السؤال
السلام عليكم
أحس أني سأموت، وأكره نفسي وحياتي، جاءتني وساوس فيها إساءة إلى الله سبحانه وتعالى، وضاق صدري، وبعدها لما بدأت تذهب جاءتني وساوس عن وجود الله، تقول لي: إنه لا وجود لله!
صارت معي هذه الفكرة ، وفكرة أخرى أني كلما أصلي أو أدعو أو أذكر الله يقول لي: أنت لا تعبد الله الذي يعبده المسلمون، أنت تدعو شيئا آخر.
أحس بموت، وقلبي صار يؤلمني بشكل كبير، ورأسي به صداع، ومتوتر وخائف، وأتعرق، وأحس بالرهبة.
صرت أستمع محاضرات عن وجود الله، وعن الأشياء هذه وأشعر بتعب -والحمد لله- قرأت حديثا أن الله سبحانه وتعالى لا يحاسبنا على هذه الأفكار، ولا أدري لماذا أنا خائف!
الحمد لله أني أحفظ من القرآن، وأشعر بنغزات في رأسي وقلبي، وأريد الإفادة، كيف أتعرف على الله؟ وكيف أؤمن وأكون من أهل الجنة، فأنا أحس أني لست مسلما.
ساعدوني، الله يجزيكم خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ كريم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك أيها الولد المبارك، وردا على استشارتك أقول:
من فضل الله عليك أنك تحفظ كلام الله تعالى، وتعلم قول عبد الله بن عمرو بن العاص: (من قرأ القرآن فقد أدرجت النبوة بين جنبيه، إلا أنه لا يوحى إليه).
الشيطان خبيث ولا يأتي بوساوسه وخواطره إلا للمؤمنين، أما المنحرفين فلا يوسوس لهم كونهم قد صاروا من جنده.
لقد جاء الشيطان بوساوسه لخيرة هذه الأمة الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم حتى جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: أو قد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان.
عليك ألا تصغي لوساوس الشيطان وخواطره واقطعها فور ورودها، ولا تعرها أي اهتمام، واستعذ بالله من الشيطان الرجيم يقول تعالى: (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم).
يقول العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله: "للوسواس دواء نافع هو الإعراض عنه جملة، وإن كان في النفس من التردد ما كان، فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل، كما جرب ذلك الموفقون.
أما من أصغى إليها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثير ممن ابتلوا بها، وأصغوا إليها وإلى شيطانها".
الشيطان لا يقدر على مواجهة المؤمنين ولذلك لجأ إلى الكيد وهي الوسوسة وكيده أخبرنا الله عنه أنه ضعيف فقال: (إن كيد الشيطان كان ضعيفا).
كن على يقين أنك تحارب عدوا لدودا تؤجر على مجاهدته يقول تعالى: (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا) وأيقن أنه لن يتركك بل كلما أردت أن تقبل على ربك أتاك بوساوسه؛ لأنه يعد بمنزلة قاطع الطريق كلما أراد العبد أن يسير إلى الله أراد قطع الطريق عليه، لكنه إن أيقن ثباتك واستعدادك الدائم لمواجهته فسوف ينصرف عنك.
من أسباب طرد الشيطان عنك كثرة الذكر يقول ابن عباس رضي الله عنه: (إن الشيطان وضع خطمه على قلب ابن آدم، فإن ذكر الله خنس).
من العلاج النافع قراءة المعوذتين والمحافظة على أذكار اليوم والليلة.
تضرع إلى ربك بالدعاء وأنت ساجد، وسل الله تعالى أن يصرف عنك الشيطان ووساوسه، وابتعد عن الذنوب والمعاصي، وأكثر من الطاعات المتنوعة وخاصة الصوم.
كيف تريد أن تتعرف على ربك وأنت تحفظ كلامه، فإن قرأت القرآن فإنك تناجيه سبحانه وتعالى وهو يخاطبك بذلك الكلام، وانظر في النعم التي أنعم الله بها عليك وتفكر فيها، وانظر إلى عظمة الله من خلال مخلوقاته.
الإيمان هو التصديق الجازم، فإن أردت أن تكون مؤمنا حقا فصدق ما في القرآن الكريم، واعمل بما أمرك به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم تكن من أهل الجنة بإذن الله تعالى.
أخي الكريم: أنت مسلم فلا تصغ لوساوس الشيطان الرجيم، وعليك أن تكون على يقين أن هذه مجرد وساوس شيطانية يقول العلامة العز بن عبد السلام: "دواء الوسوسة أن يعتقد أن ذلك خاطر شيطاني وأن إبليس هو الذي أورده عليه وأن يقاتله" والمقصود بالمقاتلة الاستعاذة بالله منه، وعدم التحاور معه أو الإصغاء إلى وساوسه.
نسعد بتواصلك ونسأل الله تعالى أن يذهب عنك هذه الوساوس ويعينك على طردها إنه سميع مجيب.