السؤال
السلام عليكم.
صديقي يستفزني دائما في الألعاب سواء الحقيقية أو الإلكترونية، وأحيانا ندخل في نقاشات طويلة بخصوص هذه المواضيع، واستمر هذا الحال لمدة ثلاث سنوات.
الآن صار أي شيء منه يثير أعصابي، وأفكر أن أرده له، فصار تفكيري مشغولا به طوال الوقت، علما أنه أصبح أفضل مني، وهذا يضايقني.
أتمنى المساعدة، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يحيى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك وأشكر لك تواصلك مع الموقع, سائلا الله أن يفرج همك ويشرح صدرك وييسر أمرك وينير عقلك ويحقق طموحاتك الطيبة ويثبتنا وإياك على الدين ويهدينا صراطه المستقيم.
- الناس كما تعلم – أخي وولدي العزيز حفظك الله ووفقك – فيهم من يتحلي بصفات الطيبة والرحمة والأدب والتواضع وغيرها من الأخلاق الحسنة والطيبة, وفيهم من هم بعكس هذه الصفات ممن يستمتعون باستفزاز الآخرين بسبب فقدهم الثقة بأنفسهم أو لقصد لفت الانتباه, أو لإثبات تميزهم بقصد أو بغير قصد, وذلك بحسب عوامل النشأة والتربية في البيت وتأثير المدرسة والأصدقاء والأهل, وحتى الأشخاص الطيبون لا يخلون أحيانا من تقلب في طبائعهم. فالإنسان محل للنقص والعيب والقصور, والكمال لله تعالى وحده.
- من المهم – أخي العزيز – أن تفهم طبيعة الحياة وتناقضاتها وتقلباتها وطبائع أهلها, والعاقل من يحسن التكيف والتعايش مع الحياة والناس بتناقضاتهم وعيوبهم, فليست المشكلة غالبا فيما يصدر من الناس من عيوب في الأقوال والأفعال, ولكن فيما يصدر منا من أخطاء في ردود الأفعال, فلو حملنا هذه الأخطاء بحسن ظن, أو بتغافل وإهمال لكان أريح لقلوبنا ونفوسنا, وأكثر تحقيقا لمصالح صداقاتنا, وأكثر إحراجا لخصومنا, وهو أقرب إلى إعطائهم الفرصة لمراجعة أنفسهم.
- الحلم والتغافل هما سيد الأخلاق. وقد صح في الحديث : (ليس الشديد بالصرعة – الذي يصرع الناس – ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) , وما أجمل قول الشاعر :
ليس الغبي بسيد في قومه ** لكن سيد قومه المتغابي.
- الواجب عليك – أخي العزيز – أن تجعل سعادتك في الدنيا والآخرة هي همك الأول, فلا تسمح بأسباب الشقاء والتعاسة تعكر وتفسد عليك حياتك.
- حاول أن تتعلم فنون الردود في الأوقات المناسبة والتحكم بالنفس والغضب (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم), فبإمكانك بذلك أن تجعل من استفزازه عاملا إيجابيا في تحفيزك إلى طلب الكمال والأفضل, فكثيرا ما تخلق الأزمات والتحديات الرجال من الناس, فتجعل المحنة منحة والبلاء نعمة بشرط الثقة بالنفس والتحكم بها وحسن التعامل.
- بخصوص التعامل معه : احذر أن تقابل الاستفزاز بالاستفزاز ؛ فإن هذا مما يزيد العداوة, ويثير ويهيج الأعصاب , ويمنع عنك الشعور بالراحة بالسعادة , ويشعره بالانتصار عليك لنجاح مقصوده, والتأثير في أخلاقك بصورة سلبية.
- أحسن الأساليب في التعامل معه هو أولا بالثقة في نفسك ومواجهته بالجدية والنصيحة بحب وحزم, مع عدم إظهار التأثر والعصبية, وفي ذلك إفشال لغرضه في استفزازك وإيقافه عند حده.
- ويبقى الابتعاد عنه هو الحل الأخير؛ إذ لا يخفاك أنه لا يشرع الهجر والقطيعة إلا عند الضرورة فقط مراعاة لحقوق الناس والأصحاب , ومنعا من أسباب العداوات.
- ومما يعين على تحصيل السعادة والنجاح والتفوق والتميز – أخي العزيز – الآتي :
1- أن تحرص على تنمية النفس بالثقافة والإيمان والعلم والترفع عن توافه الأمور والحرص على طلب المعالي.
2- الوقت هو رأس مالك, وهو الحياة, فاحرص على الاستفادة من وقتك فيما يسهم في سعادتك ونجاحك في الدنيا والآخرة, وفي الحديث: (اغتنم خمسا قبل خمس, شبابك قبل هرمك, وصحتك قبل سقمك, وغناك قبل فقرك, وفراغك قبل شغلك, وحياتك قبل موتك) وهو في صحيح الجامع للألباني, وروى البخاري من حديث ابن عباس: (نعمتان مغبون – أي مخدوع محروم خاسر – فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ).
3- احرص على لزوم الصحبة الطيبة التي تحب لك الخير, وتعينك عليه (المرء على دين خليله, فلينظر أحدكم من يخالل).
أسأل الله لك التوفيق والسداد والهدى والخير والحكمة والصواب والرشاد وأن يوفقك إلى ما يحب ويرضى ويعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته ويرزقك سعادة الدنيا والآخرة.