السؤال
السلام عليكم.
بسم الله أبدأ رسالتي وأتفضل بالشكر لله العلي القدير، فإني شابة في مقتبل العمر، حيث تكثر اللذات والشهوات، ولا يستطيع الإنسان أن يتمالك نفسه ولا يخفى عليكم الفعل والوقوع في المحرمات، ولكن ـ وبإذن الواحد المنان ـ فقد من علي بهداية، وأطلب من الله الثبات، أحاول جاهدة الابتعاد عن طريق الحرام قدر المستطاع، لا أستطيع الاختلاط مع من حولي خوفا من أنهم يعرفون عن ماضي شيئا، ولكن أقسم بالله العظيم أني أريد التوبة النصوح، فأريد أن أسمع منكم ما يطمئن قلبي!
وجزاءكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ دمعة ندم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!
فإن الله تبارك وتعالى سمى نفسه غفورا ليغفر لنا، وتوابا ليتوب علينا، والتوبة تجب وتمحو ما قبلها، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والله تبارك وتعالى يفرح بتوبتنا حين نتوب إليه، فأبشري بهداية الله، وسارعي في طاعته؛ لأن الحسنات تمحو السيئات: ( إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين )[هود:114].
وأرجو أن تتذكري أن للتوبة شروطا تتمثل في الآتي:
1- أن تكون خالصة لله، وليس خوفا على سمعة أو منصب.
2- أن يندم صاحبها على ماضيه.
3- أن يعزم على أن لا يعود.
4- أن يقلع عن الذنب في الحال، وأن لا يذكره على سبيل التشوق والافتخار ولكن على سبيل الندم ليجدد التوبة.
5- أن يرد الحقوق لأصحابها إذا كان ذلك ممكنا وإلا فعليه أن يكثر من الاستغفار والدعاء لأصحاب الحقوق.
6- أن يكثر من الحسنات ويسارع في الطاعات.
وهناك أشياء تعين الإنسان على الثبات وهي كما يلي:
1- أن يحرص على تغيير رفقة الشر وبيئة الشرور.
2- أن يتخلص من أدوات المعصية، من صور فاضحة أو أشرطة ماجنة أو ذكريات بائسة.
3- أن تبحث الفتاة عن أخوات صالحات.
4- أن تكثر من الدعاء والتوجيه لمصرف القلوب ليصرف قلبها لطاعته.
5- الإكثار من ذكر الله، والثقة في سعة رحمته، وعمارة القلب بحسن الظن بالله.
6- البحث عن وظيفة بعيدة عن الاختلاط بالرجال.
7- مراقبة الله والخوف من عقابه، والحرص على تقواه حيثما كنا.
أما بالنسبة للماضي فاستتري بستر الله عليك، ولا تخبري بأسرارك أحدا من الناس فإن الإنسان يملك سره مالم ينشره، واجعلي الأمر بينك وبين الغفور الرحيم، وجددي التوبة كلما ذكرك الشيطان بالماضي ليغتاظ هذا العدو الذي يدفع الإنسان في المعصية ثم يخوفه من مواجهة الناس ويثبطه عن التوبة، ولكن المنتقم لا يهمل، فاطردي عن نفسك هذه الهواجس، وابدأي حياتك بأمل جديد وروح جديدة، واجعلي أيامك عامرة بطاعة الله والبعد عن معاصيه.
واعلمي أن للطاعة ضياء في الوجه، وانشراحا في الصدر، ومحبة في قلوب الخلق، وللمعصية ظلمة في الوجه وضيقا في الصدر وبغضة في قلوب الخلق، ورب معصية أورثت انكسارا لله وخضوعا له أفضل من طاعة أورثت افتخارا وعجبا، وفهم السلف هذا المعنى العظيم فكان بعضهم يقول: "لأن أبيت نائما وأصبح نادما خير من أن أبيت قائما لله وأصبح معجبا" فإن النادم على التقصير يؤجر على ندمه وتوبته، وهذا يعاقب على عجبه وافتخاره - والعياذ بالله -.
وتاريخنا مليء بنماذج كثيرة كان أصحابها على المعاصي ثم تاب الله عليهم فتابوا فكانوا سادة للعباد والزهاد مثل الفضيل بن عياض، ومالك بن دينار، وغيرهم وغيرهم. فثقي بالله وتوكلي عليه واطلبي رضاه، وأبشري وأملي ما يسرك.
فليت الذي بيني وبينك عامر *** وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين *** وكل الذي فوق التراب تراب
والله ولي التوفيق والسداد.