السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يعطيكم العافية على هذا الموقع المثمر وجهودكم المباركة، جزاكم الله خيرا.
أنا سيدة عمري 37 سنة، مطلقة منذ ١٠ سنوات، وليس لدي أطفال، تقدم لخطبتي الكثير من الشباب، وعندما تقترب الخطبة من التمام أرفض المتقدم لأي سبب وأقنع من حولي به، وتكرر الأمر على مدى سنوات.
مع العلم بأنني طالبة علم شرعي، وأحفظ القرآن، ومواظبة على الصلاة وقراءة القرآن، والرقية الشرعية يوميا صباحا مع أذكار الصباح.
بماذا تنصحوني؟ فأنا أريد الستر ولا أريد أن يمضي عمري هكذا، ماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ صافية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك – أختي العزيزة – وأسأل الله أن يفرج همك ويشرح صدرك وينير عقلك ويزكي نفسك ويطهر قلبك وييسر ويتولى أمرك وأن يسلمك من كل سوء ومكروه ويرزقك الزوج الصالح والذرية الصالحة والحياة السعيدة.
- بخصوص مسألتك – أختي الفاضلة – فإنه لن يخلو الحل من اتباع الخطوات التالية:
1- ضرورة تعزيز الثقة بالنفس وتقوية الإرادة, والإحساس بالفاعلية, فاستعيني بربك وتوكلي عليه وتيقني بقدرتك على النجاح وتحقيق غاياتك الجميلة وأهدافك النبيلة, فبادري إلى الزواج دون قلق أو رهبة أو تردد؛ فأنت ولا شك بطبيعة تدينك وثقتك بالله تعالى قادرة على بناء وتكوين الأسرة المسلمة والسعيدة -بإذن الله تعالى-، لا سيما وأنك طالبة علم ومن أهل القرآن والخير بحمد الله.
2- اعلمي أن الوساوس من القدرة على النجاح في الزواج لا حقيقة لها, كما وهي مؤقتة ولن تدوم طويلا, - بإذن الله -، وإنما تحتاج لعوامل التحلي بالشجاعة ومرور الزمن وتعزيز الثقة فحسب (ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين)، فاطرحي مخاوفك جانبا, وتغلبي على شكوكك واطردي الأفكار السلبية وصفي ذهنك وتحرري من القلق والشعور بالضعف, وادخلي مع نفسك في تحدي, فإن (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف.. احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز) رواه مسلم، إلا أن من المهم هنا الاطمئنان إلى صفات الزوج الصالح وتحليه بالدين والخلق والأمانة كما لا يخفى عليك, فاحرصي في سبيل تحقق ذلك إلى الاستخارة والاستشارة وعدم مطاوعة هوى النفس والشيطان.
3- كما وأوصيك كذلك بالاستمرار على الرقية الشرعية دفعا لما قد يكون من أعراض العين والحسد وأذى الجان, فابدئي يومك بالأذكار وقراءة القرآن, ففيهما الراحة والاطمئنان, واستمداد عون الرحمن (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، ولا يخفى أن الرقية الشرعية بالأذكار والأدعية وقراءة القرآن فيها كثير بركة وخير ورحمة وشفاء, لا سيما للأمراض النفسية, كما قال تعالى عن كتابه الكريم: (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين) (وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين) (قل هو الذين آمنوا هدى وشفاء)، فعليك بالاستمرار في رقية نفسك بالقرآن الكريم, والقرآن كله خير وبركة, إلا أن سورا معينة دلت النصوص على كبير فضلها في الرقية خاصة, منها : قراءة سورة البقرة, وسور الإخلاص والمعوذتين. وكذا أذكار الصباح والمساء, وأعمال اليوم والليلة. ويمكنك الرجوع إلى الكتب الموثوقة في ذلك.
4- وينبغي كذلك مراجعة الاستشارية النفسية؛ ذلك أن النفوس تمرض كما تمرض الأبدان (وفي أنفسكم أفلا تبصرون)؟ لا سيما مع كثرة ابتلاء الناس مؤخرا بالأزمات والضغوط النفسية والاجتماعية والمالية وغيرها, فلا تترددي في زيارتها واستشارتها والعلاج لديها – إذا أمكن – شريطة أن تكون الطبيبة على قدر من الدين والأمانة والاختصاص.
5- اللجوء إلى الله تعالى بخالص الدعاء (وقال ربكم ادعوني استجب لكم) (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) (أمن يجيب المضطر إلى دعاه ويكشف السوء)
" إلهنا ما أعدلك ** مليك كل من ملك "
ما خاب عبد أملك ** أنت له حيث سلك "
لولاك يا رب هلك ** لبيك إن الحمد لك "
ومن خير الأدعية في ذلك قوله تعالى حاكيا دعاء عباد الرحمن كما في آخر سورة الفرقان: (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما).
6- وأوصيك بالصبر على البلاء, والشكر على النعماء والرضا بالقضاء واحتساب الثواب عند ربك في الآخرة يوم اللقاء, وحسن الظن بالله تعالى والأمل والتفاؤل في الشفاء, حقق الله آمالك الطيبة, وسلمك الله وعافاك من كل هم وقلق ومكروه وبلاء.
أسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والهدى والخير والقوة والحكمة واليقين والرشاد، وأن يثبتنا على الدين ويهدينا صراطه المستقيم.