السؤال
السلام عليكم
أشكر الموقع على ما يقدمه للمجتمع.
لقد كنت شابا خلوقا، وأحفظ القرآن، وأحصل على المراتب الأولى، لكن في آخر سنتين تخلفت عن الدراسة، وهذه السنة رسبت في الثانوية.
أصبحت في علاقة حب، وأسمع الغناء رغم كرهي له سابقا، وأحس أني فاشل ولا أستطيع الدراسة، وضعيف الشخصية، انصحوني، كيف أعود لما كنت عليه؟
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
اعلم أن أي تغيير سلبي يطرأ على حياة الإنسان لا بد أن يكون مرده إلى طارئ ما، وإذا أردنا أن نعالج هذا التغيير السلبي لا بد بداية أن نقف على السبب فمن هنا يبدأ العلاج.
يعود التغيير السلبي في حياة الإنسان إلى عدة أمور، منها:
- فقدان الاحترام لشخصيته من الوسط المحيط به، ولا سيما الأهل والأصدقاء.
- تعرضه للسخرية والانتقادات منهم مما ينعكس سلبا على طريقة تفكيره ونظرته إلى نفسه وما يملكه من قدرات وطاقات.
- ضعف ثقته في نفسه مما يجعله سريع التأثر بالانفعالات الوجدانية والعاطفية، سريع الانسياق للآخرين، مما يبعده عن الثبات والهدوء النفسي، فيبقى متذبذبا ويفقد القدرة على توجيه تفكيره الوجهة الصحيحة.
- تركيزه على ما لديه من نقاط ضعف، مما يجعله يميل إلى الانطوائية والبعد عن الحياة الاجتماعية، والتفاعل مع الآخرين، فدائما يعقد مقارنات بينه وبين الآخرين، فتزداد النظرة السوداوية لديه باتجاه نفسه، ويتضخم إحساسه بالفشل، فيصيح شديد الحساسية تجاه أي نقد أو توجيه يوجه إليه.
أضف إلى ذلك أنك الآن في مرحلة عمرية هامة، وقد ذكرت أنك وقعت في علاقة حب والذي أراه من خلال خبرتي بمثل هذه الحالات هو أن هذه العلاقة هي علاقة غير ناضجة لا من طرفك ولا من طرفها، فأنت في مرحلة من العمر لا زلت طالبا والفتاة التي أحببتها من المتوقع أن تكون في مثل عمرك، فهل هذه تعتبر مناسبة لك للزواج بها، وأن تكون أما لأولادك؟ أعتقد أن تعلقك في هذا الوقت جاء في غير محله، وهو الذي سبب لك كل السلبيات التي حدثت، والتي منها تراجعك الدراسي ورسوبك وخسارة مستقبلك.
فمن أكثر الأشياء التي تؤثر على حياة الإنسان سلبا: التعلق العاطفي، وخاصة قبل أوانه ووقته الصحيح؛ حيث يصبح الشاب دائم التفكير بالطرف الآخر، مشغولا به في قلبه، وشاردا في عقله، سارحا معه في خياله، مما يفقده القدرة على التركيز والإنجاز، أضف إلى ذلك تعرفه على أصدقاء من هذا المستوى مما يجعله يغرق في السلبية، ولا يجد من يأخذ بيده إلى شاطىء الإيجابية لينعم بالأمان.
لذا أنصحك بما يلي:
1- تقوية الجانب الروحي والإيماني لديك، من خلال الالتزام بحلقات العلم في المساجد، والحرص على الصلوات الخمس في جماعة، فهذا سيعطيك العون والمدد من حيث لا تدري.
2- اجلس مع نفسك جلسة إعادة حسابات وترتيب أولويات، ركز من خلالها على لحظات النجاح التي عشتها في الأيام الماضية، تذكرها بتفاصيلها، وعشها بمشاعرها، وتذكر استمتاعك بها وسعادتك، وحين تصل إلى قمة شعورك بالسعادة خذ قرارا قويا من أعماقك أن تعود إلى تلك الأيام، وأن تتخلص من جميع العوائق، وتتجاوز كل الصعاب.
3- أوقف علاقة الحب التي تمر بها، فلا يخفى عليك حكم الحب في الإسلام، وأنك ما زلت في مرحلة التأسيس في حياتك، وما زالت الكثير من التجارب تنتظرك لخوضها، ليزداد معها وعيك، وإدراكك للأمور من حولك، فمن يناسبك اليوم قد لا يناسبك غدا لأن شخصيتك في هذه المرحلة العمرية في تغيير مستمر ولم تصل إلى النضج التام بعد، فليس من الحكمة التعلق بشخص، وقصر اهتمامك عليه، لدرجة أن يجعلك تنسى هدفك في الحياة، وتميل بك نفسك إلى اتباع الهوى كسماع الأغاني التي كنت تكرهها من قبل، وقد يقودك إلى أشياء أعظم من ذلك وأنت غافل عنها.
4- ضع لنفسك هدفا، وحدد ماذا تريد أن تكون في المستقبل؟ واحرص أن يكون مكتوبا، وضعه في مكان تقع عليه عينيك حتى يستحث همتك كلما خبت، وضع لنفسك برنامجا للدراسة، واتخذ صحبة صالحة من الأصدقاء الإيجابيين المتميزين، وتنافس معهم.
5- تذكر أن رضا الوالدين يفتح لك أبواب الخير والتوفيق، والارتياح وسكينة القلب، وكذلك تخصيص جزء من وقتك لقراءة صفحات من القرآن الكريم والالتزام بأوراد الصباح والمساء، والإكثار من الاستغفار والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، والإلحاح بالدعاء وتحري ساعات الإجابة، وخاصة ساعات السحر.
6- خصص جزءا من وقتك لممارسة الرياضة، فهي تعطي الحيوية والنشاط للجسم، وكذلك تنشط خلايا الدماغ.
أسأل الله أن يجعلك من أهل الفلاح في الدارين اللهم آمين.