أنا فتاة مصابة بالغرور والعجب وحب الظهور، ما الحل؟

0 187

السؤال

السلام عليكم

أنا مصابة بداء العجب والكبر وحب الظهور، وأعلم هذا علم اليقين، وليس من اعترافي بأسقامي شيء من الحسنات، بل لـربما اعترفت بها ثم أعجبت باعترافي لخطئي! غفر الله لي.

هل أنشر بين الناس أشياء تحث على التقرب إلى الله؟ كالحديث معهم أو الكتابة على مواقع التواصل -مع العلم أني في الأغلب اشعر بالعجب بعد ذلك، وهل أداوي سقمي أولا وأخمد هذه النفس الجامحة ثم بعد ذلك إن يسر الله شيئا أقله فأقله؟ وأيهما أفضل كما ترون سيادتكم؟ وهل من كتب تتكلم عن كيفية مداواتها أو كلام علماء عن هذه الأدواء أو أمور عملية أفعلها، لأداوي هذه الأسقام؟

لست أدري ما أفعل في حب الظهور والعجب، أريد فقط أن أخمد نفسي فلا أتكلم مع أحد، وأبتعد عن كل الناس لئلا أعجب، لكن في الوقت ذاته الجميع يقول: إن الإنسان اجتماعي، فماذا علي أن أفعل؟

عسى الله أن يجري على أيديكم وألسنتكم كل خير، وكل ما يرضي الله، وجزاكم الله جنات الفردوس على إعانتكم للمسلمين، فإنها وربي إغاثة للملهوف ومداواة للمريض، وفرجة للمكروب، وتزيل عني كثيرا من الهموم والشكوك، فجزاكم الله كل خير، وجعل عملكم مقبولا خالصا لوجهه العظيم، متبعا لسنة النبي الكريم، عليه أفضل الصلاة والتسليم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حسنة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أود في بداية إجابتي أن أشكر لك صراحتك ووضوحك، ورغبتك الجادة في علاج مرض قد أطلق عليه بعض العلماء داء القلوب الخفي، وإن شاء الله نقف معا وقفات تكون عونا لك على العلاج والشفاء.

أولا: ما معنى العجب بالنفس؟ قال القرطبي: "إعجاب المرء بنفسه هو ملاحظته لها بعين الكمال، مع نسيان نعمة الله، فإن احتقر غيره مع ذلك فهو الكبر المذموم".

قال بشر بن الحارث رحمه الله: (العجب أن تستكثر، عملك وتستقل عمل الناس أو عمل غيرك) حلية الأولياء، وعرفه ابن المبارك بعبارة موجزة فقال: (أن ترى أن عندك شيئا ليس عند غيرك).

العجب كما عرفه العلماء هو: "تعظيم العمل الصالح واستكثاره والسرور والابتهاج به، والتغنج والدلال من خلاله، واعتبار الإنسان نفسه غير مقصر".

عرفه البعض الآخر فقال: "العجب هو: الإحـســـاس بالتمـيز، والافتخار بالنفس، والفرح بأحوالها، وبما يصدر عنها من أقوال وأفعال، محمودة أو مذمومة.

العجب داء يصيب القلب وقد يودي بالإنسان إلى التهلكة، وأن يرى نفسه، ويفتخر ويعجب بأعماله، فينصرف بذلك إلى شكر نفسه والثناء عليها، بدلا من شكر الله سبحانه وتعالى المنعم المتفضل عليه من قبل ومن بعد، الذي ألهمه ووفقه إلى ما قام به من عمل، وما أنجز وأبدع وتفوق.

كما أن العجب يدفعه إلى استصغار الآخرين، والنظر إليهم نظرة دونية تستحقر ما يقومون به من عمل، مما يثير الحقد في نفوس الآخرين.

من يعجب بنفسه لا يرى نعمة الله سبحانه وتعالى، فيستعظم نفسه وينسى شكر الله سبحانه وتعالى، على أنه المنعم المتفضل، وهذه من أخطار آثار العجب، كما أنه يكون كثير النقد للآخرين، يسلط الضوء على عيوبهم وأخطائهم، ويفتخر بعمله، ويعتد برأيه ولا يقبل نصيحة الآخرين.

الحل والعلاج:
- عليك بالإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى، والإكثار من شكر وذكر فضله، ولا سيما بعد كل عمل تقومين به، ترينه عملا ناجحا ومتميزا.

- الالتزام بحلقات العلم الشرعي، وخاصة مجالس تزكية النفوس وتهذيبها وإصلاح القلوب، لتقوية إيمانك، وتقوية صلتك بالله سبحانه وتعالى، فكلما ارتفعت نسبة الإيمان في قلبك وقوي كلما تتضاءلت نسبة الكبر والعجب.

- التفكر بحال الدنيا وأنها دار زوال، وأي عمل تقومين به إنما هو ابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى، وطمعا بمرضاته، وإعدادا لمنزلة في الفردوس الأعلى، بإذن الله.

قال الشافعي ـ رحمه الله تعالى ـ: (إذا خفت على عملك العجب، فاذكر رضا من تطلب، وفي أي نعيم ترغب، ومن أي عقاب ترهب، فمن فكر في ذلك صغر عنده عمله).

- إخلاص النية لله سبحانه وتعالى، وتجديدها عند كل خطوة من خطوات العمل الذي تقومين به، فهذا سيجعلك دائما تذكرين المنعم المتفضل، وأن الفضل بيد الله وحده.

قال الذهبي: (فمن طلب العلم للعمل كسره العلم، وبكى على نفسه، ومن طلب العلم للمدارس والإفتاء والفخر والرياء: تحامق واختال، وازدرى بالناس، وأهلكه العجب).

- الدعاء ثم الدعاء ثم الدعاء، أن يطهر الله نفسك من العجب، ويهيئ لك من يأخذ بيدك لتطهير قلبك من هذا المرض.

أما جوابي على سؤالك: هل أنشر بين الناس أشياء تحث على التقرب إلى الله كالحديث معهم أو الكتابة على مواقع التواصل؟ فهذا يختلف باختلاف حالتك النفسية، فإن وجدت أن الكتابة ونصح الآخرين يجرك إلى العجب فتوقفي، وابدئي بنفسك فحرري النية، وعالجيها حتى تكون خالصة لوجه الله تعالى، فإذا حضرت النية فبادري بالأعمال الصالحة، وجاهدي نفسك في الإخلاص لله تعالى والشعور أنه هو المنعم المتفضل.

ـ أحذرك من فخ يقع فيه البعض وهو ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل وترك الكثير من العبادات والنوافل والنصيحة وهداية الناس والدعوة إلى الله بحجة الرياء والعجب، فهذه شبهة شيطانية، عليك أن تنتبهي حتى لا تقعي فيها.

أما سؤالك عن الكتب، فأنصحك بمطالعة الكتب التالية: صيد الخاطر لابن الجوزي، ومختصر منهاج القاصدين لابن قدامة، وإحياء علوم الدين للغزالي، ومدارج السالكين لابن القيم.

وفقك الله لكل خير وسدد خطاك.

مواد ذات صلة

الاستشارات