السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أنا فتاة كلما تقدم لها شاب ترفضه، في الحقيقة لا أرتاح أبدا لأي شخص، والشيء الذي يجعلني أرفض هو المعاشرة الزوجية التي تخيفني جدا ربما لدي صورة خاطئة لها، ولكن هذا يقلقني جدا؛ فصديقاتي لهن أزواج، وأنا لا أقدر قبول أي شخص.
أرجوكم أجيبوني في أقرب وقت.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ايمان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
توصيف المشكلة:
الخوف من الزواج بسبب الفهم الخاطئ لطبيعة العلاقة الزوجية.
الحلول والعلاج:
للأسف هذه مشكلة يعاني منها معظم الفتيات في مجتمعاتنا بسبب حجب الفتاة ومنعها عن أن تسأل أي سؤال يدور في ذهنها حول فهم العلاقة بين الجنسين تحت عنوان عيب، ولا يصح، فتصل الفتاة إلى سن الزواج، وما زالت هذه الكلمة عالقة في ذهنها، مما يجعل الزواج بالنسبة إليها عالما مجهولا مملوءا بالمخاوف والأوهام غير الصحيحة، فتعرض عنه خوفا منه وجهلا بطبيعته.
أود أن أبدأ معك بقوله تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذٰلك لآيات لقوم يتفكرون} جاء في تفسير ابن كثير في تفسير قوله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا) أي: خلق لكم من جنسكم إناثا يكن لكم أزواجا، (لتسكنوا إليها) يعني بذلك حواء، خلقها الله من آدم من ضلعه الأقصر الأيسر، ومن تمام رحمته ببني آدم أن جعل أزواجهم من جنسهم، وجعل بينهم وبينهن مودة: وهي المحبة، ورحمة: وهي الرأفة، فإن الرجل يمسك المرأة إما لمحبته لها، أو لرحمة بها، بأن يكون لها منه ولد، أو محتاجة إليه في الإنفاق، أو للألفة بينهما، وغير ذلك، (إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض ) الترمذي (1084)، وابن ماجة (196.
وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- يقول: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-, يسألون عن عبادة النبي -صلى اللهم عليه وسلم-, فلما أخبروا كأنهم تقالوها, فقالوا: وأين نحن من النبي -صلى اللهم عليه وسلم- قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدا, وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر, وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا, فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إليهم, فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله, إني لأخشاكم لله وأتقاكم له, لكني أصوم وأفطر, وأصلي وأرقد, وأتزوج النساء, فمن رغب عن سنتي فليس مني)) [رواه البخاري 4776] فهذه الآيات والأحاديث النبوية فيها إشارة واضحة في الحث على الزواج.
أما ما يتعلق بالمخاوف، فبإمكانك التخلص منها من خلال الخطوات الآتية -إن شاء الله-:
1- أنصحك أن تفرغي ذهنك من أي معتقد أو تفكير سلبي حول الزواج، وخاصة طبيعة تلك العلاقة الحميمية.
2 ـ اختاري شخصية موثوقة لديك وقريبة منك، ولها خبرة في الاستشارات الاجتماعية والزوجية تبوحين لها بمخاوفك بكل صراحة ووضوح، وما هي تصوراتك ومعتقداتك حول الزواج، وكيف تفهمين العلاقة بين الزوجين، وأين يكمن خوفك بالضبط، وما سبب هذا الخوف، وهي بدورها ستعالج مشكلتك خطوة بخطوة، وتساعدك على التخلص من مخاوفك.
3 ـ انظري نظرة تأمل إلى مئات الفتيات المتزوجات حولك، ألا ترين أنهن يعشن حياة سعيدة، وينعمن بالهدوء النفسي، ألا ترين ذلك سببا قويا لتقنعي نفسك أن الزواج هو السكن حقا؟
4 ـ تذكري أن الزواج هو السبيل الوحيد لتنعمي بشعور الأمومة، هذا الشعور هو انعكاس للفطرة التي أودعها الله في كل أنثى.
5 ـ يمكنك أن تطلعي وتقرئي بعض الكتب العلمية الطبية عن وظائف الجسد، وتشريح الأعضاء؛ لتفهمي طبيعة جسد الرجل وطبيعة جسد المرأة والفرق بينهما.
6 ـ وأما مسألة رفضك لأي شخص يتقدم لخطبتك؛ فهذا موقف سلبي، وستمضي السنوات، وربما تندمين حيث لا ينفع الندم.
وأخيرا: اعلمي علم اليقين أن الله تعالى هو الذي خلق الخلق وجعلهم على نوعين الذكر والأنثى، فهما جزآن يتكاملان من خلال سنة الزواج، وبهذه الطريقة التي اختارها الله لعباده يحدث التناسل وتتكاثر البشرية ويعمر الكون، وجعل السبيل إلى ذلك هذه المعاشرة الطبيعية التي تحمل في طياتها كل الحب والسكينة، وبها تستمر الحياة.
أسأل الله أن يرزقك الزوج الصالح، ويجعله قرة عين لك في الدنيا والآخرة، اللهم آمين.