أعاني من الخوف بالإصابة بالأمراض المعدية إلى أن فقدت المتعة بالحياة

0 213

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بدأت معاناتي منذ سنوات المراهقة، حيث كان لدي ميول للبحث في كل ما يتعلق بالطب والأمراض وهو ما سبب لي ما يعرف بالوسواس من المرض، وبتعبير أكثر دقة الخوف من العدوى، وخاصة الأمراض الخطيرة (التهاب الكبد، السل...إلخ)، هذا الأمر تطور شيئا فشيئا مع مرور السنين، حيث امتد هذا الخوف ليشمل كل الأمراض الخطيرة تقريبا، وأصبح عقلي يذهب دوما إلى أسوأ الاحتمالات، فمثلا إذا أصبت بالحمى يمكن أن أفكر مباشرة بأنها بسبب التهاب السحايا أو فيروس آخر قاتل!

كانت هذه الوساوس تسبب لي الشعور بالتوتر والقلق، ولكن منذ سنة تقريبا أصبح الأمر يتعدى ذلك، وأصبحت أصاب بنوبات الهلع، في بادئ الأمر كانت تجربة قاسية، ولكن -بفضل الله- تمكنت من السيطرة على هذا الوضع، ولكن القلق والتوتر بقيا يلازمانني إلى غاية كتابة هذه الأسطر، منذ شهر تقريبا (بعد العيد بأيام) أصبت بشعور غريب، وكأن كل ما أراه غير واقعي أو كأنني أراه لأول مرة، هل هو اضطراب الآنية؟ لا أعلم، لكن بعدها وفي الأسبوعين الماضيين بدأت أفقد اللذة في كل شيء، لا أستمتع بأي شيء، وأكثر ما يقلقني هو فقداني التام للرغبة الجنسية، أصبحت أرى النساء والجدران نفس الشيء، حتى لو كانت أمامي أجملهن إطلاقا!

لا أرجو منك شفاء أخي، فالله هو وحده الشافي، ولكن قد تكون أنت السبب في الشفاء، وعليه أرجو منك أن تضع كل مكتسباتك وتجاربك في جواب قد ينير لي دربا أو يجد لي مخرجا.

فقط أضيف لك أنني عندما أصبت بنوبات الهلع زرت خطأ طبيبة للأمراض العقلية ظنا مني أنها طبيبة نفسانية، ورفضت مضادات الاكتئاب قطعا، إلا أنها أقنعتني بأخذ (sulpirid+kitille)، ولقد توقفت سريعا عن تناولهما.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ alpha حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك –أخي– من خلال مشاركتك هذه، وشكواك واضحة جدا، وأقول لك: أنت بالفعل لديك مخاوف مرضية، والخوف من الأمراض المعدية أمر شائع جدا، وهذه المخاوف دائما تتبع ما يمكن أن نسميه الموضة، أو ما هو دائر في خلد الناس، تجد فجأة تكون هنالك مخاوف ووساوس حول مرض الإيدز، ومرة حول مرض الـ (TB) وهكذا، أي مرض يظهر تجد المتخوفين يوسوسون حياله.

وبعد ذلك ظهرت لديك نوبة الهلع هذه، ثم شيء من اضطراب الأنية، ثم شيء من القلق الاكتئابي البسيط، وهذه الأمور متداخلة جدا مع بعضها البعض، والأصل وجوهر الموضوع أن شخصيتك تحمل سمات القلق، لذا أصبحت عرضة لقلق المخاوف الوسواسي، مع اكتئاب ثانوي بسيط جدا، أرجو أن يكون التشخيص واضحا بالنسبة لك، وهذا هو الأمر الضروري.

موضوع فقدان الرغبة الجنسية –أخي الكريم- : هذه كلها أمور طارئة وعارضة، ومؤقتة، وهي مرتبطة بالحالة المزاجية التي تعاني منها.

أخي الكريم: العلاج له أربع مكونات: العلاج الدوائي، والعلاج الاجتماعي، والعلاج السلوكي، والعلاج الديني.

أبدأ بالعلاج الإسلامي: -أخي الكريم- يجب أن تكون أكثر توكلا، وأن تعرف أنه لن يصيبك إلا ما كتب الله لك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، هذا بالنسبة للأمراض، وتضيف إلى ذلك: أن تتخذ التحوطات المعروفة، أن يكون غذاؤك متوازنا، صحيا، أن تحرص على تجنب أماكن العدوى، لكن ليس بوسواسية مطلقة، وتحرص على الصلاة في وقتها، واعلم أن أذكار الصباح والمساء ذات محتوى حافظ جدا -بإذن الله- للإنسان، بمعنى أنك تقرؤها بتيقن وتمعن وتفكر واستبصار واستنباط إيجابي تجد أنها بالفعل واقعية، وتبعث في نفسك طمأنينة كبيرة.

أما بالنسبة للعلاج النفسي السلوكي فيتمثل في التغيير الفكري المعرفي، بأن تحقر هذه الأفكار الوسواسية التي تعاني منها، وتستبدلها بأفكار بل تستبدلها بمشاعر جديدة وأفعال أكثر إيجابية. هذا هو العلاج السلوكي.

أما العلاج الاجتماعي فيتطلب منك أن تزيد من تواصلك الاجتماعي، أن تكون لك فعاليات أسرية، وفعاليات على مستوى مناسبات الناس، وأن تمارس الرياضة، وأن تسعى دائما لتطوير نفسك، وتنمي شخصيتك من الناحية الاجتماعية وكذلك الفكرية.

أما بالنسبة للعلاج الدوائي، فأخي الكريم: مضادات المخاوف متميزة لعلاج مثل هذه الحالات، وتخوفك من الأدوية النفسية تخوف مقدر، أنا أعرف الكثير من السلبيات تشاع حول الأدوية النفسية، هذا ليس كله صحيحا، الدواء إذا وصفه لك طبيب مقتدر ثقة فيجب أن تتناوله، وتناول الدواء في بعض الأحيان قد يصل لمرحلة الوجوب، لأن الأصل في الأمور استشهادنا بالحديث النبوي: (ما جعل الله من داء إلا جعل له دواء فتداووا عباد الله، علمه من علمه وجهله من جهله)، ولا شك أن المسلم يجب ألا يكون من الذين يجهلون الدواء، إنما يكون حصيفا ويأخذ بما هو مفيد، حيث إن الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها.

أخي الفاضل: أفضل دواء بالنسبة لك هو العقار الذي يعرف تجاريا باسم (سبرالكس)، ويعرف علميا باسم (استالوبرام)، دواء واحد، نظيف، غير إدماني، مفيد جدا لقلق المخاوف الوسواسي.

تبدأ في تناوله بجرعة خمسة مليجرام –أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام– تتناولها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك تجعلها حبة واحدة يوميا –أي عشرة مليجرام– لمدة شهر، ثم ترفع الجرعة إلى عشرين مليجراما يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى عشرة مليجرام يوميا لمدة شهرين، ثم خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناوله.

هذا دواء رائع –كما ذكرت لك– غير إدماني، وليس له أي مشاكل، فقط ربما يزيد الوزن قليلا لبعض الناس، وعند البعض هذا لا يحدث. أسأل الله أن ينفعك به.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات