السؤال
السلام عليكم
أمي همومها كثيرة، وتبكي كثيرا، فأريد أن أخفف عنها، ولكني لا أدري ماذا أفعل؟ فيا حبذا لو تقترحون علي أمورا يمكنني فعلها للتخفيف عنها وإسعادها، كلما اقترحتم أكثر كلما كان ذلك أفضل، لتكون لي الإمكانية بأن أختار وأجرب طرقا عديدة.
كما أريد سؤالكم عن كيفية السؤال هنا؟ لأني أجد صعوبة بالغة بطرح الأسئلة حسب نظامكم، وما استطعت فهمه!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ راسم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكر لك – أخي العزيز – جميل ثقتك وحسن ظنك وتواصلك مع الموقع, وحرصك على بر والدتك فبارك الله فيك وجزاك خيرا ووفقك إلى نيل محبته ومرضاته, وحفظ الله والدتك الكريمة وسلمها وعافاها ورزقنا وإياكم سعادة الدنيا والآخرة.
أما بخصوص سؤالك عن الاقتراحات الممكنة لعلاج هموم والدتك – حفظها الله وعافاها – فهو أن تعلم أولا أن الإنسان مبتلى في هذه الحياة الدنيا ولابد بألوان وصور الابتلاءات الكثيرة وأنه مثاب على الصبر عليها بأحسن الثواب والجزاء من رب الأرض والسماء سبحانه وتعالى, كما قال جل شأنه: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون).
الصبر على البلاء يرفع الدرجات ويكفر السيئات كما في الحديث : (ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا هم ولا حزن فحتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه) وقوله أيضا: (فما يزال البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة) فإن من شأن إدراك هذا المعنى النبيل الإسهام في تخفيف الهموم والأحزان.
مما يعين المبتلى على الصبر إدراك أن الصبر هو الطريق الوحيد للتخفيف من الابتلاء عقلا كما هو شرعا إذ ليس للمؤمن إلا أن يصبر صبر الكرام أو يتضجر تضجر اللئام ويئن أنين بهائم الأنعام. وإدراك أن الشكوى لغير الله وهي تجدد مشاعر الأحزان ومجال لتشفي المبغضين وسوء فهم وظن وازدراء العوام ويسهم في زيادة الهموم والأسقام, ولذلك قال نبي الله يعقوب : (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله).
حسن الظن بالله تعالى، ومعرفته سبحانه بكمال وجمال وجلال أسمائه وصفاته ومنها (الحكم العدل الرحمن الرحيم) سبحانه وتعالى, ولهذا ورد في دعاء الهم والكرب قوله : (ناصيتي بيدك, ماض في حكمك عدل في قضاؤك).
ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعا ** وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها ** فرجت وكنت أظنها لا تفرج.
تنمية الإيمان وكثرة الذكر والدعاء وقراءة القرآن, والخروج بها إلى صلاة الجماعة والجمعة والعمرة وكذا الحج بها ما أمكن، ولا بأس بالشكوى إلى أهل العلم بالشرع أو بالنفس بقدر الحاجة؛ طلبا للشفاء كما جاء في حديث النبي عليه الصلاة والسلام: (تداووا عباد الله فإن الله ما أنزل داء إلا جعل له دواء) وقال الشاعر:
ولا بد من شكوى إلى ذي مروءة ** يواسيك أو يسليك أو يتوجع.
من المهم والجميل أن تحسن الاستماع إليها لحاجتها إلى البوح والفضفضة والتعبير عما يجيش في صدرها، والإسهام في التخفيف عنها بالدعاء والمواساة، وتقبيل رأسها ويديها، وإعلان الاستعداد للوقوف معها ومساعدتها ومعالجتها مهما كلف الأمر ما أمكن.
اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء، لاسيما الأدعية الواردة في دفع الهم والحزن، كقوله: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال) وحديث: (اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك...) وحديث : (يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث وأصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين) وحديث : (لا إله إلا الله العظيم الحليم...) فارجع إليها في مظانها من كتب الأدعية والأذكار، وأذكار الصباح والمساء للأهمية.
الترويح عن نفسها بالرقية لها وبرها والقيام بواجب زيارة الأهل والأصدقاء، لاسيما أهل الصلاح والطيبة, والخروج إلى المتنزهات, ومتابعة المحاضرات والبرامج المسلية والمفيدة, فقد ورد عن ابن مسعود رضي الله عنه قوله: (أجموا هذه القلوب فإنها تمل كما تمل الأبدان).
أسأل الله لنا ولك وللمسلمين الثواب والأجر وحسن الطاعة والبر, ولوالدتك الكريمة الشفاء والصبر وسعادة الدارين.