ما هي أسماء الله وصفاته المورثة للثقة به -عز وجل-؟

0 178

السؤال

السلام عليكم.

ما هي أسماء الله وصفاته المورثة للثقة به -عز وجل-؟ وهل يمكن ذكر بعض النماذج عن الثقة بالله؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

غالب أسماء الله سبحانه وتعالى وصفاته إذا تدبرها العبد واعتقدها فإنه تورثه الثقة المطلقة بالله تعالى، فأسماء الله تعالى العليم، العظيم، اللطيف، القوي، القادر، الكريم، الرحمن، الرحيم، ونحوها كلها تشعر العبد بعظمة خالقه وقدرته وكرمه، ولطفه وفضله عليه فتطمئن نفسه ويثق بربه الذي هذه أسماؤه وتلك صفاته، ويحسن الظن به.

قد قص الله علينا نماذج من ثقة بعض عباده به سبحانه، مثل قصة إبراهيم الخليل بربه حينما استسلم لذبح ولده، وقصته عند مجادلة قومه وإحراقهم له.

كذا قصة أم موسى مع ولدها، وإلقائه في البحر، قال الله تعالى:
﴿وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين﴾ القصص: 7، فقد بادرت المرأة الربانية إلى تنفيذ ما خطر ببالها وألقي في روعها، رغم قسوة مفارقة ابنها الرضيع - من جهة - ورميه في البحر أو النهر - من جهة أخرى - وإنه لمن الصعب إقناع أي أم بمثل هذا مهما صاحبه من وعود مستقبلية، لكن ثقتها بالله غلبت التردد.

قصة موسى مع قومه حينما أدركه فرعون في الساحل، قال الله تعالى: ﴿فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون * قال كلا إن معي ربي سيهدين﴾ الشعراء: 61، 62.

هو موقف عصيب، فالبحر يحول بين الفارين من مصر والضفة المقابلة، وعدوهم الذي يطاردهم يوشك أن يلحق بهم، فلم يبق بحسب الموازين البشرية أمل في النجاة، لكن نبي الله الواثق بربه، تجاوز المعايير الأرضية إلى الاعتماد على المقاييس السماوية فلم يخب ظنه، وجاء الفرج من حيث لا ينتظر البشر، واستشعار موسى لمعية الله دليلا على قوة ثقته بالله سبحانه!

كذلك قصة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حينما أخرجه قومه وهو مع صاحبه في الغار، فقد روى البخاري ومسلم قصة اختباء الرسول صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر رضي الله عنه في الغار، وهما في طريق الهجرة ودنو ملاحقيهم منهما بشكل ينذر بالخطر، وتضايق الصديق من ذلك وخوفه على الرسول والرسالة، فطمأنه بقوله: (ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟!) وهي عبارة مفعمة بالثقة بالله مهما بدى الظرف بلا مخرج ولا أمل! قال تعالى: ﴿إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم﴾ التوبة: ٤٠.

كذلك قصة دعاء ذي النون في بطن الحوت، قال سبحانه: ﴿وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين﴾ ﴿فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين﴾، الأنبياء: ٨٧، ٨٨.

كذلك قصص سائر الأنبياء مع أقوامهم، وثقتهم بربهم في نجاتهم وهلاك قومه، وذلك كله مفصل في آيات القرآن الكريم، وغيرها من النماذج التي وردت بالسنة النبوية التي تبين أثر الثقة بالله على العبد في تصرفه ونصر الله له، واستجابة دعوته.

مثل قصة أم إسماعيل وولدها حينما تركهم إبراهيم في أرض لا زرع فيها، روى البخاري قصة هاجر عليها السلام، وقد تركها زوجها إبراهيم عليه الصلاة والسلام، مع ابنها الرضيع بأرض قفار لا أثر فيها للحياة، وقفل راجعا وهي تتبعه متعجبة من صنيعه الغريب؛ إذ كيف يسلم إنسان امرأته وابنه المولود إلى الموت البطيء المحقق؟! وعندما التزم الصمت انتبهت إلى السر فسألته: آلله أمرك بهذا؟ فأشار أن نعم، فقالت: إذا لا يضيعنا.

إنها الثقة بالله التي جعلت هذه المرأة الضعيفة تقول تلك العبارة، وكلها نماذج تبين أثر الثقة بالله سبحانه وتعالى على العبد، فعلى المسلم أن يثق بالله تعالى مطلقا، فهو مالك الملك والمدبر لكل شيء، وهو القوي العزيز.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات