السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاه عشرينية أعاني من حب الشباب المتوسط المزمن، ومستمرة في علاجه.
ولكن ما زاد الأمر سوءا أنني لا أستطيع التوقف عن العبث بهذه البثور، أو التفكير بها، وبما سيحدث في وجهي مستقبلا فهي شغلي الشاغل.
كما أنني دائمة النظر للمرآة، فما أن تظهر لي حبة أو حبتان، أعصرها حتى ينزل منها الدم، وتتشوه، ما سبب لي آثارا وندوبا، عدا الأثر النفسي والاكتئاب، فأصبحت نادمة أشد الندم، وألوم نفسي، وكلما قطعت وعدا على نفسي أنكثه، حتى أنني أحلف بالله أنني لن ألمس وجهي، ولكن دون جدوى، وحاليا أنا في طور العلاج، ولم يمنعني هذا من الخوف والقلق.
- لا أخفيك أن هذا الأمر أثر كثيرا على سير حياتي، بل أنني أحيانا أمتنع عن التجمعات والزيارات بسبب الآثار الكثيرة التي تغطي وجهي، وقبل فترة وقعت عيني على مقال في الإنترنت تحت عنوان: "حب الشباب العصبي"، وأرى أن أعراضه تنطبق علي فهل هذا ما أعاني منه، أم أنه وسواس قهري، وهل حالتي تستدعي إلى تدخل نفسي؟ مع العلم أنني لا أريد الوصول لهذه المرحلة، أو حتى تناول عقارات نفسية، وأفضل التوجيه السلوكي، فما هو الافضل لحالتي؟
* ملاحظة: أنا بطبيعتي كثيرة التفكير، وأميل إلى القلق، وتضخيم الأمور، كما أن ثقتي بنفسي ضعيفة، يؤثر على نفسيتي أي انتقاد أو ملاحظة، فما توجيهكم لحالتي؟
أرجوا الإفادة، جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مها حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، نرحب بك في الشبكة الإسلامية.
موضوع اللعب بالبثور أو الانشغال المطلق بها حالة قلقية وسواسية، الأمر يبدأ بنوع من القلق، وبعد ذلك يحدث ما نسميه بالتطبع أو التكيف أو نسميه (النمط الوسواسي)، هذه الملامسات المستمرة والانشغال الشديد بحب الشباب والبثور الناتجة منه فيه جانب قلقي وسواسي، ومن سماه (حب الشباب العصبي)، يقصد وجود القلق كمكون رئيسي يدفع بالإنسان لأن يكون موسوسا حول هذا الأمر، يعني القلق هو الطاقة النفسية الرئيسية التي تلعب دورا أساسيا في هذا السلوك.
طبعا أي سلوك من أجل أن نحاربه أو نغيره لا بد أن نؤمن بسخفه، وأنه لا يناسبنا، وأننا يجب أن نتعايش معه، والقرار في هذا السياق يجب أن يكون حازما وصارما، (لن أتعايش مع هذا السلوك)، وأعتقد هذه القناعة الفكرية هي المنطلق الرئيسي الذي يؤدي إلى تعديل وتغيير السلوك، وتعديل السلوك ليكون إيجابيا، فانتهجي هذا المنهج.
ثانيا: اعرفي أنك حين تقومين بمقاومة هذا الفعل الوسواسي سوف تصابين بدرجة عالية من القلق، وهذا أمر جيد، ويجب ألا تستجيبي لهذا القلق بأن تلعبي مثلا بالبثور، لا، يجب أن يكون لديك الإصرار والمقاومة، والتجاهل الصارم، وبعد فترة سوف يبدأ القلق في الانخفاض التدريجي حتى ينتهي تماما.
من الأساليب السلوكية البسيطة جدا: يمكن أن تقومي مثلا بملامسة هذه البثور عن طريق أصابع اليد دون اللعب بها، وبعد ذلك قومي فجأة بنزع يدك والضرب عليها بشدة وقوة على جسم صلب مثل سطح الطاولة مثلا، الهدف هنا هو أن تربطي ما بين السلوك الناشئ من الانشغال واللعب بحب الشباب وإيقاع الألم على نفسك، وجد علماء السلوك أن الأشياء المتناقضة لا تلتقي، بمعنى أن الألم - الضرب على اليد- واللعب بهذه البثور والحبوب لن يلتقيان أبدا.
هذا تمرين سلوكي بسيط جدا إذا كررته عدة مرات -عشر مرات صباحا وعشر مرات مساء- مع وجود قناعة علاجية بفائدته أعتقد أنه سوف يفيدك ويؤدي إلى ما يعرف (فك الارتباط الشرطي)، فطبقي هذا التمرين.
التمارين الرياضية، وتمارين الاسترخاء بصفة عامة، تقلل كثيرا من مستوى الوسوسة والانشغال بالسلوك الذي يزعجك، فاحرصي على ذلك، حسن إدارة الوقت أيضا أمر مطلوب، وجود منافذ ومنافس أخرى، مثلا أن تبني هوايات جديدة، أن تقرئي، أن تكون لك برامج جيدة للتواصل الاجتماعي. يعني أن تكون هنالك بدائل.
النقطة الأخيرة: وجد أن عقار (فافرين) يفيد في مثل هذه الحالات، والفافرين يسمى علميا (فلوفكسمين)، وهو دواء بسيط جدا، وأنا أقترح لك الاقتراح وأترك لك أمر الخيار، وإن ذهبت إلى طبيب نفسي -أو حتى الطبيب العمومي بالمركز الصحي- أعتقد أنه سيشجعك على هذا العلاج.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.