السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم جزيل الشكر على هذا الموقع الاستشاري والذي يعتبر متنفسا للحيارى، ولعلي أجد ما يروي غليلي ويشفي ما في صدري.
أنا متزوج منذ ثلاث سنوات تقريبا، والحمد لله رزقني الله بولد، وأموري المادية متوسطة والحمد لله، مشكلتي تكمن في زوجتي التي لم أذق معها طعم السعادة الزوجية التي كنت أحلم بها قبل زواجي، فهي كثيرة ظن السوء، وتفهم الأمور على غير مجراها الصحيح (بالسلب طبعا)، ولا تتقبل أي أحد في حياتها.
حاولت أن أقربها من زوجات أصحابي لعلها تتأقلم معهم، لكن سرعان ما تصب جام انتقاداتها عليهم ثم ترفضهم، والمشكل الذي زاد الطين بلة هي عدم تقبلها لعائلتي أمي وأختي، فهي لا ترغب بالجلوس معهم ومحادثتهم بحجة أنهم يسمعونها الكلام الذي لا يرضيها، وفي الآونة الأخيرة ذهب إخوتي إلى العمل خارج المدينة التي أسكن فيها، وبقيت أمي لوحدها، علما أنني لا أسكن معها، فقلت لها لا بد أن لا أترك أمي لوحدها، ووجب علي أن أكون بجانبها لمدة معينة، فاقترحت عليها أن تذهب معي وتبقى لمدة يومين أو ثلاثة، ثم آخذها لمنزل والدتها لأبقى أنا مع والدتي إلى أن يرجع إخوتي علما أن المدة لا تزيد على الشهر أو الشهرين فرفضت رفضا قاطعا ورفضت حتى مناقشتها في هذا الموضوع فاتصلت بوالدها أشكوه ابنته فوجدته على رأي ابنته ولا يرغب في مناقشة الموضوع أيضا، فوقعت بين نارين الأولى أمي التي أمرني ربي ببرها، والثانية عائلتي وولدي والتي أمرني ربي بعشرتهم بالمعروف!
أشيروا علي، ما هو الواجب فعله مع هكذا نوع من الزوجات؟ وهل الطلاق يعتبر حلا؟ علما بأني أفكر فيه كثيرا بعد كثرة المشاكل وانسداد سبل الحوار، وبارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ قتيبة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك أخي الكريم، وردا على استشارتك أقول:
لعلك تعجلت ولم تتعب نفسك في التعرف على الصفات التي تحملها زوجتك، فكانت هذه هي النتيجة! فلقد أمرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن نتأنى في أمورنا كلها فقال: (التأني من الله والعجلة من الشيطان).
اجتهد -أيها الأخ الكريم- في توثيق صلة زوجتك بالله وفي تقوية إيمانها، فإن قوة الإيمان يجعل المرأة ممتثلة لأمر الله ورسوله مطيعة لزوجها متفانية في إرضائه.
تجنب المواطن التي تؤدي إلى تشككها وفهمها للأمور على غير وجهها، ولعلك من خلال عشرتها قد اكتسبت خبرة تجعلك تميز بين الأمور.
أنا على يقين -إن شاء الله- أنها إن تقوى إيمانها فلن تستنكف من الاختلاط بوالدتك وأختك، ولكن الأمر يحتاج إلى جهد منك وشيء من الوقت.
أتمنى أن يكون لك دروس شرعية معها، فتقرآن القرآن الكريم مع تفسير آيات منتقاة من أحد كتب التفسير المأمونة كتفسير ابن كثير أو السعدي، وتقرآن كذلك أبوابا من كتاب رياض الصالحين للإمام النووي -رحمه الله- مع شرح الشيخ العلامة ابن عثيمين.
في هذه المرحلة أبقها في سكنها الخاص بعيدا عن والدتك، وتتردد على والدتك وأختك ونم معهما في بعض الليالي إن كنت تأمن على بقاء زوجتك وحدها.
إن كنت لا تأمن على زوجتك ولا على أمك وأختك كون المنطقة غير آمنة؛ فخذ زوجتك إلى بيت أهلها وابق مع والدتك مع زيارة زوجتك ما بين الحين والآخر في فترة النهار.
الطلاق ليس حلا -أيها الأخ المبارك- إلا إن وصلت لدرجة لا تستطيع العيش معها وبعد أن تستنفذ جميع الوسائل.
لم تخبرنا ما الأمور التي تسيء فهمها، ومع هذا فاقترب من زوجتك أكثر واجعلها تشعر بالأمان، فإن التشكك وفهم الأمور على غير المقصود قد يكون سببه عدم الشعور بالأمان.
أشعرها بحبك وأكرمها، وقدم لها الهدايا الرمزية، فإن الهدية لها عمل عجيب في القلوب وتوطد المحبة، يقول عليه الصلاة والسلام (تهادوا تحابوا).
عليك بالدعاء فتضرع به بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وتحين أوقات الإجابة، وسل الله تعالى أن يصلح زوجتك ويلهمها رشدها، وأكثر من دعاء ذي النون، فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دعوة ذي النون، إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين؛ فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).
الزم الاستغفار، وأكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم، ففي الحديث (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكف همك ويغفر ذنبك).
أكثر من دعاء الكرب (لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش الكريم، لا إله إلا الله رب السماوات والأرض ورب العرش العظيم).
أكثر من تلاوة القرآن الكريم، وحافظ على أذكار اليوم والليلة يطمئن قلبك، كما قال تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ۗ ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يلهم زوجتك الرشد ويلين قلبها، ويعينك في كل أمورك إنه سميع مجيب.