أمي رفضت ترك العمل وطلبت الطلاق!

0 29

السؤال

السلام عليكم
شكرا على منصتكم الجميلة، التي دائما ما تمدنا بالنصائح والتوجيهات.

نحن أسرة مكونة من أربع بنات وولدين وأبي وأمي، منذ صغرنا عهدنا المشاكل بين أبي وأمي في أشياء أعتبرها صغيرة جدا، أبي كان مغتربا في الخارج، وأمي استسمحته للعمل مع أختها كي تساعدها، وكي تملأ فراغها، وعملها ليس فيه ما يغضب الله، بل هو في مجال التعليم.

أبي منذ صغرنا يعترض على طلب أمي الملح بالعمل، لكنه سمح لها وهو بعيد أن تعمل، وكلما جاء لزيارتنا أخذت إجازة، حتى أتى الوقت الذي انتهى فيه اغترابه هنا بدأت المشاكل تتفاقم كثيرا، لأن أمي اعتادت على العمل فلم تعد تستطع أن تتركه، وأبي يريدها أن تتركه ما دام موجودا، علما أنها لم تقصر من ناحية تربيتنا أو واجبات المنزل.

وصلنا لمرحلة أنها طلبت الطلاق لأكثر من مرة، ولكنه رفض لكيلا تتفكك الأسرة، وظل غاضبا عليها لأنها لم تطعه بترك العمل.

هي أخبرته أنها يمكن أن تترك العمل ولكنها ستكون مكتئبة وستمرض، فرفض ذلك ولكنه لم يستطع تقبل فكرة أنها لا تزال تعمل، علما أن أمي وأبي كبيران في السن.

حال بيتنا لا يسر أحدا، فأبي يعتبر أمي ناشزا، واتخذ غرفة بعيدة في المنزل كيلا يراها أو يتعامل معها، حتى إنه لا يقبل الطعام الذي أدخلت فيه يدها، وأمي تقول لنا إنها حين طلبت الطلاق تريد أن تبرأ ذمتها أمام ربها كي لا تعتبر عاصية لزوجها، وهي لا تستطيع ترك العمل، فقد أصبح جزءا من حياتها وكيانها.

نحن في حيرة من أمرنا، لأن هذه المشكلة قد أصبحت جزءا من حياتنا، أنا -لله الحمد- وصلت لعمر أستطيع التمييز فيه، لكني خائفة على إخوتي الصغار أن يتأثروا ويتبعوا طرقا غير صحيحة للهروب من واقعنا الذي أصبح مليئا بالمشاكل.

ما هو توجيه الدين الإسلامي في هذا الوضع؟ ومن منهما يعتبر المخطئ؟ وماذا علينا أن نتبع كي نحل هذا الخلاف بشكل دائم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Ahlam حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- وردا على استشارتك نقول:

إن الأصل في ديننا أن الزوج هو الآمر والناهي في بيته، فهو ربان السفينة وقائدها، وهو رئيس شركة الحياة الزوجية، وأن المرأة يجب عليها أن تسمع وتطيع ما لم تؤمر بمعصية، فبالتكامل تسير السفينة بأمان، وتتجنب عواصف المشاكل التي تهدد بغرقها.

لقد كان والدك حليما لينا في تعامله مع والدتك، فبعد أن كان رافضا لفكرة العمل تنازل عن ذلك، وكانت العلة في العمل عند والدتك أنها تساعد أختها وتملأ الفراغ، ولذلك لما عاد والدك زال السبب الذي تعللت به، فيجب أن تعود لبيتها.

من صفات المرأة الصالحة أنها إن أمرها زوجها أطاعته، فأين أمك من هذا؟! ولا ينبغي لها أن تهدد زوجها بأنها ستترك العمل لكنها ستمرض وتكتئب، لأن هذا أمر مظنون، ثم هو رسالة سلبية ترسلها لعقلها الباطن الذي سيتفاعل مع هذا الكلام، وقد يحصل لها ذلك لأن البلاء موكل بالمنطق، ولو أنها قالت لزوجها سمعا وطاعة، وعملي في البيت وفي خدمة زوجي أهم من العمل خارج البيت لوفقها الله وأعانها، وقذف في قلبها السعادة.

نستغرب أن أمك مستعدة للتضحية ببيتها من أجل أن تبقى بالعمل! فكيف تطلب الطلاق قائلة إنه من باب إبراء ذمتها كي لا تعتبر عاصية لزوجها، أليس هدمها لبيتها يغضب ربها أيضا؟ فهل هي بذلك أبرأت ذمتها أم أنها أغضبت ربها وأغضبت زوجها؟!

لا شك أن أمك برفضها ترك العمل تعد ناشزا، غير أن ما فعله والدك ليس هو الحل الصحيح، نعم قد يكون حلا لو أدى إلى الضغط عليها وإقناعها، لكن والدتك مصرة على رأيها.

طالما ووالدك غير مقصر في النفقة عليها وعليكم فالواجب على والدتك أن تترك العمل، ويمكن أن تعيد برمجة أعمال البيت، وما أكثرها، وستتعود عليه ويكون جزءا من حياتها.

على أمك أن تقدر بين المصالح والمفاسد، فهل مصلحة بقائها في العمل أفضل أم طاعة ربها وزوجها؟ وهل مفسدة تركها للعمل أعظم أم تفكك أسرتها وإصابة أبنائها بالعقد النفسية جراء ما يحصل في البيت، وربما تسببت في انحراف بعضهم؟!

ينبغي أن يتحاكم والدك ووالدتك إلى شخص رشيد يرتضيه الطرفان، ويعملا وفق حكمه، وينبغي أن يكون لك ولإخوانك دور في إقناع والدتك بترك العمل.

نسأل الله تعالى أن يلهم والدتك الرشد والصواب، وأن يلم شعثكم إنه سميع مجيب.

مواد ذات صلة

الاستشارات