السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
أنا متزوجة منذ 8 أشهر، وأحب زوجي وهو أيضا يحبني، ولكن مشكلتي هي البكاء السريع جدا على أي خلاف يحدث بيني وبينه، مع الوقت لاحظت أن بكائي لم يعد يشعر به، حاولت مرارا وتكرارا أن أتوقف عن البكاء، ولكني فشلت! مؤخرا حدث خلاف بسيط جدا ووجدتني أبكي، وفوجئت به يقول لي باستهزاء: (ابكي).
مشكلتي أنني لا أحس بضيق شديد عند وجود خلاف بيننا، وأجدني أذهب لمصالحته حتى وإن كان هو المخطئ، ودائما أنتظر منه كلاما عاطفيا، ولكنه قليلا ما يقول لي مثل هذا الكلام، هو شخص محترم جدا، ويحبني وأحمد الله عليه، ولكن هذه المشكلة كثيرا ما ترهقني.
عذرا على الإطالة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Salma حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
- شكر الله لك حسن ظنك وتواصلك, وثنائك بالجميل على زوجك, وحرصك على كمال العلاقة الزوجية.
- إن سرعة انهمار دموعك وبكائك لأدنى الخلافات الزوجية يدل بوضوح على شدة حساسيتك، وفرط عاطفتك، وهو دليل على رقة ولطف مشاعرك وتحليك بالرحمة وتقدير الناس، إلا أن من الأفضل والأكمل بالإنسان أن يكون معتدلا متوازنا في مشاعره ؛ لما لا يخفى عليك من أن كلا من الإفراط أو التفريط في الأمور غير محمود, وخير الأمور الوسط, حفاظا على صحتك البدنية من الإصابة بأمراض الصداع، ومشكلات الأنف والعينين والقلب والقولون ونحوه, ومن التأثر النفسي سلبا بهذه المشاعر الفياضة والحساسة, ومنعا من سوء فهم الناس الخاطئ لك وتوهم ضعف شخصيتك, مع أن هذا الوهم غير لازم، ولما قد يترتب على هذا الإفراط في المشاعر من تصرفات خاطئة أحيانا.
لذا: فإن من المنبغي عليك ضبط مشاعرك وأحاسيسك وذلك بعدم الالتفات لها وضرورة نسيانها والتغافل عنها، وحسن الظن بالناس، وحمل كلامهم ومواقفهم على أحسن المحامل ووفق منهج التثبت والحلم والاعتدال.
- عدم المبالغة في الاعتبار بكلام الناس ومواقفهم, والتعلق بالله تعالى وحده؛ إذ أن من الواجب التعلق الكامل بالله تعالى وحده, وأما البشر فهم محل للضعف والجهل والعجز والنقص والخطأ والعيب كما لا يخفى.
- ضرورة صرف الانتباه عما يهمك ويحزنك حين المشكلة, والتفكير بمواقف أخرى مضحكة أو غيرها, وتنفسي بعمق, وحاولي الابتسام أو المشي ونحو ذلك.
- تحلي بالثقة بنفسك وقدرتك على ضبط مشاعرك والتفكير في المشكلات والخلافات بإيجابية وهدوء.
- مما يسهم في ضبط وتوازن مشاعرك: التنفيس عنها والتفريغ لها لدى من تأنسين من صديقاتك الصدوقات العاقلات الصالحات الناصحات.
- لا ينبغي لك أن تستائي أو تتألمي من رد فعل زوجك, واستنكاره لإفراطك في البكاء, وذلك – ربما – لتألمه وحزنه عليك وإن كان لا يظهره, أو لحرصه على التعاون معك في ضبط مشاعرك, وعلى أسوأ تقدير فلكونه مستاء من عدم توازن أحاسيسك, وهذا مما ينبغي عدم مبالغتك وانزعاجك منه, كما لا ينبغي له المبالغة في الانزعاج مما غلب على طبيعتك في البكاء، ولو لأدنى الخلافات, فالتعايش بينكما واجب مع الحرص على المعالجة ما أمكن.
- أما بخصوص مسارعتك إلى المصالحة مع زوجك، ولو كان مخطئا, فهنيئا لك ولزوجك هذا الخلق الإسلامي الكريم, وهو من جميل أخلاق المسلمات الصالحات الطيبات, حيث صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ الودود الولود العئود, التي إذا ظلمت قالت: هذه يدي في يدك, لا أذوق غمضا حتى ترضى) وحسنه الألباني.
- أوصيك – أختي الفاضلة – بالحرص على تجنب الأخطاء ما أمكن؛ للتخفيف من حدة الخلافات, وذلك بتقديم المزيد من البذل والتودد والخدمة لزوجك حفظه الله.
- كما وأوصيك باللجوء إلى الله تعالى بالدعاء والذكر وقراءة القرآن, ومتابعة المواعظ والمحاضرات والبرامج النافعة والمفيدة.
أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يلهمك الهدى والصبر والحكمة والرشاد ويجمع شملك وزوجك على خير ويرزقكما سعادة الدنيا والآخرة.