السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا طالبة عمري 20 سنة، لدي هدف، وأعرف دافعي من هذا الهدف، رغبت به وعمري 16 سنة، والهدف غير واقعي تقريبا، ولا أعرف إذا كانت المراهقة سبب في ذلك، أنا لم أنجز شيء منه، ولم أبدأ فيه بعد، ومع ذلك أشعر بإحباط شديد، وطوال هذه المدة كنت أشعر باضطراب، وأعاني من ركود، ولا مبالاة في حياتي اليومية، وهذا أثر على معدلي الدراسي.
فكرة أنني أعيش حياة عادية تخيفني، ولا أعرف لماذا؟ والمشكلة أنني مقبلة على الزواج، لذلك أرغب في توضيح أهدافي الشخصية، لأنني أشعر أنني لا أستطيع استخدام قدراتي، ولن أفعل أي شيء أريده، هل هذا الأمر يتعلق بثقتي بنفسي، هل تعلقي بهذا الهدف طبيعي، كيف أعرف أنه هدف حقيقي، وكيف أتخلص من الركود والخوف من المجازفة؟
أفيدوني مع الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ السائلة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
- من جميل نعم الله عليك -ابنتي الفاضلة- حرصك على التخلص مما تشتكين، من حالات الركود والخوف والمجازفة، وعدم الاستطاعة من الاستفادة من قدراتك, وعدم الثقة بالنفس، وخوفك من أن تعيشي حياة عادية, مما يدل على طموحك وأملك في النجاح والتفوق، وتفاؤلك بالمستقبل, وسؤالك عن الحل والعلاج يستلزم إقرارك بقدرتك على تطويرها إلى الأحسن، وهو أمر إيجابي، ومقدمة للنجاح -بإذن الله-، فالمرء حيث يضع نفسه.
"وما المرء إلا حيث يجعل نفسه ** ففي صالح الأعمال نفسك فاجعل".
- ولا شك أن مما يسهم في رفع الهمة والقوة العملية لديك، والتخلص من مشكلتك النفسية والعملية يتمثل في الآتي:
- إدراكك أن (مرحلة المراهقة) التي تمرين بها هي مرحلة تراهق أي تقارب مرحلة النضوج, حيث لم يكتمل فيها النضج النفسي والعقلي، وتكون فيها الاضطرابات النفسية المختلفة, يرافقها نشاط فطري وغريزي، وتبدل عاطفي وقلق، وعدم استقرار واضطراب نفسي، ممزوج بحيرة، وتتمتع فيها الفتاة بدرجة عالية من الصدق والتضحية، وغلبة العاطفة على العقل، والاهتمام بالجانب العضوي، والكمالات الأخرى، وحب التفوق أيضا، كالعلم والأخلاق والعبادة، مصحوبا بالكبرياء والغرور والحياء والخجل، والحساسية المفرطة، وتتميز بالأنانية المفرطة في التعامل مع الوسط الاجتماعي، لما تتميز به من حب الظهور، وإثبات الذات, ولذلك تحتاج إلى مزيد عناية واستشعار المسؤولية تجاهها، وإلى لزوم الصحبة الصالحة والناصحة التي تؤنسها في وحدتها، ووحشتها النفسية.
- ضرورة وضع أهداف ممكنة التحقق، وواقعية ومجدية وأن تكون مشروعة، وأن تربطي تحققها بجهودك دون غيرك، إلا في حال المساعدة فحسب، وأن تحددي لتحقيقها موعدا زمنيا يمكن قياسه، وأن يكون مناسبا لميولك وقدراتك في لزوم الحرص على طلب معالي الأمور، وإدراك أن التحصيل الدراسي هو من القوة المأمور بإعدادها في قوله تعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم).
- فاحرصي على تحقيق النجاح في حياتك عامة, ومنها الزواج والدراسة حيث لا تعارض بينهما, واجعلي نيتك صالحة في تحقيق مصالح نفسك وأهلك ومجتمعك وأمتك, وفي الحديث: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) متفق عليه.
- حسن الظن بالله، والثقة بالنفس، وتنمية الإيجابيات والقدرات، وتحسين نقاط الضعف، والتحلي بالشجاعة، واكتساب مهارات جديدة.
- إن نجاحك متعلق بثقتك بنفسك، وقوة عزمك وحزمك، وتصميمك وطموحك، وإرادتك بعد الثقة بالله وتوفيقه (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، وفي الحديث: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز) رواه مسلم.
- فالزمي الجد والاجتهاد والمثابرة والمصابرة لله تعالى, ولا تستثقلي المشاق أو تضخمي العوائق, فمن كانت بدايته محرقة كانت نهايته مشرقة, (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين).
"إذا ما كنت في أمر مروم ** فلا تقنع بما دون النجوم.
وما نيل المطالب بالتمني ** ولكن تؤخذ الدنيا غلابا.
وما استعصى على قوم منال ** إذا الإيمان كان لهم ركابا".
- الدعاء الصادق والالتجاء إلى الرب سبحانه وتعالى (وقل رب زدني علما) , وكذا قراءة القرآن الكريم، والسيرة النبوية، وتراجم وسير العلماء والنبلاء، لا سيما الصالحين منهم.
- لزوم الصحبة الطيبة ذوي الهمم العالية, فابحثي عن أصدقاء إيجابيين يدعمونك، ويثنون على جهدك ويدفعونك إلى الأمام, وابتعدي عن الأصدقاء السلبيين ونظرتهم المحبطة للحياة، وشاركي بالحوارات وتبادل الآراء، والبعد عن كل ما من شأنه الهبوط بالهمة وتضييعها، مثل وسائل الإعلام، والتواصل الاجتماعي، وكثرة الزيارات للأقارب والأصحاب، أو الإغراق بالجدل والخلافات، إذا خلت عن الأهداف الشرعية والمصالح النافعة, وتحاشي كثرة الاستمتاع بالمباحات والملهيات.
- استحضار نعمة الوقت والفراغ، والحرص على تنظيم الوقت وحسن إدارته, والحذر من آفة الكسل والفتور, ومن دعائه -صلى الله عليه وسلم-: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن, وأعوذ بك من العجز والكسل, وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال)، (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ) رواه البخاري, وترك التسويف.
ولا أؤخر شغل اليوم عن كسل ** إلى غد , إن يوم العاجزين غد.
أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يلهمك الهدى والخير والصواب، ويهديك سبل الرشاد.