العادة السرية تسيطر على حياتي وتفكيري ولا أستطيع الزواج!

0 181

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عمري 26 عاما، مدمن على العادة السرية منذ مدة طويلة، وكلما حاولت التوقف أعود لها من جديد، فقدت الأمل في تركها، مشكلتي بأنها أصبحت شغلي الشاغل، أقوم بالاتصال الجنسي بنفسي، وفقدت السيطرة على رغبتي، أمارس العادة السرية أربع مرات أو أكثر يوميا، ولا أشعر بالشبع، لدي رغبة شديدة وملحة بالاتصال الجنسي، وأقول بنفسي أن الله لم يكتب لي الزواج.

تعبت من وضعي الحالي، ولا أريد الزنا، وأنا أصلي وملتزم ولكنني فقدت الثقة في نفسي، وأشعر بأن صلاتي غير مقبولة بسبب العادة والأفكار التي أمارسها، لا أدري ماذا أفعل، كل الحلول قمت بها من دعاء وصوم، ولكن لا نتيجة، كل هذه الأمور لم تكبح جماح شهوتي، لا شيء سوى الزواج، وأنا لا أستطيع الزواج، أريد حلا، أي شيء حتى لو كان علاجا.

آسف على الإطالة، وبانتظار إجابتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك وأشكر لك تواصلك مع الموقع, وحرصك على حل مشكلاتك الدينية والاجتماعية بما يوافق الشرع ويرضي الرب, ولا شك أن هذا بداية الحل والتوفيق، لأن إدراكك لخطئك، وحرصك على التخلص من مشكلتك دليل على حسن دينك وأخلاقك وتربيتك, فما دمت في المحاولة فكما يقال في الحكم المأثورة: (إن الضربات التي لا تقصم الظهر تقويه), (والضربات القوية قد تهشم الزجاج لكنها تصقل الحديد), (وكلما كان السقوط أقوى كان الارتداد أعلى), وستثبت لك الأيـام أن دعوى العجز والإدمان مجرد وساوس وأكاذيب وأوهام.

-بخصوص مشكلتك, فالذي يظهر لي عدم حاجتك إلى حلول علمية لاطلاعك عليها غالبا, وعليه فإن الأهم في العلاج هو تعميق الثقة بالرب سبحانه, وعدم اليأس والقنوط من رحمته, واستمداد العون منه، والتوكل عليه، وعدم توهم الضعف والعجز, وعدم المبالغة في الشعور بالذنب والمعصية والبعد عن الله تعالى وعن رحمته, فإن (الله أرحم بعبده من الوالدة بولدها) كما في الحديث, وهو القائل سبحانه: {ورحمتي وسعت كل شيء}، والقائل جل جلاله: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم}، ومعاودة التوبة كلما وقع الخطأ: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون}.

والتأكيد على ضرورة تنمية الإيمان بالطاعة والذكر ومجاهدة النفس على أداء الصلوات في المساجد, والاستمرار في المحافظة على أذكار الصباح والمساء, وقراءة القرآن لا سيما سورة البقرة يوميا، وسور الإخلاص والمعوذتين, فابدأ يومك بالأذكار وقراءة القرآن, ففيهما الراحة والاطمئنان, واستمداد عون الرحمن، لقوله: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}, واللجوء إلى الله تعالى بكثرة الدعاء متحريا أوقات الإجابة, ومن أحسن الأدعية: (اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)، (اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى)، (اللهم اغنني بحلالك عن حرامك, وبطاعتك عن معصيتك, وبفضلك عمن سواك), والاستعاذة بالله من وساوس وخطرات الشيطان الرجيم: {وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون}.

ومن المهم ضرورة تيقنك بأن هذه العادة ضارة نفسيا وجسديا, وهي تقلل من ثقتك وتضعف طاقتك وتجعلك كالأسير المعزول عن نفسه وعن المجتمع, مما يقوي عزيمتك على ترك هذه العادة, وإن التوقف عنها يحسن من قدراتك وإنتاجك وعطائك ونشاطك وحيويتك, فالنجاح في التخلص من هذه العادة يدفع إيجابيا بنفسيتك بصورة ظاهرة, ويحسن من تركيزك وإدراكك وتفكيرك وحماسك وثقتك بنفسك مع عامل الزمن, وسيشعرك بقوتك الذاتية وبحريتك, ويخلصك من الشعور فيما تشكوه الآن من الشعور بالذنب وتأنيب الضمير، والشعور بالندم والحسرة, كما أن التمادي فيها قد يؤدي تدريجيا إلى ضعف حواجز الدين والأخلاق وزوال الحياء والعفة، كالجرأة في النظر إلى العورات، وملاحقة الفتيات، ومشاهدة الأفلام الإباحية، وكثيرا ما يؤدي إلى الوقوع في الفواحش وإفشال العلاقة الزوجية.

ومن المهم جدا الابتعاد عن الوسائل المؤدية إليها، كالمشاهدة أو التفكير في الأمور الجنسية، واستماع الأغاني والموسيقى وأصدقاء السوء, وفي المقابل ضرورة شغل فراغك بما يعود عليك بالمنفعة والفائدة في دينك ودنياك، بمتابعة دروسك والمحاضرات والبرامج المفيدة, وضرورة البعد عن العزلة، والحرص على لزوم الصحبة الطيبة، وفي الحديث: (إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية)، أي البعيدة الوحيدة, وممارسة الرياضة، والاشتراك في ناد رياضي ما أمكن.

"إن الشباب والفراغ والجدة ** مفسدة للمرء أي مفسدة"

حسن الظن بالله، والثقة بالنفس، ورفض كل أوهام اليأس والقنوط والإحباط, وتكرار محاولة الترك، والابتعاد عن هذه العادة، والتي ستحرمك الشعور بالراحة والسعادة والاطمئنان النفسي, فاعلم أن الوساوس من القدرة على النجاح لا حقيقة لها, كما وهي مؤقتة، لن تدوم طويلا -بإذن الله-، وإنما تحتاج لعوامل التحلي بالشجاعة، ومرور الزمن وتعزيز الثقة فحسب، لقوله: {ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين}, فاطرح مخاوفك جانبا, وتغلب على شكوكك واطرد الأفكار السلبية، وصف ذهنك، وتحرر من القلق والشعور بالضعف, ومارس هواياتك المحببة لديك، بالرياضة والقراءة، وادخل في تنافس مع نفسك ومع غيرك, فاستعن بربك وتوكل عليه وتيقن بقدرتك على النجاح وتحقيق غاياتك وأهدافك النبيلة والجميلة، قال الرسول: (فإن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف.. احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز)، [رواه مسلم].

ضرورة الاقتناع والتيقن أن القرار بيدك بعد عون الله وتوفيقه، والثقة بأنك شاب حر قوي غير ضعيف ولا عاجز, والمهم في تحقيق الإيمان والتوكل, والبدء الفوري بالتنفيذ في الإقلاع بصورة فورية وحازمة بعد استمداد العون والتوفيق من الله تعالى؛ مما يستلزم ضرورة تعزيز الثقة بالنفس في القدرة على التخلص من هذه العادة, وكون ذلك أمرا سهلا غير مستحيل, وأن توهم الإدمان حالة نفسية كاذبة يمكن تكذيبها بالإرادة والإيمان والوعي والإحساس بالفاعلية؛ بدليل نجاح الكثيرين في الإقلاع عنها رغم اعتيادهم لها حد الإدمان الزائد والهوس, فالإرادة القوية تحتاج إلى صلابة وصلادة لا تعرف المستحيل ولا تعترف بالفشل, فاحرص على استفزاز واستخراج الأسد الرابض من داخلك, وأما دعوى أننا (لا نملك الإرادة على التغيير) فهي عبارة يتوارى ويختبئ خلفها العاجزون كما يقال, فالإرادة هي الخطوة الأولى في طريق النجاح ومواجهة كل التحديات والعقبات, وإن الاعتياد على الصبر لله تعالى يجعل للأمور حلاوة ومتعة وسهولة وبركة, فلا تستسلم عند بداية أول أو منتصف أو آخر الطريق, ولا تسمح لوساوس النفس الأمارة والهوى والشيطان من تشكيل عائق أو حائط أمامك, فتحل بالعزيمة والإصرار والمثابرة.

ينبغي لك –أخي الحبيب– المبادرة إلى الزواج دون قلق أو رهبة أو تردد، فأنت ولا شك بطبيعة تدينك ورجولتك قادر على بناء وتكوين الأسرة المسلمة والسعيدة, وهو أسهل وأفضل السبل للتخلص من مشكلتك, مما يستلزم منك ضرورة البحث عن عمل لا يتعارض مع دراستك إذا وجدت, وتوفير المال الحلال لذلك.

أسأل الله تعالى أن يفرج همك ويشرح صدرك وييسر أمرك, ويمن عليك بالثبات على الدين والهداية إلى الصراط المستقيم, والتوبة الصادقة والنصوح والإرادة الجازمة, ويرزقك الزوجة الصالحة والصحبة الناصحة, وأن يوفقك إلى يحب ويرضى, ويسعدك في الآخرة والأولى.

مواد ذات صلة

الاستشارات