزوج هذا الأستاذ بغيرك, فلا يدري الإنسان بحقيقة مصلحته واعتبار المآلات والعواقب, فكم من أمر ظاهره حسن وباطنه سيء, وكم من بدايات مشرقة لكن نهايتها محرقة (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون), ففي الصبر على البلاء والشكر للنعماء والإيمان بالقدر والرضا بالقضاء وحسن الظن برب الأرض والسماء سبحانه وتعالى ما يجعل المحنة منحة, والنقمة نعمة (لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم).
- أما المبالغة منك في عدم تقدير ما حباك الله به من جمال, فهو أمر يحتاج منك إلى إعادة نظر ومراجعة, إذ الجمال في الناس نسبي ومعايير الناس ومقاييسهم في الجمال مختلفة, فما قد لا يعجب فلانا من الناس يعجب آخر والعكس, وهو ما يدل عليه الواقع في كثير من الزيجات , وليس أحد كامل الصفات أو العيوب من جميع الجهات, والجمال الأعظم هو جمال الأدب والخلق والروح والنفس وحس الدعابة واللطف والرقة ونحوه.
- جمال الوجه مع قبح النفوس ** كقنديل على قبر المجوسي.
- فأوصيك بحمد الله وشكره على نعمة الجمال والصحة والطاعة والعافية والدين والخلق.
- أوصيك بالاستخارة لله تعالى, والإكثار من ذكر الله وقراءة القرآن ولزوم الصحبة الطيبة, واللجوء إلى الله تعالى بكثرة الدعاء أن يوفقك في دراستك ويرزقك الزوج الصالح (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما).
أسأل الله أن يختار لك ما فيه الخير في دينك ودنياك, ويرزقك الزوج الصالح, ويجنبك كل سوء ومكروه, ويعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته ويرزقك التوفيق والسداد في حياتك عامة وسعادة الدنيا والآخرة.