السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب، أمي تبلغ من العمر 50 سنة، وتعاني من نسيان للذاكرة قصيرة المدى، بحيث أثناء الحديث تخبرنا بالشيء عدة مرات لأنها نسيت أنها قد أخبرتنا به قبل قليل، وعندما بحثنا عن أمرها قيل أن السبب هو نقص في فيتامين ب 12، فبدأت بأخذ جرعات إلى أن وصل للمعدل الطبيعي، ثم بعد ذلك لاحظنا أن النسيان لا زال موجودا.
بدت أمي غير واثقة من نفسها، ولا تستطيع تذكر بعض الكلمات أثناء سردها، أو إخبارنا بأمر ما، فأصبحت لا تعرف كيف تلبس الحجاب، ولا تعرف الطبخ، وتغير خط يدها كتابيا للأسوأ.
ذهبنا بها لأخصائية نفسية، وبعد جلسة واحدة أخبرتنا أن والدتي تعاني من الاكتئاب الحاد، وسببه صدمة فقدانها لأخي، كما أنها تشعر بقلق وتوتر وخوف، وأصبحت كثيرة النوم، حيث إنها بدأت تعاني من جميع تلك الأعراض بعد وفاة أخي، فقد كانت صبورة، لم تبك ولم تشتك لأحد، لدرجة أن البعض كان يشكك أنها فقدت أحد أبنائها.
أرجو أن أجد لديكم جوابا شافيا لحالة أمي، فكما تعرفون الأم أساس العائلة، فمن الصعب جدا رؤيتها بهذه الحالة بعدما كانت قوية، وواثقة من نفسها، وذات كلمة ونفوذ.
مع الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أسأل الله تعالى لوالدتك العافية والشفاء، ونسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لابنها الذي توفاه الله تعالى.
أيها -الفاضل الكريم-: من خلال تدارسي لرسالتك الواضحة بذاتها أقول: إن والدتك بالفعل لديها مشكلة في الذاكرة، هنالك التكرار، وهنالك النسيان، والمهم على ذلك أنها بدأت تفقد بعض المهارات اليومية كلبس الحجاب مثلا أو الطبخ، وفقدان هذه المهارات -أيها الفاضل الكريم- نشاهده في أنواع معينة من فقدان الذاكرة العضوي، وقد يكون أيضا ناتجا من الاكتئاب.
نظرية ما يعرف بالخرف الكاذب -والذي يحدث مع الاكتئاب النفسي الشديد، خاصة عند النساء- هذه النظرية نظرية معتبرة، ويجب ألا تهمل، وكثير من المرضى يجب أن يتم علاجهم على هذه الطريقة، لكن الشيء الأمثل والأحوط والأفضل، هو أن تذهب بوالدتك إلى طبيب نفسي مختص في اضطرابات الذاكرة، أو طبيب أعصاب جيد، لأن والدتك بالفعل تحتاج إلى عمل اختبارات قياسية لضعف الذاكرة، وتحتاج أيضا لإجراء فحوصات طبية، أهمها من وجهة نظري هو إجراء صورة مقطعية، أو رنين مغناطيسي للدماغ، وهذا قد يكون أفضل.
يجب أن نتأكد أن الوالدة ليس لديها جلطات دماغية من النوع الصغير والمتكرر، لأنه قد يؤدي إلى صورة إكلينيكية مثل التي تعاني منها والدتك، كما أنه يجب أن نتأكد من عدم وجود ضمور في مناطق معينة من الدماغ، لأن هذا الضمور -لا قدر الله- إن وجد فهو دليل على أنها تعاني من الخرف.
أخي الكريم: لا تنزعج لما أقوله، أنا أريد أن أبلغك وأوصلك الحقائق العلمية بكل أمانة وصدق.
فإذا تقييم الوالدة تقييما سليما أمر مطلوب، فاذهب بها إلى المختص، وإذا اتضح أن كل شيء سليم -وهذا ما نتمناه- هنا أعتقد أنها يجب أن تعالج على أساس أنها حالة خرف كاذب ناتج مما يعرف بالاكتئاب المقنع، ومضادات الاكتئاب تساعد كثيرا في مثل هذه الحالات، والخطة العلاجية يمكن أن يقررها الطبيب بكل سهولة.
طبعا مساندتكم لها وتشجيعها أيضا أمر جيد ومفيد، لكن الأمر الجوهري هو إعادة تقييمها بواسطة المختص، ووضع الخطة العلاجية حسب ما هو مناسب.
أيها -الفاضل الكريم-: أحد الفحوصات التي يجب أن يتم القيام بها -وربما يكون قد قامت بذلك- هو معرفة مستوى هرمون الغدة الدرقية، لأن ضعف إفراز هرمون الغدة الدرقية -خاصة عند النساء في مثل عمر والدتك- قد يؤدي إلى كثرة في النوم وإلى تكاسل وإلى اضطراب شديد في الذاكرة، وهذا أيضا من الحالات التي يمكن علاجها بكل سهولة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله تعالى لها العافية والشفاء، ونشكرك على التواصل مع استشارات إسلام ويب، وأرجو أن تفيدني بعد أن يتم تقييم الوالدة.