السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا دائما ما أتجنب الجلوس مع أفراد عائلتي، سواء إذا زارونا أو اضطررت إلى زيارتهم، بل إني أحاول عدم الاحتكاك بأي فرد من عائلتي أو شخص غريب، لأنني أتوتر ويضيق صدري عند الاجتماع بأفراد العائلة أو أشخاص آخرين، وأبقى صامتا طوال الوقت، وهو ما لا أحبه أيضا؛ لأن البعض يعلق على صمتي.
ربما هو خوف؛ أخاف أن أحرج أمامهم، كما أني أحس أنهم دائما يراقبونني، فأشعر بتوتر شديد ويضيق صدري، مع ذلك أحاول فتح مواضيع مع الناس، لكنه ليس بالأمر الهين، لأنني أكافح لأفعل ما أريد وما لا تهواه نفسي، هناك تناقض بين ما أريد وما تفرضه علي نفسيتي أو مرضي، فدائما ما أحاول أن أثبت أنه لا أحد يراقبني وأن هذه مجرد أفكار، لكن بدون فائدة أو نتيجة ملحوظة.
لا أخرج من المنزل كثيرا إلا للضرورة، ففكرة مراقبة الناس لي تراودني في كل خطوة في حياتي. فأنا الآن أشتغل وأدرس في نفس الوقت، ففي مكان عملي هناك كاميرات مراقبة، وأحس أيضا بمراقبتهم لي.
عندما أخرج إلى الشارع أشعر بمراقبة الناس لي، فأتوتر، فتصبح مشيتي غير عادية، أو هذا ما أشعر به. فأشعر بمراقبة الناس لمشيتي، فيزداد توتري وأحاول أن أصلح مشيتي، فيزداد الأمر سوءا فأحس أن مشيتي غير طبيعية.
أحاول جاهدا أن أثبت لعقلي ونفسي أنه لا أحد يراقبني، فأحس أني أمشي طبيعيا، فأرتاح نفسيا، لكن في ظرف ثوان معدودة تعود فكرة مراقبة الناس لي، فأتوتر من جديد ويعاد نفس السيناريو.
في بعض المرات أخرج فيها من المنزل بثقة عالية وأمشي طبيعيا، ولا أكترث لمراقبة الناس، لكن هذا يحدث تلقائيا ونادرا ما يحدث، وفيه أشعر بسعادة كبيرة وراحة نفسية لا تصدق، لكن كنت أتمنى لو أبقى في تلك الحالة دائما، إلا أنه نادرا ما يحدث.
أتيحت لي العديد من الفرص ليكون لي مستقبل أفضل، لكن لا أستغلها، لأن فيها ملاقاة الناس والاجتماع بهم، وشيء في داخلي يمنعني ويشعرني بالخوف والتهرب من لقاء الناس.
وفي الحقيقة لست متأكدا من أنه خوف أم لا، لكني أشعر بالتوتر والضيق عندما أكون بجوار أفراد العائلة أو أشخاص آخرين، وأحاول جاهدا أن أبتعد عن أي موقف اجتماعي مما يخلق لي مشاكل، بينما إذا كنت وحيدا أشعر براحة نفسية واطمئنان داخلي، لكني لا أحب أن أكون هكذا، لأنني لم أختر أن أكون منعزلا عن البشر، بل شيء في داخلي هو الذي فرضه علي.
أنا لا أصلي في المسجد بسبب هذا المرض، إلا إذا كنت مع صديقي في الشارع فإني أذهب بدون مشكلة، لكن إذا كنت وحدي في المنزل فلا أقدر أن أذهب للمسجد، مع أني أحب الصلاة في المسجد، وأرغب كثيرا أن أواظب على الصلاة في المسجد، لكن ليس بيدي حيلة، ففي بعض المرات أفتح الباب وأحاول أن أذهب للمسجد، لكن أعود وأصلي في المنزل.
عندما أذاهب للشارع لأشتري شيئا للمنزل أو غيره، نادرا ما أذهب مشيا، فأنا دائما أستعمل دراجتي، لأنني أفكر أنه على الأقل لن يلاحظ الناس مشيتي، ولكن الإحساس بمراقبتهم لي لا يفارقني أبدا، أرغب دائما أن أبقى في المنزل، مع أني أحب الخروج.
أظن أنني أعاني أيضا من نقص الثقة في النفس، بل قطعا، لأنني في أغلب الأحيان أرى الغير أفضل مني، وأنا أقل منه، وأشياء أخرى لها علاقة بالثقة بالنفس، وأنتم المختصون، فأرجوكم أفيدوني.
كما قلت سابقا: لا أستطيع حتى أن أصف مقدار المعاناة بسبب هذا المرض، فقد سبب لي فشلا في حياتي ودراستي، حتى أنه سبب مشاكل مع عائلتي، إذ أن أغلبهم صاروا ينفرون مني لأنني لا أتواصل معهم، وحتى عندما يأتون للمنزل، غالبا ما أبقى صامتا، وإن تكلمت فإني أتكلم لثوان بشق الأنفس وبتوتر، وأبقى صامتا لساعات.
أرجوكم، أرجوكم أفيدوني، جزاكم الله خيرا، فقد مللت حقا من هذا المرض، وأبحث عن السعادة التي أريد الشعور بها -إن شاء الله- إن شفيت منه، فكلمة سعادة قليلة جدا لوصف ما سأشعر به، وأشكركم كثيرا على هذا الموقع، جعله الله في ميزان حسناتكم.
والسلام عليكم.