سلوك طفلتي العنيف كيف أقومه؟

0 203

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولا أشكركم على هذا المجهود الرائع والمفيد، وجزاكم الله عنا كل خير.

مطلقه من رجل مريض نفسي، وعندي بنت عمرها 3 سنوات و10 شهور، وانفصلت عن والدها وهي بعمر 8 شهور، وهو لا يزورها إلا نادرا جدا، ولكنه يصرف عليها، وحينما بدأت تفهم، زارت والدها 3 مرات خلال السنة.

مشكلتي معها في تربيتها، كيف أربيها تربية خالية من الأمراض والاضطرابات النفسية، وسؤالي هل سلوكها طبيعي؟ وكيف أتعامل معها؟ لأنها تؤذي الأطفال وتخرب كل شيء، وهي تتحسس من عدم وجود والدها، وتسأل عنه من فترة لأخرى، واليوم أصبحت تكره أي أحد يناديها باسم والدها، وتقول اسمها مثل اسمي، ولديها مشاكل كثيرة في السلوك، وعدوانية جدا، تتمنى أن تكون لصا عندما تكبر، أو تكون رجلا، وهي لا تخاف أبدا، وتتمنى زيارة الطبيب لأخذ الإبرة، وتدعي بأنها مريضة، من أجل ذلك.

سلوكها غير طبيعي، علما أنها ذكية جدا، وذلك بشهادة الجميع، لست عنيفة بتعاملي معها، بل دائمة المدح لها، وأشيد بسلوكها الإيجابي وأشجعها، وهي لا تلعب بالأجهزة الإلكترونية، ولا تتابع برامج الأطفال، فهي ملولة وسريعة الضجر، ولا تستهويها المشاهدة، أسألها أسئلة قبل النوم، لأعرف أفكارها، وتتحدث بجرأة.

ضربت أولاد الجيران، وأخرجت الدم منهم، غضب أهل الأطفال وقاموا بتعنيفها، وردت: (مالكم دخل)، وابنتي بالفعل تضرب الأطفال بعنف، ولا تحس بالذنب، ولا تتأسف، لأنها لم تتعود التأسف.

لا تريد الذهاب للحمام بنفسها، وتفرغ حاجتها على ملابسها، ثم تقول لي بأن أنظفها، حتى لو شجعتها أو ذهبت إلى الحمام، لا تتشجع، ولا تخاف من الحمام، لكنها تحب العناد، لأنها مشغولة باللعب، ولا تريد أن تقطعه، ولا ينفع معها التأنيب، لأنها تسكتني بالتأسف، ثم تفعل ما تريد من الأخطاء، تتأسف بكل سهولة لو عبت على سلوكها.

حاولت تأديبها بالغضب عليها، وأن لا أكلمها لدقائق، ولكنها لا تحتمل فتتأسف، ولا تترك الخطأ حتى بعد ثوان من الاعتذار، استخدمت أسلوب التشجيع والتحفيز، مثل أن أقول لو كنت جيدة ولم تقومي بالمشاكل وضرب الأطفال، سأشتري لك ما تحبين، وفعلا أشتري لها ما تختار، ولا أخلف بوعدي لها، ولا فائدة تذكر.

أتحدث معها قبل النوم، وأتركها تتحدث بما يدور بخاطرها دون أن أنفعل، حتى لو قالت أمور غير جيدة وخاطئة، وذلك حتى لا تخفي عني شيئا، لكن كل كلامها خيال في خيال، وتكذب جدا، مع أنها تعرف بأن الكذب غير جيد، وتعلم بأن من يكذب يعرفه الله، ولا يعطيه المال، وهي تعرف بأنها لو دعت الله سوف يستجيب لها، وحينما تدعو ألبي رغباتها لتزداد ثقتها بالدعاء.

من الخرافات بأنها تقول أن والدها غضب عليها، لأنها طلبت أن يشتري سيارة كبيرة، وتتخيل بأنها قالت له آسفة، ولكنه لم يقبل اعتذارها، وتقول بأن الدم يخرج من والدها بسبب الحجارة، وأنه مريض ويعالج بالمستشفى، علما لا أحد يتكلم عنه، وكأنه ميت، لأنه مريض وخفيف العقل، وليس مؤهلا ليكون أبا، ولأنه يعيش في انطواء غير طبيعي، وفي خوف وشك من الناس، لذلك يخاف من زيارتها، فعنده عقد كثيرة جدا، واكتئاب.

عندما أستفسر منها من أفضل شخص في البيت، تقول هي، ولو كررت السؤال تذكرني، علما أن أسرتي لطيفة معها، وأمي حنونة عليها وهي لا تحب أخي الذي في مثل عمرها، مع أنه طيب معها، ويخاف منها جدا، ولا تترك له أي حاجة إلا وتأخذها وتضربه يوميا، وتأخذ ألعابه، وهي أنانية جدا، وأمي تصبر عليها، ولا تصرخ أو تضربها، وإخوتي يحبونها ويصبرون على إزعاجها.

طفلتي غير راضية، متطلبة ولا تشبع، وأنا فقط ألبي الاحتياجات الهامة وأتجاهل الباقي، عندها مشاكل في النوم، نومها متقطع، وتصرخ وهي نائمة.

عندما يجلس إخوتي الصغار لمشاهدة التلفزيون تغلقه، أو تحضر العصا وتضربهم فيبكون، وعندما أحذرها تعتذر، ولو رفضت اعتذارها تبكي.

تعتمد على نفسها في كل شيء، كاختيار ما تحب من السوبر ماركت، وتقوم بمحاسبة الكاشير لوحدها، ولا تخاف من أحد، وكل شخص يعرفها لأول مرة يقول بأنها مغرورة، وأنها واثقة من نفسها جدا.

تجلس دون ملابس طوال الوقت، وتحب أن أشتري لها ملابس كبير جدا، أو عباية كبيرة، ولا ترضى بملابس سنها، تحس بأنها كبيرة، وتتحجب مثلي، وتحب أن أعمل لها تسريحة معينة في بالها، وحينما لا أفهم طلبها تقول أنني مجنونة، لأنني لا أعرف عمل ما تريد، تحب اللعب وحدها بالسيكل، ولا تشارك أحدا في ألعابها.

آسفة على الإطالة، وذلك لتفهموا شخصيتها وما تعاني منه، وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله تعالى أن يجعل هذه الأبنة قرة عينا لكما، هذه الأبنة صغيرة وظروفها خاصة، وقطعا مسلكها ليس مريح بالنسبة لك، والذي أؤكده لك بادئ ذي بدأ أن السلوك يكتسب، أن السلوك يتم تعلمه، فهذه البنية تتصرف تصرفات أكبر من عمرها، ولا بد أن تكون قد اكتسبتها من محيطها، هذا مع احترامي الشديد جدا لأسرتكم الكريمة، والمبادئ التربوية السلوكية سوف تظل كما هي، أن نشجع على ما هو إيجابي، أن نتجاهل ما هو سلبي، وأن نعزز سلوكيات جديدة، هذا الكلام يجب أن يخرج من الإطار النظري إلى الإطار الواقعي والتطبيقي.

والطفل يتعلم من الطفل بصورة أفضل، وهذه البنية إذا كان بالإمكان أن يهيئ لها محيط فيه أطفال آخرين، حتى ولو تعانفة معهم في بداية الأمر، ولكن بعض ذلك سوف تتطبع بسلوكهم، هنالك شيء مهم، وهو أن نتأكد أن هذه البنية ليس لديها فرط في الحركة، أحيانا الطفل الذي يتصرف مثل تصرفاتها قد يكون في الأصل لديه نوعا من زيادة أو فرط في الحركة، مما يزيد من اندفاعيته وتعانفه واضطراب مسلكه، وهذا لا يمكن التأكد منه إلا إذا عرضت الطفلة على طبيب مختص، طبيب الأطفال المختص في أمراض الأعصاب قد يساعد في هذا السياق، كما أن عرضها على الطبيب النفسي المختص في الطب النفسي للأطفال سيكون أمرا جيدا ومفيدا، إذا كان ذلك بالإمكان.

فإذا يجب أن نتأكد من هذه النقطة، وأحرصي على المبادئ السلوكية التي تحدثنا عنها، طريقة النجوم طريقة محفزة لبعض الأطفال، فأرجو أن تجربيها معها، أمر مهم جدا وهو أن تلاعبي طفلتك، وحين أقول ذلك أقصد اللعب الذي يناسب عمرها، فأنا أريدك أنت أن تنزلي إلى مستواها الطفولي، وتلاعبيها كأنك أنت طفلة في عمرها، هذا يؤدي إلى تغير كبير جدا في السلوك، إذا أحسن استغلال هذه المنهجية العلاجية.

بالنسبة لمرض والدها نسأل الله تعالى له العافية، لا تثير هذا الموضوع كثيرا، اجعلي الطفلة تبني مشاعر إيجابية نحو والدها مهما كانت علته، وقطعا لا تذكريه إلا بالخير، وحين تكبر سوف تدرك، وأنت يمكن في هذه المرحلة أن تقومي بدورك كاملا كأم وأن تحسني التصرف معها ورعايتها وهذا قطعا سوف يعوضها عن كل نقائص الوالديه إن وجدت.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا.. وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات