السؤال
السلام عليكم.
أنا مصاب بالوسواس القهري والرهاب منذ 9 سنوات، ومنذ 3 سنوات أتعالج من هذا البلاء، ولكن ما يحدث معي شيء غريب، حيث أكون طوال اليوم بمزاج جيد وعند الصلوات يأتيني التوتر وقلق ووساوس.
مرت علي فترة أكون طوال الأسبوع بمزاج ممتاز، وعند خطبة وصلاة الجمعة أصاب بالقلق والوسواس والانتكاسة، وأيضا أكون طوال السنة أحوالي جيدة، وفي رمضان أنتكس، كما أنني أصبت بهذا المرض في رمضان، وهكذا دائما، حتى أصبحت لا أحضر خطبة الجمعة خوفا من الانتكاسة.
كما أنني مبتلى في رزقي، فمنذ 3 سنوات عاطل عن العمل، وبعدها فتحت محلين سوبر ماركت نجحت لمدة سنة ثم انتكست، وقمت بشراء مطعم وكان ممتازا، وبعد شهرين انتكس المطعم، وأيضا فتحت محلا جديدا وانتكس، ومحل آخر وانتكس، وكلها خسارات مادية.
مرضي يمنعني من العمل، وخصوصا أن تخصصي التمريض، فبداية الوسواس كان وسواسا مرضيا، ولم أستطع السفر أو إكمال دراستي، كما أن العلاج مكلف وطويل الأمد.
أعمل في محل يملكه أخي وراتبي محدود، حاولت العمل في مجال الانترنت وفشلت كل المحاولات، مع العلم أني كنت أعمل في مجال مباح شرعا.
8 سنوات من الفشل مع العلم أني ناجح دراسيا، وحتى في الحياة، لكن ليس لي حظ أبدا، وعلي ديون، وكلما أردت سدادها شهريا تخرج لي أمور لا أعلم من أين؟
سعيت مئات المرات في رزقي بدون فائدة، مع العلم أني ملتزم بصلاتي وديني وقراءة القرآن والاستغفار اليومي، ولكن في فترة انقطاعي عن العمل فعلت الكثير من الذنوب، ولكني بعدها تبت ولم أرجع إليها.
تحسن وضعي كثيرا في العلاج لمدة سنتين، ولكني الآن في انتكاسة منذ 3 شهور، ورغم كل ما سبق لم ينقطع دعائي منذ 9 سنوات، وفي كل صلاة، وفي كل سجدة، ولكن حتى بعد الدعاء أشعر أحيانا بانتكاسات، فلماذا؟
أنا صابر على كل هذه الابتلاءات، ولكن كل خوفي أن يكون هذا عقابا ربانيا بسبب ذنوبي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله لك العافية والشفاء.
أخي الكريم: بادئ ذي بدأ لا بد أن يكون شعارك وفكرك ومشاعرك وأفعالك موجه نحو أن لا يكون الوسواس جزءا من حياتك، ولا تقبل التعايش معه، هذا أمر يجب أن نحتم عليه بأن ترفض الوسواس، بأن تعمل ما هو ضد الوسواس مهما أدخلك ذلك في معاناة، لكن في نهاية الأمر سوف تفرح حين يأتيك الشفاء.
ويجب أن تلتزم بالعلاج الدوائي، ويجب أن تتابع مع طبيبك يا أخي الكريم، هذه هي الشروط المطلوبة في مثل هذه الحالات.
والحمد لله أننا الآن في زمن فيه أدوية فاعلة جدا لعلاج الوسواس، والأدوية مهمة وضرورية لعلاج الوسواس لأنها تمهد الطريق لأن يعمل العلاج السلوكي والاجتماعي بفاعلية كبيرة، فيا -أخي الكريم- واصل مع طبيبك هذه نصيحة مهمة، أفضل أدوية لعلاج الوسواس هي الأدوية التي تعمل على استرجاع السيرتونين ليتحسن تركيزه في الموصلات العصبية، ومن هذه الأدوية البروزاك، والفافرين، والزوالفت، والزيروكسات، والسبرالكس وكلها أدوية فاعلة ومعروفة ومجربة، وفي حالات الوسواس الذي يستمر أكثر من ثلاثة سنوات أنا أفضل أن أعطي خلطة دوائية ممتازة، وهي البروزاك يضاف إليه الفافرين والرزبيريادون بجرعة 1 مليجرام ليلا، فشاور طبيبك حول هذه التركيبة الدوائية ويجب أن تلتزم بها التزاما قاطعا وإن شاء الله تعالى سوف تتحسن بصورة ممتازة.
أخي الكريم: موضوع أنك تتدهور حين تقدم على العبادات هذا نوع من التطبع الوسواسي الشيطاني، فأرجو أن لا تأخذ بهذا الفكر ولا تتبعه أبدا، لا تجعل للشيطان سلطانا عليك -أيها الفاضل الكريم-، أقدم على صلاتك بكل أريحية وخشوع، وما حدث لك فيما مضى ليس بالضروري أن يحدث لك الآن، خذ هذه مني وسوف تجدها حقيقة تامة.
ويا أخي الكريم: أصلا الوسواس يجب أن نقوم بفعل ما هو ضده، إذا كنت ترى أن الوسواس ينهاك عن الصلاة ويزداد عليك في الصيام فقم بفعل الضد وهو أن تصر على الصلاة وعلى الصيام وهكذا، يجب أن يكون هذا منهجك، ومن الضروري جدا أن لا تتشاءم ولا تتطاير والأرزاق مكفولة بفضل الله تعالى، وما حدث لك من نجاحات وإخفاقات فيما مضى خاصة في مجال العمل هي تجارب والتجارب قابلة للنجاح وإلى الفشل، لكن في نهاية الأمر لا بد أن تكون قد اكتسبت نوعا من المهارات التي سوف تفيدك في حياتك المستقبلية إن شاء الله تعالى، حاول وحاول وحاول ولا تيأس ولا تستسلم وإن شاء الله تعالى سوف تنتصر في نهاية الأمر.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.