السؤال
السلام عليكم
أنا منطو اجتماعيا، ولا أحب التجمعات، لدرجة أني لا أملك أصدقاء، ومع هذا كله كانت حياتي عادية، في السنتين الأخيرتين أصابتني حالات من الذعر والخوف والهلع، أصبحت أخاف من كل شيء، خصوصا الأماكن المظلمة أو الجلوس وحدي في البيت، وعند النوم كنت أستفيق في الليل مع رعشة قوية، ولا أستطيع العودة للنوم.
قمت بالرقية لكن لا شيء يوجد! حتى ضغط الدم والسكر جيد، وأحس بالشرود الذهني، والأفكار السلبية والتشاؤم، وعند الضحك تنقلب حالتي، وأقول: إن هذا الضحك سيحدث شيئا خطيرا أو غير جيد، وعند سقوط شيء ويكسر أقول ستحدث مصيبة، وهذا فأل شر!
زادت حالتي بالوسواس لدرجة أني منعت إخوتي وأمي من السفر خوفا من وقوع حادث أو أن يحدث لهم شيء، فقررت أن أغتسل وأعود للصلاة، لكن في الحمام أصابني خوف، وأحسست بخفقان قوي في القلب مع اختناق، وأحسست أني سأموت، لكني أكملت الاغتسال، وعند الصلاة أكملت الركعة الأولى، وفي الركعة الثانية لم أستطع الإكمال أحسست بقلبي سيتوقف واختنقت؛ فتوقفت عن الصلاة، وخرجت مسرعا لأتمشى، وصرت ضائعا ومحتارا، هل سأكمل حياتي هكذا؟
أرجوكم أنصحوني، ماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك - أخي الكريم - في الشبكة الإسلامية، وأقول لك: بالفعل التجربة التي مررت بها، ومن خلال وصفك الواضح بذاته هي تجربة شديدة نسبيا، وليست سهلة من الناحية النفسية، لكنها ليست خطيرة، هذا أؤكده لك تماما، هي بسيطة جدا، والذي حدث لك هو بالفعل نوبات هلع أو فزع وقلق، وهي حالة نفسية يحدث فيها نوع من القلق النفسي المركب والذي يأتي دون أي مقدمات في أغلب الأحيان، وتتخلله أعراض نفسية وأعراض جسدية.
الأعراض النفسية تتمثل في الخوف الشديد والقلق والتوتر والوسوسة، والشعور كأن المنية قد قربت أو دنت في بعض الأحيان، والأعراض الجسدية تتفاوت من إنسان لآخر، أهمها: تسارع ضربات القلب، والشعور بخفة الرأس، والشعور أيضا بفقد السيطرة على الموقف، وحتى على وظائف الجسد.
عموما أنا قصدت أن أشرح لك وأفصل لك حتى تعرف طبيعة حالتك، ولديك بعض التفسيرات والتأويلات الوسواسية، هذا الذي تحدثت عنه من تغير في أفكارك هي وسوسة، فلا تلتفت لها، ولن يحدث لك أي مكروه، ولن تحدث مصيبة إن شاء الله تعالى، هذا كله من الفكر الوسواسي.
الشرود الذهني وضعف التركيز طبعا ناتج من القلق الذي هو المكون الرئيسي للفزع.
أخي الكريم: أنت ذكرت في بداية رسالتك أن لديك شيئا من الانطوائية، وأحسب أن لديك الكثير من الحياء أيضا، وهذا ربما يكون جعلك عرضة لهذه النوبات القلقية والفزعية التي تتخللها الوساوس وشيء من عسر المزاج.
العلاج: إذا كان بالإمكان أن تذهب وتقابل طبيبا نفسيا فهذا هو الأمر الجيد والأفضل، وإذا لم يكن ذلك ممكنا؛ فنحن من خلال الشبكة الإسلامية نوجه ببعض الإرشادات السلوكية التي نحسبها مفيدة ومفيدة جدا إذا طبقها الإنسان.
أهم إرشاد سلوكي هو: أن تتجاهل هذه الأفكار، وأنت عرفت طبيعتها من خلال شرحنا، ولن يصيبك مكروه أبدا.
الأمر الثاني هو: أن تشغل نفسك، لا تترك مجالا للفراغ الذهني أو الفراغ الزمني، كلاهما مشكلة كبيرة جدا، ومن يدير وقته بصورة ممتازة يكون فعالا، واعلم - يا أخي - هنالك الكثير الذي يمكن أن يقوم به الإنسان، الزمن يتسارع والواجبات أكثر من الأوقات، فحاول أن تستفيد من وقتك وتديره بصورة جيدة، هذا يصرف انتباهك إن شاء الله تعالى من هذه الأعراض.
ممارسة التمارين الرياضية بصورة منتظمة وجدناه أيضا مفيدا جدا. التواصل الاجتماعي الإيجابي، ونقصد بذلك الحرص على الصلاة مع الجماعة في المسجد، هذا تواصل اجتماعي عظيم، وكلمة اجتماعي هنا أقصد بها اللقاء الذي يحدث، وهو لقاء تعبدي جماعي، قطعا الهدف الأول منه هذه العبادة العظيمة مع الجماعة، وتأتيك المنافع الأخرى، وهي التواصل الاجتماعي.
أنا نصحتك بالرياضة، ويا حبذا لو كانت رياضة جماعية، هذا يعود عليك بخير كثير جدا.
هنالك تمارين الاسترخاء، وإسلام ويب لديها استشارة تحت رقم (2136015) يمكنك أن ترجع لها وتستفيد من التوجيهات والتطبيقات السلوكية الموجودة بها.
أخي الكريم: بقي أن أقول لك إنك محتاج لعلاج دوائي، من أفضل الأدوية التي سوف تفيدك عقار يعرف باسم (سبرالكس)، واسمه العلمي (استالوبرام)، جرعته هي أن تبدأ بخمسة ملجم -أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة ملجم- تتناولها يوميا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة كاملة (عشرة ملجم) يوميا لمدة شهر، ثم عشرين مليجراما لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى عشرة ملجم يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم إلى خمسة ملجم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
نسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.