السؤال
السلام عليكم.
شاب في سن 15 سنة، ملتزم بتعاليم الإسلام، وأحفظ القرآن في البيت، وأبتعد قدر الإمكان عن رفقاء السوء، فأدى هذا إلى شعوري بالوحدة، وزاد هذا الشعور في عطلة الصيف، ولا أجد حولي أصدقاء حقيقيين، فكل من أتعرف عليهم رفقاء سوء، فأجعل علاقتي معهم سطحية، وأنا لا أخرج كثيرا من البيت.
وحتى أغير الأمر أصبحت أصلي في المسجد دائما، وبحثت عن رفقاء صالحين فدخلت إلى مدرسة قرآنية ووجدتهم كلهم رفقاء سوء، ويحفظون القرآن دون فهمه وتطبيق شيء منه، وأحرص دائما أن تكون علاقتي محترمة مع عائلتي ومن أعرفهم، فأصبحت لي مهابة فيقول لي إخوتي "إنك معقد ومريض نفسيا، ويجب أن لا تكون بهذا الالتزام" فأحس بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يأتي زمان على أمتي القابض على دينه كالقابض على جمرة من النار).
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لقد أسعدني جدا التزامك ـ أيها الشاب الرائع ـ وأنت في هذا السن، وأسعدني أكثر همتك في حفظ القرآن، ومعاملتك المحترمة مع عائلتك، واستوقفتني عدة نقاط:
1- حفظك للقرآن في البيت، فمن أول الأشياء التي أنصحك بها في رحلتك في حفظ القرآن الكريم الارتباط بالأستاذ المعلم، وأنت بذلك تحقق هدفين معا.
أولا: الارتباط بالأستاذ له أهمية لا ينبغي أن تغفل، لأن القرآن يعتمد على التلقي في الدرجة الأولى، والمتلقي في بداية أمره بحاجة ماسة إلى من يوجهه ويأخذ بيده إلى الطرق المثلى في الحفظ، ويصحح له أخطاءه.
ثانيا: الارتباط بالأستاذ المعلم يخرجك من حالة الوحدة والعزلة التي تعيش فيها.
وحين ترتبط مع الشيخ في المسجد يكون لك الملاذ الآمن الذي تستند إليه، وتكشف له عما يجول في نفسك، وتستشيره فيما تحتاجه من الأمور، وتتعلم منه كيفية معالجة الأمور واختيار الصحبة الصالحة، ويمكنك أن تطلب منه أيضا أن يختار لك أخا قرآنيا يعينك في حفظ القرآن، ويكون نعم الأخ والصاحب لك.
2 ـ أما أن تعتزل الناس والأقران لأنك لا تجد حولك أصدقاء صالحين حسب تعبيرك، فليس ذلك من الحكمة بمكان، فكما أنك أنت شاب مهذب محترم، فلا بد أن يكون هناك أمثالك من الشباب الصالحين الذين يبحثون أيضا عن الصحبة الصالحة، فكن إيجابيا ومتفائلا وعامل الناس برحابة صدر، ولا تتسرع في الحكم عليهم، أو الحكم على مدارس القرآن كلها بناء على موقف ما، أو تصرف معين، فليس من المعقول أن يكون كل طلاب المدرسة القرآنية رفقاء سوء ويحفظون القرآن دون فهمه أو تطبيق شيء منه حسب تعبيرك!
فقد جاء في الحديث النبوي الشريف عن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((المؤمن يألف ويؤلف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف)) . رواه الدارقطني وأحمد .
3 ـ أما كون إخوانك يقولون: " أنك معقد ومريض نفسيا وأنه يجب أن لا تكون بهذا الالتزام"
فلعل الخطأ في طريقة تعاملك معهم، وتشددك في الحكم على بعض الأمور، وهنا أذكرك أن ديننا دين يسر لا دين عسر، دين تبشير لا دين تنفير، وهذه كانت وصية نبينا صلى الله عليه وسلم لسيدنا معاذ رضي الله عنه: بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا موسى ومعاذا، إلى اليمن فقال: يسرا ولاتعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا (رواه مسلم).
أنصحك أن تراجع نفسك، وتعيد النظر في طريقة تعاملك مع الآخرين، ومعاييرك في الحكم عليهم، وبإذن الله ستجد من الصحبة ما يسرك ويعينك على أمور دينك ودنياك.
وأما إن كان تعاملك معهم بطريقة طيبة وأسلوب حسن فلا يهمك كلامهم، واستمر على طاعة الله وحفظ القرآن، والاستقامة والصلاة مهما قال الناس عنك، وعليك أن تصبر وتتحمل فكما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يأتي زمان على أمتي القابض على دينه كالقابض على جمرة من النار} رواه الأمام أحمد .
أسأل الله أن يرزقك بالصحبة الصالحة ويجعلك من أهل الفلاح والنجاح في الدارين اللهم آمين.