معركة القلب والعقل أرهقتني.. أرجو الحل

0 185

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة عمري 19 سنة، طالبة جامعية في كلية الطب، أعاني منذ طفولتي ومراهقتي -وحتى شبابي- من المشاكل العاطفية والمشاعر، فأنا لا أستطيع العيش دون التفكير بأحد، مهما كان هذا الشخص.

إن لم أجد شخصا أمامي أفكر فيه، أفكر بالمغنين والممثلين وما إلى ذلك، على الرغم من إنني فتاة ملتزمة دينيا، وأحافظ على صلاتي، وشعرت بمدى الإرهاق الذي يحل بي بمجرد التفكير بأشخاص، وفجأة يرحلون عندها أدخل في حاله نفسية لا تطاق، كما لو كان الأمر حقا أن لدي علاقة معهم، ولكنني لست كذلك.

في عمر 15 سنة، عندما قررت الانقطاع عن التفكير بأحد، خشية تحريم ذلك، حاولت شغل عقلي بكل الطرق، بدأت بحفظ القرآن، وقد حفظت نصفه، واجتهدت في دراستي إلى أن دخلت أفضل التخصصات، ولكن مع هذا كله، ما زالت فكرة الاهتمام والمشاعر نحو الأفراد تراودني.

المشكلة التي تحرمني من الاستقرار أنني مقتنعة بأنه لا يجب النظر لذلك الشاب، وأن الأمر محرم، ولكن قلبي لا يستجيب، فأنهار مباشرة، ويتغلب قلبي على عقلي.

أفكر في شاب في المرحلة الجامعية، منذ أربعة أشهر، وتغيرت طباعي بسببه، دون علم منه، تطورت في دراستي وأخلاقي، ولاحظت منذ فترة بأنه يبادلني نظرات الحب والإعجاب.

الأمر الذي جعلني أندم فعلا، أنه شاب معروف بأخلاقه واجتهاده الدراسي، ومتدين، ولأنه ينظر لي ويراقبني فأنا أشعر بأنني سبب انحرافه وضياعه، أدعو له بالثبات، وأن يبتعد عني، وأن يكون ما بيني وبينه حلالا.

أريد تجربة الحب، ولا أستطيع كتم مشاعري وحبسها كل هذه الفترة، وبنفس الوقت لا أريد الارتباط خشية على ديني وسمعتي.

أرجو المساعدة، وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غصن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لفت نظري عنوان استشاراتك: معركة القلب والعقل أرهقتني أرجو الحل.

اعلمي أن الحب احتياج فطري أودعه الله سبحانه وتعالى في الإنسان، وجعل له مسالك ومنافذ شرعية يفرغ فيها الإنسان هذه الطاقة العاطفية، فأول هذه المنافذ وأرقاها هي محبة الله سبحانه وتعالى، ومحبة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ومن ثم محبة الوالدين، والمحبة والمودة التي تجمع بين الزوجين بالحلال.

قال تعالى: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتىٰ يأتي الله بأمره ۗ والله لا يهدي القوم الفاسقين}، (24) التوبة.

وقد عرف علماء النفس الحب بقولهم: "أنه كل إحساس يشعر به الإنسان ويترك أثرا إيجابيا معينا على أصحابه، ويمكنهم من البقاء على قيد الحياة بصورة أفضل من السابق" وقد اتفق المحللون النفسيون على أن الحب احتياج قائم بحد ذاته ومستقل تماما عن الاحتياج الجنسي.

كما أكدت الأبحاث والدراسات النفسية: أن الإنسان الذي يتمتع بالاستقرار النفسي، يشعر بحاجة إلى المشاركة الوجدانية مع الآخرين، ويبحث عن الاستجابة العاطفية من شخص يشبهه ليس على صعيد الشكل الخارجي فقط، بل على صعيد الاحتياجات النفسية والإجتماعية أيضا.

وبناء على هذه الدراسات العلمية ـأختي الفاضلةـ فإن الاحتياج العاطفي الذي تشعرين به شعور فطري، ولكن لا بد من تفريغه ضمن الإطار الشرعي لذا أنصحك بما يلي:

1- تعزيز الجانب الروحي والإيماني لديك، وتقوية صلتك بالله تعالى من خلال المحافظة على الصلوات في أوقاتها، والمحافظة على ورد من القرآن الكريم، وكذلك أوراد الصباح والمساء، وأكثري من الاستغفار والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- وعن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب)، [رواه الإمام أحمد].

2- ذكرت في رسالتك أنك بدأت في حفظ القرآن، ووصلت إلى مرحلة لا بأس بها، أنصحك أن تتابعي ولكن مع الارتباط بمعلمة قرآنية تتابعك وترتبطين بها وبذلك تكونين قد حققت هدفين معا.

الهدف الأول: متابعة حفظ القرآن وما في ذلك من عظيم الثواب، وزيادة للرصيد الإيماني والروحي، والتقرب من الله سبحانه وتعالى، وملء وقت الفراغ، فلا تتركي لنفسك وقت فراغ تشعرين به بالفراغ العاطفي.
والهدف الثاني: يكون لديك الموجه والمرشد، ومن يأخذ بيدك ويدلك على سبيل الهدي والرشاد.

3- نظمي وقتك، وذلك بأن تشغلي نفسك دائما بالمفيد، من خلال الانتساب إلى دورات لتطوير المهارات، مثل: دورات الحاسوب، تعلم اللغات، تنمية الذات، كل ذلك سيفتح أمامك آفاق واسعة، ويفتح منافذ الإدارك لديك، فلا يعد فكرك محصورا فقط في الجانب العاطفي لديك.

4- ضعي لنفسك هدفا أن تكوني الأولى على كلتيك، وارسمي خطة لذلك بتنظيم الوقت، وتحديد ساعات الدراسة، واتخذي لنفسك منافسة من كلتيك، وأعلني هدفك بين زميلاتك ليكون ذلك دافعا لك على الالتزام بتحقيقه.

5- احرصي على تقوية علاقاتك بعائلتك أكثر، وتقربي منهم، واقضي معهم ساعات فراغك بدلا من الجلوس وحدك، ونظمي معها زيارات ونزهات، فمحبة عائلتك كفيلة بسد جزء كبير من الفراغ العاطفي الذي تعانين منه.

6- أما بالنسبة للشاب، فعليك أن تبعدي عن أمكان تواجده، واصرفي نظرك عنه، ولا تتابعيه مهما كان الأمر، ولا تقومي بمراقبته، وأكثري من ذكر الله، فهو الحصن الحصين -بإذن الله-.

7 ـ أما خلاصة رسالتك فهي قولك: الأمر أنني أريد تجربة أمر الحب، ولم أعد أستطيع كتم مشاعري وحبسها لكل تلك الفترة، ومن خلال خبرتنا في مجال الاستشارات، لا ننصحك بأن تدخلي نفسك في تجربة الحب في هذه المرحلة، ولا يعتبر ذلك كتما للمشاعر بل يعتبر توجيها لها، فأنت في مرحلة ينبغي عليك أن توجهي مشاعرك إلى العلم والتفوق والاهتمام بتعليم نفسك وتثقيفها، فإذا نجحت في ذلك ستجدين أن شريك حياتك قد هيأه الله تعالى لك من حيث لا تدرين.

واحذري من الإصغاء إلى كلام زميلات الدراسة حول الحب والأصدقاء والإعجاب والمعجبين، فأكثره أوهام وتلاعب وتسلية ومضيعة للوقت.

8 ـ وأخطر ما في قصتك قولك: إنني أفكر في شاب في المرحلة الجامعيه منذ أكثر من 4 أشهر، وقد تغيرت طباعي حقا بسببه دون علمه، وهذا ما يسمونه الحب من طرف واحد، وما أدراك أنه هو أيضا يبادلك نفس المشاعر، وحتى لو بادرك المشاعر نفسها فهل يصلح أن يكون زوجا وهو في مثل سنك ولا زال طالبا؟

عليك أن تنتبهي لمشاعرك أكثر، وإلا فستتغير طباعك أكثر، وستندمين عندما تخسرين صحتك ودراستك بسبب هذا التعلق والإعجاب الوهمي.

بهذه الخطوات الثمانية تكونين قد انتصرت في معركتك، وفاز فيها العقل على العاطفة.

أسأل الله أن يغنيك بحلاله عن حرامه، ويجعلك من أهل الفلاح والنجاح في الدارين اللهم آمين.

مواد ذات صلة

الاستشارات